قصة ذو القرنين

الكاتب: رامي -
قصة ذو القرنين
"ورد ذكر ذي القرنين بالقرآن الكريم في سورة الكهف ؛ حيث قال المولى عزوجل { وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا} سورة الكهف .

لم يُخبر القرآن الكريم مَن يكون بالضبط ذو القرنين ؛ ولكنه أخبر بأنه رجل صالح كان مؤمنًا بالله سبحانه وتعالى ؛ وكان عنده يقين في البعث والحساب ؛ لذلك مَكن الله له في الأرض ووهبه المُلك والقوة .

أعدّ ذو القرنين جيشًا وبدأ رحلته في الأرض داعيًا إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالي ؛ فذهب إلى الأرض التي تبدو فيها الشمس وكأنها تغيب من خلفه ؛ وقيل أنها ربما تكون شاطئ المحيط الأطلسي ؛ حيث كان يعتقد الناس أنه لا توجد يابسة وراء ذلك المحيط ؛ ولكن الله أوحى إلى ذي القرنين أنه سيكون ملكًا على تلك الأرض وإما يُحسن إلى أهلها أو يعذبهم .

وضع الملك منهجًا مُحددًا في حكمه ؛ حيث أعلن أنه سيعاقب الظالمين في الدنيا بما يستحقونه أما حسابهم يوم القيامة فسيتولاه الله سبحانه وتعالى ؛ كما سيُحسن إلى المؤمنين بقدر استطاعته وسيكافئهم الله جزاء إيمانهم يوم القيامة .

اتجه ذو القرنين إلى الشرق بعد أن انتهى من أمور الحكم بالغرب ؛ فوصل إلى أول منطقة تُشرق عليها الشمس ؛ وكانت تلك المنطقة عبارة عن أرض مكشوفة لا يوجد بها أي مرتفعات أو أشجار لتحجب أشعة الشمس ، وهناك حكم بنفس المنهج الذي حكم به في الغرب .

أثناء تجوال الملك في البلاد ؛ وصل إلى قوم يعيشون في مكان بين جبلين موجود بينهما فجوة ؛ وطلبوا منه بلغتهم الغريبة أن يبني لهم سدًا في تلك الفجوة ليحميهم من يأجوج ومأجوج مقابل أن يدفعوا له خراج من المال .

وافق ذو القرنين على طلبهم ؛ ولكنه لم يقبل أموالهم واكتفي بطلب مساعدتهم فقط في سد تلك الفجوة ؛ وذلك ورد في الآيات الكريمة في قوله تعالى {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا } سورة الكهف

استخدم ذو القرنين تقنية هندسية لسد تلك الفجوة ؛ حيث وضع قطع الحديد بين الجبلين ثم قام بصب النحاس المصهور فوقه ليتماسك مع الحديد ؛ وبذلك قام بحماية هؤلاء الضعفاء من بطش يأجوج ومأجوج ؛ وحينما انتهى ذو القرنين من بناء السد ظلّ يحمد الله على نعمه ؛ فلم يغتر بنفسه أو بعمله ؛ لأنه كان مؤمنًا أن الله سبحانه وتعالى هو مَن أعانه على هذا العمل .

كان ذو القرنين مثالًا للملك العادل المؤمن الذي لم يتجبر أو يتكبر ؛ لذلك ضرب به الله سبحانه وتعالى المثل في القرآن الكريم ليوضح الصورة المشرقة للملك العادل الذي يسعى لإرضاء المولى عزوجل ؛ فلا يظلم ولا يتعالى ؛ ليرضى عنه الله سبحانه وتعالى ؛ فينال على أعماله خير الجزاء في الدارين ؛ الدنيا والآخرة .

"
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook