قصة سر ضحك الأسماك

الكاتب: رامي -
قصة سر ضحك الأسماك
في إحدي ممالك الهند القديمة كان هناك ملك يدعى فيروزاه يحكم مدينة كشمير ، وفي يوم من الأيام كانت زوجته جالسة بالقرب من النافذة ، ورأت امرأة تبيع الأسماك فسألتها إن كان لديها بعض الأسماك الإناث ، فردت عليها بائعة الأسماك قائلة : لا يا مولاتي فأنا أبيع الذكور فقط ، وهمت المرأة للمضي في طريقها .

وبينما هي تسير إلى الأمام سمعت  الملكة صوت ضحكات تصدرها الأسماك ، فضايقها هذا الأمر حيث أنها اعتقدت أن تلك الأسماك كانت تضحك عليها ، فهرعت الملكة إلى زوجها الملك وروت له ما حدث ، لم يستطيع الملك أن يقرر حينها ما يجب القيام به في أمر تلك الأسماك ، فدعا رئيس الوزراء حسين الذي كان يشتهر بالذكاء والفطنة .

وروى الملك الحادث كله لوزيره ، وطلب منه حل اللغز ، ومعرفة لماذا تجرأت الأسماك على الضحك على الملكة ؟ ، وأمهله الملك خمسة عشر يومًا فقط لحل اللغز ، وهدده بقطع رأسه إن فشل في ذلك ، فكر حسين بعمق وقرر أن يقوم برحلة ليستكشف اللغز ، ويحاول معرفة سبب ضحك الأسماك .

وفي اليوم التالي التقى الوزير حسين مزارع قديم يدعى رحمن ، وهو في طريقه إلى باهالغام ، وقام حسين بتكوين صداقه معه ، وطلب منه أن يساعده في حل اللغز ، فرافقه رحمن إلى فالجام ، وخلال الرحلة وبينما هم سائرون  قال حسين لرحمن : لما لا نتناوب خلا الرحلة ، لم يفهم رحمن قصد حسين وظنه يتحدث بحماقات ففضل الهدوء .

وأكمل الاثنان سيرهم حتى مروا بحقل للذرة ، فقال حسين لرحمن هل تؤكل الذرة ؟ ، فبدا هذا السؤال غبيًا بالنسبة لرحمن ، وقال له لا أعرف فهو لم يفهم لما يتحدث حسين بالأسئلة الغريبة ، فالكل يعرف أن الذرة تؤكل ، وبعدها مروا بمسجد ومن خلفه قرية أهلة ، فقال حسين لرحمن : ماذا نفعل في تلك المقبرة ؟ فقال له رحمن هل أنت مجنون ، هذه قرية وليست مقبرة .

ثم وصلوا بعدها إلى مقبرة كان فيها بعض الناس الذين يقومون بتوزيع الصدقات على أرواح موتاهم من لحم محمص وخبز أبيض ، فقال حسين عندما مر عليهم : يا لها من قرية جيدة ، فذهل رحمن وقال له يبدو أنك جننت تمامًا ، فتلك مقبرة للموتى وليست قرية أهلة .

مر الوقت سريعًا ووصل حسين ورحمن إلى أطراف القرية التي يعيش بها رحمن ، وكان رحمن رجلًا كريمًا لذا دعا حسين للبقاء في داره بعض الوقت ، فشكره حسين على استضافته ، وقال له : من فضلك أخبرني هل جدران منزلك قوية بما فيه الكفاية ؟

فبدأ رحمن يضحك على قول حسين ، وعند وصولهما إلى باب المنزل رحب به وأدخله ، وهناك كانت تنتظره ابنته جوهرًا ، وكانت جوهرا فتاة شديدة الذكاء ، علمت أن ضيفهما ذكي من سؤال وضعه الضيف على باب المنزل ، فأخبرت والدها بذلك ولكنه قال لها لا أعتقد ذلك ، فقد كان يتفوه بالحماقات طوال الطريق .

فسألت جوهرًا عما قاله فأخبره والدها ، وهنا أوضحت جوهرا المعنى الذي كان يقصده حسين ، من خلال سؤاله عن جدران المنزل القوية ، فكان يعني هل الدعوة إلى بيتهم حقيقية أم مجرد شكليات ؟ ، سمع الأب ابنته جوهرًا واندهش وهو يقول : إذن لكل تلك الأسئلة التي قالها معنى عميق ، أخبريني إذن ماذا كان يقصد بقوله علينا أن نتناوب في الطريق ؟

قالت جوهرًا : أنه يقصد يا أبي أن تتبادلا الحديث سويًا حتى لا تشعران بطول الطريق ، فأكمل والدها قائلًا ، ولماذا سألني هل تؤكل الذرة ؟ فقالت جوهرا : يا أبي أنت مزارع وعليك أن تعرف أنه لا ينبغي لأحد أن يأكل من حقل في غياب مالكه ، وهذا ما أراد أن ينقله إليك

فقال والدها مرة أخرى : أخبريني إذن لماذا قال علي القرية مقبرة والمقبرة قرية ؟ فأوضحت جوهرا السبب وراء ذلك حيث أن القرويين لم يرحبوا بهم جيدًا حين مروا بهم ، فكانت قريتهم كالمقبرة ، ولكن كان على عكسهم الناس في المقبرة ، حيث وزعوا الطعام عليكم وكانت المقبرة حينها أشبه بالقرية .

عندما سمع رحمن هذه التفسيرات ، أدرك أن حسين رجلًا ذكيًا جدًا ، حيث أن كلامه كان يحمل معنى عميقًا وحكيمًا في كل جملة من جمله ، بعد معرفة جوهرا بذكاء الضيف صارت متحمسة  وحريصة على لقائه ، فخرجت إليه جوهرا ووجدته يستريح تحت شجرة بانيان خارج القرية .

فاتجهت إليه وعرفته بنفسها ، وقالت له : من فضلك قل لي ما الذي جعلك تسافر في تلك الرحلة الطويلة ؟ أخبرني لعلي أساعدك ، فأخبرها حسين عن الأسماك وقرار الملك بمعرفة  سر ضحك الأسماك ، وأخبرها أيضًا بأن فشله في تلك المهمة سيكلفه حياته .

فابتسمت جوهرا وقالت : انه لغز بسيطٌ جدًا ، فهذا يعني أن هناك أحدًا يخطط لقتل الملك ، وهو يتخفى في شكل امرأة ، وحينما علمت الأسماك بالأمر أخذت تضحك في محاولة منها لتحذير الملك ، فارتاح حسين لتفسير جوهرا ، وقرر العودة إلى الملك مع جوهرا ورحمن.

وعند وصوله إلى هناك أدخل معه جوهرا ورحمن ، وقال للملك : يا مولاي لقد وجدت سر ضحك الأسماك ، وسوف أقول لكم حل هذا اللغز بالتفصيل ، وأشار لجوهرا كي تتحدث ، فقالت : يا مولاي إن الأسماك هي أحد رعاياك المخلصين ، التي يمكنها أن ترى المستقبل وقد أرادت بضحكها هذا أن تحذرك من شخص يتخفي في شكل امرأة تريد قتلك .

فسأل الملك جوهرا : هل تستطيعين أن تثبتي صدق كلامك هذا ؟ فقال حسين : عندي حيلة يا مولاي سنختبر جميع الخادمات العاملات بالقصر كي نتأكد ، وبالفعل جمعهم حسين كلهم وحفر حفرة كبيرة ، وقال لهم عليكم أن تقفزوا من فوق تلك الحفرة لتثبتوا  براءتكم .

وبالفعل بدأت الخادمات في القفز واحدة تلو الأخرى ، ولم تستطيع أيا منهم العبور باستثناء واحدة فقط استطاعت القفز لمسافة بعيدة ، فعرف حسين أن تلك الخادمة رجلًا متخفي وليست أنثى ، وعلى الفور أمر الملك باعتقالها .

واتضح أنها رجلًا يعمل جاسوسًا للدولة المجاورة ، ونظرًا لذكاء حسين وجوهرا منحهما الرجل مكافآت كبيرة وأنعم على أبيها ، وبعد ذلك تزوجت جوهرا بنت رحمن من الوزير حسين وعاشا معًا في سعادة وهناءً يحمون المملكة .

شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook