قصة حوريات الغابة

الكاتب: رامي -
قصة حوريات الغابة
على قمة أحد الجبال ويدعى جبل لوشان ، وفي سفحه ينبوع عين الجنيات ، وقعت أحداث قصتنا ، حيث كان يعيش على قمة هذا الجبل غزال صغير مخلوق من حجر اليشب الكريم ، وحيث كان الناس يعيشون عند سفح هذا الجبل ، كانوا يسمعون خطوات أقدام الغزال اليشبي على الأرض ، فيعلمون أنه هو وأنه لا يظهر أيضًا سوى لمن هم ، في قلوبهم صفاء ومودة وحب خالص للغير .

وعند سفح الجبل حيث تقع القرية الصغيرة ، كان هناك رجل شحيح للغاية ، صاحب إحدى المزارع أصلع ذو كرش كبير ، كان يعمل لديه المزارعون بالسخرة ، ويستغلهم بشدة طوال الوقت ، ولا يكاد يلقي لهم سوى بالفتات ، مما دفع السكان بالقرية إلى تسميته بالسلاّخ ، نسبة إلى انعدام الرحمة في قلبه .

وكان يعمل في مزرعة هذا السلاخ ، شاب صغير يدعى تشانغ تشو ، طيب القلب ووسيم الطلعة ، أمين لا تكد ترى في أمانته شخص آخر ، ويساعد الغير بلا حساب ودون انتظار مقابل من أي شخص ، وكان عمله يقتضي الصعود عند أعلى الجبل ، لجمع ما يستطع من العيدان اليابسة ، التي يظل يبحث عنها طيلة اليوم ، ولايعود سوى مع حلول الظلام ، حاملاً ما استطاع أن يلقاه من عيدان .

وفي أحد الأيام صعد تشانغ إلى قمة الجبل ، ولكن أخذه الوقت فلم يستطع العودة سوى بعد حلول الظلام ، وأثناء نزوله وقعت عينه على شيء ملقى بالأرض ، إلى جوار عين الجنيّات فأخذ يتفحصه ، فإذا به دبوس فضي لامع ، أخذ تشانغ يتلفت حوله علّه يجد صاحب الدبوس  ، ولكن لم يجد أحدًا فوضعه في سرّته ، وقال لسوف أجد صاحبه بالغد .

في اليوم التالي تأخر تشانغ في العمل أيضًا ، ثم قبع ينظر حوله علّه يجد صاحب الدبوس ، ولكن لا أحد قد ظهر ، فهم تشانغ بالرحيل وحمل العيدان التي جمعها طوال اليوم ، وأثناء نزوله لمح ضوء باهرًا يسير نحوه ، أي جمال هذا الذي يتقدم ببطء نحوه .

فإذا بها حورية جميلة للغاية ، أتت إليه وأخبرته أن الدبوس ملك لها ، ذهل تشانغ وظل واقفًا مشدوهًا لا يدري ما يقل ، فقد تلجم لسانه فور وقوع عينيه على حسنها الفتّان ، ثم مد يده إليها بالدبوس وطلب منها أن يراها مرة أخرى ، فابتسمت الحورية وغابت لتختفي على ضوء القمر .

في اليوم التالي صعد تشانغ وظل ينتظر للمساء عقب انتها عمله ، علّه يرى الحورية مرة أخرى ، ولكن دون جدوى  فجلس يأكل طعامه المكون من بعض الكعكات ، ولكنه عندما فتح سرّته ليتناول الطعام ، لم يجد شيئًا منه! جلس تشانغ يتلفت حوله ، لا أحد غيره بالمكان فمن يا ترى تجرأ على طعامه ؟

تكرر الأمر عدة أيام متتالية ، فأصر تشانغ أن يترقب من يتناول طعامه وبالفعل عقب انتهاء عمله ، صعد تشانغ أعلى قمة شجرة ليراقب من خلالها هذا اللص ، فإذا به يسمع أصوات خطى على الأرض ، فرفع عينه فإذا به الغزال اليشبي هو من يأكل الكعكات ، هنا هبط إليه تشانغ وقال له لائمًا أنت تأكل طعامي ، وأبيت أنا كل ليلة دون أكل ، فقال له الغزال اليشبي سوف أعوضك أفضل منه ، وأزوجك اختر من أردت من الحور وزوجتك إياها .

قال له تشانغ كيف أتزوج وأنا أكاد أتناول طعامي ليلة وليلة ، فقال له الغزال اختر من شئت من الحوريات وسوف تتكفل هي بنفسها وبك أيضًا وسوف تنعم بلاشك ، هنا توارد إلى ذهن تشانغ تلك الحورية الجميلة التي رآها ، فسأل الغزال ماذا أفعل ، قال له انتظر عندما يكتمل القمر في السماء ، واذهب إلى ينبوع الجنيات ففيه تستحم الحوريات ، ومن تعجبك منهن اسرق ثيابها فلا تستطيع العودة للسماء هكذا ، ثم تصير زوجتك حينها .

بالفعل انتظر تشانغ بالقرب من الينبوع حتى ظهرت الحوريات ، وبدأ يراهن يهبطن الواحدة تلو الأخرى ، وهنا ظل تشانغ يبحث عن حوريته التي ظل يحلم بها كل ليلة ، وكاد أن يفقد الأمل لولا أن هبطت حوريته بدبوسها الفضي المميز ، فانتظرها تشانغ حتى نزلت ورسق ثيابها ، ولكن ما لبث أن انطلق حتى سمع صوت رقيق يهتف له بأن ينتظر ، فاستدار ليراها تنظر إليه باسمة ، وتقول له لما تهرب ألسنا أصدقاء ، ثم اقتربت منه وقالت له أنها سوف تتزوجه طالما سرق ثيابها .

عاش الزوجان حياة سعيدة ، وأصبح تشانغ تاجرًا يبيع أفضل أنواع الأقمشة التي تنسجها حوريته من خيوط حريرية ، ليس لها مثيل على الأرض ، ويفضلها الناس عن غيرها ، فباع منها كل ما تم صنعه ، ورفل الزوجان في سعادة .

شارك المقالة:
83 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook