قصة رقصة الدحه

الكاتب: رامي -
قصة رقصة الدحه
"تزخر المملكة بالعديد من القصص التراثية التي يتناولها الأبناء ، ويسلمون بها ، وقد تكون قصص حقيقية مرتبطة بوقائع أو قصص متداولة لم يستدل على صحتها ، ومن القصص  التي أثارت الجدل نحوها قصة رقصة الدحه ، والتي ارتبط ذكرها في التاريخ بمعركة ذي قار التي انتصر فيها العرب على كسرى ملك الفرس .

ويقال أن العرب في تلك المعركة أخذوا يشعلون الحماسة بينهم ، ويعبروا عن فرحتهم بالنصر بتلك الرقصة الحماسية ، ولكن عالم الأنساب عبد الله بن عبار لم يؤكد ذلك ، حيث لم ترد في أي كتب أو مخطوطات سيرة هذه الرقصة ، ولكن لنستطيع الجزم سنتعرف عليها أكثر.

تاريخ رقصة الدحه :
تعود نشأة تلك الرقصة إلى تاريخ بعيد حينما خرج قلة من رجال قبيلة بني عنز على جمالهم ، وأثناء نزولهم للمبيت ليلًا ، سمعوا أصوات قريبة منهم ، فأرسلوا من يستكشف ذلك ، وعرفوا أن هناك جيشًا يفوقهم عدة وعدد ولا قبل لهم بمواجهته ، وقد فطنوا أن هذا الجيش قد يرسل من يستكشف أمرهم.

لذلك عمدوا إلى حيلة وهي إصدار جلبة قوية ممتزجة بصوت هدير الجمال ، كما يحدث في تلك الرقصة الآن ، وحينما تعالت أصواتهم في الليل ظن الجيش أنهم جيشًا جرارًا ؛ لكثرة أصواتهم وأصوات جمالهم التي لم يقطعها طول الليل أو بعد المسافة.

فغادروا دون أن يمسوهم بسوء خوفًا من عددهم الذي قدروه بالخطأ ، وبعد ذلك تطورت الرقصة فمع صوت الرجال ، وهدير الجمال ، أدخلوا فيها الشعر والرقصات ، وأيضا هناك من يقول أنه عندما لجأت هند بنت المنذر لقبيلة بكر بن وائل هربًا ، من بطش كسرى فارس الذي كان يعمل على استباحة شرف القبائل العربية وإهانتها ، فهبت القبيلة لمساعدتها ، وكذلك قامت جموع أبناء وائل بنو حنيفة في اليمامة ، وبنو عبد القيس وغيرهم لنصرة أبناء قبيلة بكر .

واستطاع العرب بتحالفهم في هذه المعركة النيل من كسرى وجيشه ، فما إن اجتمع الجيشان هذه المعركة في منطقة ذي قار ، حتى استطاع العرب هزيمة كسرى شر هزيمة ، ومن هنا بدأت تدب لذة الانتصار في أوصال أبناء القبيلة .

فوقفوا صفا وباتوا يؤدون هذا اللون الشعبي الأصيل ، وبينهم من يلقي الشعر عن نخوة العرب وشهامتهم مع بنت المنذر ، وحمايتها من بطش أقوى دولة في ذلك العصر ، ومن وقتها تطورت الدحه لتصبح رقصة رئيسة في المناسبات والحروب .

وعن تلك المعركة أفصح شاعر من بني بكر عن سيرها ، وكيف انتصر العرب فيها على الفرس قائلًا :

وخيل بكر فما تنفك تطحنهم*** حتى تولو وكاد اليوم ينتصفـو
لما التقينا كشفنا عن جماجمنا*** ليعلمو اننـا بكـر فينصرفـو
اذا أمالو الى النشاب ايديهم*** ملنا ببيض فضل الهام يختطفـو
لو ان كل معد كان شاركنا*** في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرفو

علاقة رقصة الدحه بمعركة ذي قار :
هناك من يشكك في صحة ربط رقصة الدحة بمعركة ذي قار ، رغم ذيوعها في تاريخ المملكة ، فقد صرح مؤرخ الأنساب عبد الله بن عبار أن ربط الرقصة بالمعركة ، رواية شعبية غير مؤكدة ، انتشرت في العصر السالف ، والتصقت بأذهان العوام .

وهي لا علاقة لها بالمعركة بتاتا ، فلم يجد في الكتب التي تناولت معركة ذي قار أي أثر لاستخدام تلك الرقصة ، وقد كتب في ذلك العديد من المقالات ، والكتب ، كما قال أن الدحه مجرد لعبة شأنها شأن الدبكة والقلطة والعرضة ، وهيليست قصرًا على قبيلة بعينها ، بل تلعبها جميع قبائل الشمال في الأردن وفلسطين ، وبعض أجزاء المملكة ، ومن القبائل التي تلعبها عنزه ، والشرارات ، والحويطات ، وبني صخر ، والعجارمة والمساعيد وغيرهم من أبناء البادية.

أسلوبها وطريقة أدائها :
يصطف بها الرجال في نصف دائرة تمثل الصف ، وقد يفوق عددهم العشرين رجلًا ، والشاعر يقف في المنتصف ، أو أمامهم أحيانًا ، ثم ينشد قصيدته سواء في الفخر أو المديح أو الغزل أو غيرها من صنوف الشعر ، وألوانه ، ويرد عليه الرجال ببيت واثنين مما قال مثل :

هلا هلابة يا هلا…. لا يا حليفي يا ولد

ويعتبر شعر الدحه من أصعب أنواع الشعر ، فبرغم قصر البيت ، وصعوبته ، يلتزم الشاعر في نظم بيت يستغرق من عشرة لعشرين ثانية في ترديده فحينما ينتهي الرجال من ترديد البيت لمرة أو مرتين يعود لنظم الشعر مرة أخر ، وقد يكون هناك راقص بالسيف مع الشاعر ، وبعد كل بيت يصدر الرجال صوتا يشبه هدير الجمال ، وشعراء الدحه ليسوا كثيرون على عكس القلطة والدبكة التي يسهل نظمهم.

ومن شعراء الدحه المشهورين الشاعر حامد بن سعدنه ، والذي توفى في أواخر القرن الثالث عشر ، وله في وصف المعارك قصائد مطولة منها تلك القصيدة :

يوم الله جابن بالسامر
بطموما واللعب عامر
بحسي والله ما غامر
ما غامر على الشرداني

ما شفتي يا ملا النجم
والبزر يهجمنا هجم
و حنا نتدرق بالرجم
صرنا للبزر نيشاني

يوم تسمع للصمع مرازم
من ممليات المحازم
وكل عن عمره عازم
يقول الموت إصطلاني

يوم زايد ولد مزيـدة
حدر ذلوله وحيده
يقول ما ربعي بريره
مزولي ولد عبداني

وهليـل على ذلولـه
حدرها محدار هوله
يقول العمر عدولـه
وأصمد كان الله وقاني

ونعما لك بابن عزنود
نوخ شعيله بالسنود
على الكسير الحرجاني

وبعضنا طوح البارود
يقول الفعل مايعود
شرد يشـادي للقعـود
مثل القعود الفسقاني

يوم مفلح حدرهم ليـه
وينادي وين الحميه
ياحامي تالي الرديـه
نعما بولد عبداني

يوم حول على فارسهم
عداهم عن متارسهم
تسمع بالقـاع مفارسهم
مثل صريك العقباني

يوم قودان أخو ثنيـه
حدرها على ألف و ميه
يقول إن كان لي منيه
ما ود الفضه تاقاني

يا زينه يوم أتطـرى
الفعل فعل أخو سرا
ما توه للهوش مضـرا
ينطحهم مثل الدواري

وانا ياضافي الجلعودي
انا ما صيدي شرودي
بس إنه عرد قعـودي
يوم ان البزر يغشاني

وفـعلي أنا أعــده
عن ربوعي ما اسده
مخمـاري بين الاشده
خربا حداه الجيعاني

ودي اعلمك باخبـاري
فعلي بذاك النهاري
أيست الرجعه لدياري
ووقاني رب الأدياني

يوم انـي طبيت الجمه
نطيحي ماعاد اذمه
عقبته راسه والرمه
شلته من بين الامتاني

"
شارك المقالة:
96 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook