في مملكة من الممالك البعيدة كان يعيش ملك عظيم يدعى ساراج ، كان يحكم مملكة كبيرة تمتد اطرافها من الشرق إلى الغرب ، وكان دائمًا فكره منشغل بأمور البلاد وأحوال العباد ، وحدث أن نام ذات ليلة ورأى في منامة ظلاً معتمًا يضع يده على كتفه بغتةً ، فأصاب الملك الخوف والرعب لرؤية هذا الظل المخيف الذي ظهر له على هيئة رجل يضع يده عليه .
ولكن فجأة تحدث الظل وقطع صوت الخوف الذي اعترى الملك ساراج ، وقال له : لا داعي للقلق والخوف فعادة ما نأتي دون إنذار ولكن لأنك كنت ملك عظيم فقد جئت إلى هنا لأخبرك ، فسأله الملك ساراج من أنت وبماذا ستخبرني ؟
ضحك الظل المعتم وأجاب أنا موتك الذي حان ، عليك أن تستعد غدًا عند مغيب الشمس لأني سأحضر لك ؟ وهنا استيقظ الملك من هذا الكابوس المزعج ورغم علمه أنه مجرد حلم ، ظل يرتجف خوفًا من كلام الظل له عن موته في الغد بعد مغيب الشمس .
ودعا الملك على الفور مجلس الحكماء كي ينعقد ، وأخبرهم عن الحلم الذي رواده وسألهم عن تفسيره وهل حقًا سيموت في الغد ؟ اعتقد الملك أن الحكماء والمنجمين سيخبرونه بالحقيقة ، ولكن بعد أن تناقش الحكماء والمنجمين لم يستطيعوا الاجتماع على نتيجة واحدة يخبرون بها الملك .
فالكل يخبره بأمر مختلف وهنا أصبح الملك في حيرة كبيرة ، وظلوا على هذا الوضع من منتصف الليل حتى الصباح ، وعندما بدأت الشمس في البزوغ جاء رجل عجوز كان يعيش بالقصر وكان مقرب من الملك ويثق به ، وهمس في أذن الملك قائلًا : يا مولاي هؤلاء الحكماء والمنجمين العظماء لم يصلوا إلى نتيجة واحدة حتى الآن .
فسأله الملك عن رأيه وماذا يقترح عليه ؟ فقال له الرجل العجوز : عليك أن تهرب يا مولاي دع هؤلاء الحكماء يتناقشون ولكن يجب عليك أن تأخذ حصانك وتهرب بعيدًا قدر الإمكان عن القصر ، لأن البقاء هنا سيكون خطرًا كبيرًا عليك في خلال الاثنتا عشرة ساعة المقبلة ، وبعدها يمكنك العودة عند غروب الشمس ولكن ليس قبل ذلك .
ثم تابع الرجل العجوز كلامه قائلًا : ولا تقلق يا مولاي إذا جاء أحد هؤلاء الحكماء بنتيجة فسوف أحضر لك كي أخبرك بها ، وأفضل طريقة هي أن تتجه نحو دمشق فهي عاصمة لمملكة أخرى ، وسأعرف أين أجدك لأعطيك استنتاجاتهم وحلولهم التي سيقترحونها .
فاقتنع الملك ساراج بكلام الرجل العجوز وخرج ليحضر أفضل وأسرع حصان يمتلكه ، وبالفعل امتطى الملك الحصان وظل يجري به مسرعًا ولم يتوقف حتى لتناول الشراب والطعام حتى وصل إلى دمشق في وقت قليل ، وكان خارج المدينة فنزل وجلس تحت ظل شجرة كبيرة كي يستريح .
ثم ربط الملك حصانه وهو يقول له : كم أثبت أنك صديقًا عظيمًا فقد ركضت مائة ميل بسرعة مطلقة بعيدًا عن القصر لكي أنجو من الموت ، وبعدها استراح الملك ساراج تحت الشجرة وبينما كانت الشمس تقترب على الغروب غفت عين الملك وشعر بنفس اليد تربت على كتفه كما حدث بالحلم .
فأستيقظ في دهشة ونظر خلفه فشاهد الظل يقف أمامه وهو يبتسم ويقول له : يجب عليّ أنا أيضًا أن أشكر الحصان الخاص بك ، فقد كنت قلقًا من قدرتك على الوصول إلى هذا المكان في التوقيت المناسب أم لا ؟ فقد أتيت لأبلغك أن هذا هو المكان المخصص لموتك ، ولقد أحضرك الحصان في الوقت المناسب لكي أقبض روحك !! فنحن لا يمكننا الهرب من الموت المحقق مهما دبرنا من خطط محكمة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
العربية
