قصة سلمان الفارسي مع عمر بن الخطاب

الكاتب: رامي -
قصة سلمان الفارسي مع عمر بن الخطاب
"الصحابيّ سلمان الفارسي ، يُعرف باسم أبو عبد الله أو سلمان الخير مولى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وكان مشهورًا باسم مابه بن مورسلان بن بهبوزان بن فيروز بن سهرك قبل أن يدخل إلى الإسلام ، وكان أبوه مجوسيًا وهو من إحدى القرى التابعة لمدينة أصفهان .

وقيل أنه كان قد هرب من أبيه وذهب إلى الحجاز في صحبة بعض الرهبان ، وكانت تلك الفترة إبان ظهور النبي محمد صلّ الله عليه وسلم ، فباع الرهبان سيدنا سلمان إلى يهودي قاس من قبيلة بني قريظة ، وشاء المولى عزوجل أن يأتي به اليهودي إلى المدينة ، وعاش بها إلى أن أتى رسول الله إلى المدينة فأسلم معه سلمان وخاض معه الكثير من المواقف ، كانت أشهرها موقعة الخندق ؛ فهو من أشار على الرسول عليه الصلاة والسلام بحفر الخندق عندما جاءت الأحزاب.

وعُرف عن سلمان  أنه من فضلاء الصحابة وأكثرهم زهدًا ، وعلمًا ، وعقب وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ، تولى الخلافة من بعده سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وسار على نهج الرسول الكريم فكان يأمر بالعدل ، وطاعة أولي الأمر ؛ وقال ابن عباس في إحدى الروايتين عنه ، وجابر بن عبد الله والحسن البصري ؛ أن أولوا الأمر هم العلماء ، وقال أبو هريرة وابن عباس في الرواية الأخرى ، أن أولي الأمر هم الأمراء .

والتحقيق أن الأمراء إنما يطاعون إذا أمروا بمقتضى العلم ؛ فطاعتهم تابعة لطاعة الأنبياء ، وإن الطاعة تكون في المعروف وما أوجبه العلم وأقر به ، وكما أن طاعة العلماء من طاعة الرسل ، فإن طاعة الأمراء مثلها كطاعة العلماء ، ولا تصلح الأمة سوى بهاتين الطاعتين ، وكما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما تسلّم زمام الحكم ، إن أحسنت أعينوني ، وإن أسأت فقوموني وأطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم .

وبالمثل قال أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عندما تولى حكم البلاد ؛ من رأى منكم فيّ اعوجاجًا فليقوّمه ، حينها قال رجل لعمر اتق الله يا عمر ، فأجابه آخر أتقول هذا لأمير المؤمنين ، فقال له عُمر لا خير فيكم إن لم تقولوها ، ولا خير فينا إن لم نسمعها .

وفي إحدى القصص غير الموثقة والمنسوبة لكل من سلمان الفارسي وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، أنه في إحدى المرات ، ورد إلى المسلمين جملة من الغنائم ، كان من بينها أبراد من الأقمشة اليمانية ، فقام سيدنا عمر بن الخطاب بتوزيع الغنائم بالعدل على المسلمين ، ونال منها مثل أي رجل مسلم ، وبالمثل أخذ ابنه عبد الله نصيبه من تلك البرادي مثل غيره .

فصعد بعدها سيدنا عمر بن الخطاب إلى المنبر ، وقام يخطب بالمسلمين ، وبدأ خطبته بحمد الله والثناء على رسوله الكريم صلّ الله عليه وسلم ، ثم قال أيها الناس اسمعوا وأطيعوا ، فنهض سلمان رضي الله عنه وقال لا سمع لك علينا ولا طاعة ، فسأله أمير المؤمنين ولم يا سلمان ، فسأله سلمان عن المئزر الذي يرتديه من أين له بقماشه .

فقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه طويل القامة وضخم البنية ولن يكفيه قطعة قماش واحدة ، فقال له سيدنا عمر بأنه قد استكمل ثوبه بالقطعة التي نالها ابنه عبدالله من الغنائم ، ونادى ابنه عبدالله وناشده أن يقول صدقًا فأجاب عبدالله بمثل ما قال أبيه ، فقال سلمان رضي الله عنه لما سمعه ، الآن نسمع ونطيع .

وتلك القصة باطلة وفقًا للعديد من آراء علماء المسلمين ، فهي ليس لها إسناد ورواها العتبي وهو مجهول النسب ولا يُعرف عنه المسلمون شيئًا ، وكان بينه وبين عمر وسلمان رضي الله عنهما مفاوز شديدة ، تنقطع دونها أعناق الدواب .

كذلك من الواجب تنزيه كل من سيدنا سلمان وعمر رضي الله عنهما ، وأصحاب النبي محمد صلّ الله عليه وسلم عن تلك الروايات الفوضوية المخالفة للمنهج القرآني والنبوي ، في وجوب طاعة أولي الأمر إذا ما كانوا يصلّون ، فما بالنا بعمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين ، الذي روي عنه أنه قال الشعبي من سرّه أن يأخذ بالوثيقة في القضاء ، فليأخذ بقول عمر ، وقال مجاهد إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به ؛ كناية عن مكانة سيدنا عمر بن الخطاب العلمية بين الصحابة .

"
شارك المقالة:
69 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook