قصة سالم

الكاتب: رامي -
قصة سالم
سالم زميلنا في الصف الخامس الابتدائي ، كان سالم يجلس دائمًا في السطر الأول من الصف الأول ، كان سالم تلميذًا قصير القامة ، ولا يتكلم كثيرًا ، كان ينظر إلى المدرس وهو يشرح الدرس ، وكأنه مستمتع بما يسمع !

وجه مبتسم ومستوى دراسي ضعيف :
وحينما تنظر إليه يبتسم ، دون سبب ، فقط يبتسم ويشيح بوجهه إلى الخلف وكأنه يريد أن يختبئ ، وسالم تلميذ ضعيف جدًا ، ولا يفهم شرح المعلم ولا يجيب على الأسئلة ، ولم أره في حياتي يرفع يده للإجابة على سؤال !

الالتزام بالقواعد :
كان سالم يأتي كل صباح مبكرًا إلى المدرسة ، ويجلس في الصف الأول مكانه ، ويفتح حقيبته ويخرج كتابه ودفتره وقلمه ، ولكنه لا يستخدمها ، ويكتفي بالنظر إليها ، وإلى المعلم ، وهو يشرح الدرس ، وكأنه يفقه ما يسمع ! وكان عندما يسأله المدرس فجأة ، يضع يده على رأسه ويبتسم !

معلم اللغة الإنجليزية :
أنا بصراحة لم أسمع صوته قط ، وكم كنت أود أن أسمع صوته ، ولكنه كان يكتفي بالابتسامة المعهودة ولم ينبث ببنت شفه ، وفي أحد الأيام ، كان الجو حار جدًا ، وقف معلم اللغة الانجليزية ، يعلمنا وجبينه يندس عرقًا ، وعيناه محمرة من شدة حر الصيف .

كان لا يتوفر مكيف هوائي في الصف ، فقط كنا نكتفي بنسمات الهواء القليلة التي تهب من حين لآخر من خلال النوافذ ، أخذ المعلم يكتب على اللوحة كلمات باللغة الإنجليزية ، ويقولها بصوت عالي ونحن نردد خلفه ما يقول .

سؤال وصمت مطبق :
ثم بشكل مفاجئ سكت المعلم ، وتمعن في الصف ورفع حاجبيه ، وضم عينيه قليلاً ، ثم تنحنح وقال : من منكم يا أولاد يعرف جمع كلمة MAN فصمت الصف ، وهبطت السكينة على المكان ، فلا تسمعإلا أنفاسنا ، ولم يجب أحد ! وبقينا هكذا لحظات ، صمت رهيب ، ثم فجأة أرتفع إصبع سالم إلى أعلى ..

سالم والمعجزة :
نظرنا جميعًا إلى سالم بدهشة واستغراب ، وتسمر المعلم في مكانه ينظر إليه وقد صدم من هول الموقف !!. سالم يرفع إصبعه ؟ غريب وعجيب ! هاهو سالم يفقه شيء ، هكذا قال المعلم وهو يحادث نفسه ، وعلى شفتيه علت ابتسامة النصر ، لقد استطعت أن أعلم سالم شيئًا ، وهذا ليس بالأمر السهل ، لا لقد تطلب هذا جهدًا كبيرًا جدًا ، هكذا قال المعلم في نفسه وهو يحرك حاجبيه .

صوت داخلي مسموع :
وأكمل وهو يحاور ذاته بصوت غير مسموع : نعم علمت أني أستطيع أن أفعل شيئًا مع هذا التلميذ ، يا لي من معلم عبقري .. علمت بذلك .. ثم اتجه إلى سالم وقال له بلطف : نعم تفضل يا عزيزي سالم ، احكي ، قل ما لديك .

أحلام متحطمة :
فأنزل سالم إصبعه ، وابتسم ابتسامته المعهودة ، وقال بصوت مكتوم يخرج من بطنه ، لا من حلقه : أريد أن أشرب ماء .. وهنا تحطمت أحلام المعلم ، وكاد أن يسقط مغشيًا عليه ، فتراجع خطوتين إلى الخلف ، وفرك أنفه بقوة ، واحمرت عيناه وانتفخت العروق في رقبته ، وصاح بأعلى صوته : هل هذا وقت شرب الماء !!.

وأخيرًا سمعت صوت سالم :
وصمت سالم ، وصمت الصف ، ولم تعد ابتسامة سالم المعهودة على وجهه ، وأكمل المعلم الدرس ، ونحن نردد خلفه ، وأنا أنظر إلى ذلك الموقف ، وأقول في نفسي : وأخيرًا سمعت صوت سالم .

شارك المقالة:
64 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook