” إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (القلم من الآية 17 وحتى الآية 33).
تحكي لنا هذه القصة عن رجل كبير في السن كان يمتلك بستان كبير ولكن كان هذا الرجل لا يقوم باستخدام أي شئ من هذا البستان ولا يدخل منه شئ إلى بيته إلا بعد أن يحصل كل صاحب حق في هذا الخير حقه بناء على اوامر الله وكان يخرج الصدقات للمحتاجين، ولكن حان أجل الرجل وتوفاه الله وترك بستانه اليانع وورثه ابنائه ولكنهم لم يكونوا كوالدهم في خوفه من الله وفي ما يفعله فيما يخص بستانه إلا واحد منهم.
العام الذي مات فيه صاحب البستان حملة اشجار هذا البستان خيرًا كثيرًا اكبر مما كانت تعطيه من الثمار في حياة الشيخ، وعندما رأى ابناء الشيخ هذا الخير الكثير طغى عليهم الطمع وعميت ابصارهم واتفقوا على ما يغضب الله ويتنافى مع عادة والدهم من اعطاء كل ذي حق حقه في هذا الخير وقرروا أن يحفظوا هذا الخير لهم فقط حتى يزدادوا مالًا ويكنزون منه الكثير، فبدأ يتهامسون فيما بينهم ويتفقون على منع نصيب الفقراء والمساكين في هذا الخير ويتفقون على منعهم من الدخول عليهم، وقد كان ابناء الشيح خمسة قبل منهم اربعة بهذا الامر بينما الخامس رفض ما ينوون عليه.
كان المعترض على هذا الامر هو اوسط الابناء والذي حاول أن يثنيهم عما ينتوون وهو يذكرهم أن يسيروا على نهج ابيهم، فما كان منهم إلا أن قالوا إن ابينا كان خرف أحمق وقاموا عليه وضربوه بشدة فخاف أن يقتلوه فأخبرهم بموافقته على ما ينوون وقرروا أن يحصدوا المحصول في الصباح حتى انهم نسوا ذكر الله فلم يقولوا ان شأ الله.
وذهبوا كل إلى مكانه على وعد باللقاء في الغد لجمع هذا الخير ومنع اعطاء كل صاحب حق حقه، وفي الصباح توجهوا إلى البستان ولكن كان خرابًا فاحمًا فاعتقدوا بأنهم ضلوا الطريق فعادوا للبحث عن بستانهم ولكنهم وصلوا إلى نفس المكان، وهنا تكشفت الامور لهم فعرفوا أن الله عاقبهم بطمعهم وعدم اتباعهم اوامرخ فبدءوا يتلاومون ويلقي كل واحدًا منهم الذنب على الآخر ويندمون على فعلهم الذي منع عنهم الخير، فقال الابن الاوسط األم اخبركم أن لا تخالفوا سنة ابينا وأوامر الله وانتم تعتقدوا انه لا يقدر عليكم.
هل لكم الآن أن تعودوا إلى الله وتستغفروه فندموا واعترفوا بذنبهم وتابوا إلى الله وهم يأملون ويتمنون مغفرة الله وتعويضهم عما فقدوا سواء في الدنيا أو الآخرة بما هو خير منه.