قصة رؤوس الموكو

الكاتب: رامي -
قصة رؤوس الموكو
"نيوزلاندا ، تلك البقعة الساحرة ومجموعة الجزر المترامية ، بالقرب من استراليا ، فهي بقعة فريدة من نوعها ، حيث تتميز بالهدوء والسكينة ، وتُعد نيوزلاندا من أكثر الدول ، سعادة على مستوى العالم. ولكن ، التاريخ لا يظل على حالٍ واحد ، دون تغيير  فهذه البقعة الهادئة والساحرة ، لم تكن كذلك خلال القرون المنصرمة ، فقد شهدت أحداث عدة شكلت ثقافة سكانها ، وجعلت لهم تاريخًا غريبًا.

البداية ..
كان يُطلق على سكان نيوزلاندا اسم قبائل الماوري ، وكان اللقاء الأول بين الماوري والأوربيون المستكشفون غير وديًا على الإطلاق ، حيث وصلت سفينة أوروبية تُدعى تاسمن إلى سواحل نيوزلاندا ، وأرسلت بعض الجنود من أجل إحضار المياه العذبة ، ولكن سكان الماوري باغتوهم ، وقتلوا عدد منهم وطاردوا الباقين إلى السفينة ، ولكن ربان السفينة أطلقوا النار على الماوري ، ومن هنا جاءت تسمية هذا الخليج ، بخليج القتلة .

الرؤوس الموشومة ..
جدير بالذكر ، أن مجتمع قبائل الماوري ، قد تميزوا بالعنصرية الفائقة ، فقد كانوا يقسمون السكان إلى زعماء ، وجنود ، ومحاربين ، وعبيد ، وكان يحق للزعماء فقط الحصول على وشوم ، مميزة تُدعى موكو ؛ وتلك الوشوم عبارة عن خطوط يتم رسمها على الوجه بالكامل ، ولكن ليست خطوط ساذجة يتم رسمها بعناية فقط ، وإنما خطوط مميزة ، تشير إلى القبيلة التي ينتمي لها الزعيم ، والمعارك التي خاضها ، وبسالته في الحروب .

فكان الشخص الذي يملك تلك الخطوط ، يعبر بها مثل جواز السفر ، داخل وخارج الجزيرة ، وكان لتلك الخطوط قيمتها العالية ، ولم يكن يُسمح للنساء بوشم وجوههن ، عدا زوجات وبنات الزعماء ، فكان يُسمح لهن وشم الجزء السفلي من الوجه ، حتى تتميز السيدة ، وتُعرف إلى أي قبيلة تنتمي تلك المرأة .

كانت من عادات قبائل الماوري ، أنه إذا ما مات الشخص الموشوم ، تم قطع رأسه والاحتفاظ بها ، وتحنيطها ثم إخراجها في المناسبات ، من أجل الافتخار به وبنسبه وانتمائه للقبيلة ، وكانت للماوري طريقة مميزة جدًا في الاحتفاظ بالرؤوس ، حيث كان يتم تفريغ الرأس من العينين والدماغ ، ثم يتم لصقها بالصمغ ، وسد الفتحات بالأربطة أيضًا ، ثم يوضع الرأس في قدور ، تغلي لعدد متواصل من الساعات ، ويتم تجفيف الرأس بعد ذلك بوضعها في دخان ، قدر يغلي على نار ، ثم وضعها في الشمس حتى تجف تمامًا ، يلي ذلك دهان الرأس بزيت سمك القرش .

وكانت تلك الطريقة أكثر حفاظًا على ملامح الشخص ، من أية طريقة أخرى ، وكانت الرؤوس المحنطة ، تُدعى موكوموكايا ، وهي ذات قيمة كبيرة جدًا لأفراد القبيلة ، التي مات لها أحد الأفراد الموشومين ، وفي المقابل ، كان يتم الاحتفاظ أيضًا برؤوس الأعداء ، فليس المنتمون للقبائل وحدهم ذوو القيمة ، فقد كانت تحنط رؤوس الأعداء ، بنفس الطريقة ، ولكن لا تخرج للاحتفاء بها مثل من ينتمون لهم ، وإنما يخرجونها للسخرية منها.

رؤوس ذات قيمة ..
لاحظ سكان الماوري ، شغف الأوربيون الشديد لاقتناء الرؤوس المحنطة ، وكانوا يعرضون عليهم المال ، ولكن الماوري لم يكونوا بحاجة إلى المال ، قدر احتياجهم للأسلحة المتطورة ، التي يحملها الأوربيون ، من أجل الزعامة القبلية ، فبات الأمر شديد الصعوبة ، حيث انحصرت الرؤوس التي تم تحنيطها ، وليس من السهل الحصول على رأس محنط لزعيم قبيلة!

فاتفق العديد من الماوري ، على قتل المساجين ، والأسرى لديهم وتقديم رؤوسهم للزائر ، الأوربي الذي يرغب في الحصول عليها ، مقابل السلاح ، وقد وصل الأمر بالماوري أنهم يذهبوا ، يجرون الأسرى لديهم ، تحت أقدام الزائر الأوربي ، ويجعله ينتقي من بينهم الرأس التي يرغب في الحصول عليها ، ثم يذهب ليقطعها ويحنطها ، ويأتيه بها في مقابل غايته.

وبحلول عام 1831م ، تم حظر بيع الرؤوس الموشومة ، وتوقف قطع الرؤوس لسنوات عدة ، ومنأشهر من حصل على عدد من الرؤوس ، كان الأوربي رايلي ، حيث حصل على ما يقرب من أربعون رأسًا موشومًا ، والتي قام ببيعها لاحقًا إلى متحف الطبيعة ، بالولايات المتحدة الأمريكية .

"
شارك المقالة:
65 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook