قصة جرائم العلاج النفسي

الكاتب: رامي -
قصة جرائم العلاج النفسي
"يمر العديد منا بتجارب قاسية ، قد يتحملها البعض ، وقد لا يتحملها آخرون ، وتترك في أرواحهم ونفسوهم ، ندوبًا لا تلتئم أبدًا .

ونتيجة لما قد يمر به أغلب البشر من أحداث قاسية ، قد يدخل المريض في دائرة غير منتهية من الأمراض النفسية ، التي قد تستدعي احتجازه داخل إحدى المصحات ، لتلقي العلاج وتجاوز تلك الاضطرابات التي يمر بها .

وللعلاج النفسي طرق عدة ، منها ما هو مباح ومصرّح به على مستوى العالم ، ومنها ما هو بشع وقاس ، ولا يتم للإنسانية بصلة ، وتقوم به العديد من لمراكز التأهيلية غير المرخصة ، من أجل جنيّ المال فقط .

قبل الحديث عن إحدي طرق العلاج النفسي الأكثر بشاعة ، وقصة تداولها وانتقالها وانتشارها ، من مكان إلى آخر ، يجب أن نعلم سريعًا كيفية تكوين المخ ؛ يتكون المخ من عددٍ من الفصوص ، ونختص بالذكر والحديث هنا الفص الأمامي أو الفص الجبهي ، وهو يوجد في مقدمة الرأس أو الجمجمة .

ويٌعد هذا الفص هو المسئول الأول عن السلوك ، والشعور ، والذكريات ، والعاطفة ، والأفكار ؛ أي أنه هو المسئول الأكبر عما يختص بتكوين شخصية الإنسان المعنوية .

في أحد الأيام وأثناء إحدى جلسات العلاج النفسي بالصدمات الكهربية ، وأحواض الثلج الباردة ، لأحد المرضى بمصحة عقلية للمرضى النفسيين ، تحت إشراف طبيب يٌدعى جون فولتن ، والذي لمعت في رأسه فكرة جديدة للعلاج أثناء مراقبته للمرضى ، فاقترح مع طبيب آخر داخل المشفى أن يشاركه فكرته ؛ التي تمحورت حول قتل الجزء الأمامي من المخ ، أي تدمير الفص الجبهي المسئول عن الأفطار والشعور ، معتقدًا أنه بذلك سوف يقضي على المشاعر السيئة التي تسببت في سوء حالة المريض النفسية .

بالفعل قام الطبيبان بتنفيذ الفكرة ، وبدؤا في تجربتها على القردة ، وذلك بإحداث شق صغير داخل جبهة القرد ، ثم إدخال عصا رفيعة تحتوي على الكحول الذي ثبت أنه يقضي على خلايا المخ .

وفي عام 1935م ، لجأ طبيب برتغالي الجنسية يٌدعى “أنطونيو مونيز” ، إلى طريقة تدمير الفصالجبهي ، للمرضى النفسيين ، وشرع في استخدام تلك الطريقة لمرضى الشيزوفرنيا ، والاضطراب ثنائي القطب ، والوسواس القهري وغيرها من الأمراض النفسية القوية .

لما تتعد التجارب الأولى للطبيب جون ، الاختبارات التي أجريت على القردة ، وأقر الطبيب أنها قد لا تصلح للبشر ، ولكن الطبيب مونيز ، قرر أن يلجأ إليها مستخدمًا لها على البشر ، فكانت أولى ضحايا الطبيب مونيز ، مريضة بالوسواس القهري ، أخضعها مونيز للعلاج ؛ بأن قام بوضعها حية بدون تخدير ، وأحدث شق في جانب جمجمتها ، ثم قام بإدخال إبرة رفيعة مليئة بالكحول إلى الفص الجبهي من أجل تدمير خلاياه ، أعقب ذلك إدخال إبرة صغيرة معقوفة ، قام باستخدامها لقطع كافة الوصلات العصبية التي تفصل الفص الجبهي الأمامي عن باقي خلايا المخ .

هل لقيت المريضة حتفها ؟ لا ، ظلت المريضة لمدة عشرة أسابيع متتالية لا تعاني من أية أعراض للوسواس القهري ، مما شجع الطبيب مونيز على استكمال تجاربه لسبعة مرضى آخرون .

وبحلول عام 1936م ، كان الطبيب مونيز قد أجرى تجاربه لشخص مريضًا لديه داخل مشفاهالخاص ، ولكنه ظل محتفظًا بمرضاه داخل المشفى لفترة طويلة ، ورغم اعتراض العديد على تلك الطريقة البشعة ، إلا أن مونيز قد حصل على جائزة نوبل ، في مقابل تلك التجارب الناجحة ظاهريًا ، ثم اختفى بعد ذلك .

ظلت التجارب قائمة ، وتبناها مرة أخرى ، طبيب آخر يُدعى والتر فريمان ، هذا الطبيب الذي أراد أن يحقق سبقًا آخر ، وأن يٌعرف كمطوّر لعلاج المرضى النفسيين ، فماذا فعل فريمان ؟ ، قام فريمان باختراع عصا صغيرة ودقيقة للغاية ؛ هدفها ألا يلجأ الطبيب لعمل ثقب في جانب رأس المريض ، أو جمجمته .

ولكن يمكن إدخال العصا من محجر العين نفسه ، مع الطرق عليه بأداة تشبه الشاكوش أو المطرقة ، فتدخل لعصا إلى الفص الجبهي ويبدأ الطبيب بتحريكها يمنًا ويسارًا ، من أجل قطع كافة الخلايا التي تصل الفص الجبهي بالمخ ، وبالطبع لا يخضع المريض للتخدير في كل مرة !!

وعلى مدار السنوات التالية ، كان الطبيب فريمان قد أجرى أكثر من ثلاثة آلاف جراحة لمرضاه ، المسجونين داخل مصحته الخاصة بدعوى علاجهم ، ولكن هل شفى المرضى بالفعل ؟

لم تحقق تلك الطريقة غير الآدمية أي نوع من الشفاء للمرضى ، بداية من مونيز وحتى والتر ، وكافة الأطباء ممن استخدموا تلك الطريقة فيما بعد ؛ فالجانب المظلم والخفيّ في هذا الأمر ، أن المرضى كانت تختفي لديهم الأعراض الظاهرية للمرض .

ولكن مع ظهور أعراض أخرى تجعل المريض النفسي ، يشبه ما يُعرف بالزومبي ؛ حيث يتحرك المريض بشكلٍ عشوائيّ ، دون تحديد اتجاهه ، فبعضهم جلس صامتًا لأسابيع ، ثم تحدثوا بلغات غير مفهومة ، وقاموا بانتحار بعدها ، ومنهم من قتل زملاء له بالمشفى عقب تصرفات عشوائية غير محكمة .

وبلغ عدد المنتحرون من المرضى الذين خضعوا لتلك العمليات غير الآدمية ، ما يقارب 90% منهم ،وكان مصير من بقي منهم على قيد الحياة ، أن خضع مرة أخرى للعلاج بالصدمات الكهربية .

جدير بالذكر ، أن هذا النوع من العمليات غير الآدمية قد أدت لمقتل حوالي خمسون ألف مريض نفسي ، داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط ، إلى أن تم منعها تمامًا على مستوى العالم في عام 1970م . ولكن هل توقفت تلك العمليات بالفعل ؟

حاليًا في عام 2017م ، يتم إجراء تلك العمليات بواسطة أطباء ضعاف النفوس ، بالمصحات غيرالمرخصة ، وذلك بالنسبة للمرضى فاقدي الأهلية .

"
شارك المقالة:
61 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook