قصة سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ

الكاتب: رامي -
قصة سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ
"تعرض الرسول صلّ الله عليه وسلم إلى الكثير من الأذى في دعوته للإسلام من كفار قريش ، ولكنه كان ثابتًا صامدًا أمام تهديداتهم ووعيدهم إياه بالعذاب ، ولما لا يصمد وهو رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ؟ ولما لا يصمد وهو معه خالق هذا الكون ومُدبر أموره جلّ في علاه ؟ ، ونزلت العديد من الآيات القرآنية التي تتوعد هؤلاء الكفار بالعذاب الشديد ، وقد نصر الله نبيه الكريم نصرًا عظيمًا .

ومن المواقف التي تعرضّ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة ؛ هو موقف اصطدام أبي جهل معه صلّ الله عليه وسلم وتهديده له حتى لا يصلي عند الكعبة ، ولكن الله نصر الرسول صلّ الله عليه وسلم ونزلت الآيات في سورة العلق تتحدث عن ذلك الموقف .

ورد في سورة العلق وصف للحدث الذي وقع بين رسول الله صلّ الله عليه وسلم وبين أبي جهل في قوله تعالى : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ”

نزلت هذه الآيات المباركات حينما كان رسول الله صلّ الله عليه وسلم يريد أن يصلي عند الكعبة ؛ فجاءه أبو جهل قائلًا في صيغة تهديد ووعيد : يا محمد إن صليت عند الكعبة فسوف أدوس على رأسك ، لم يلتفت الرسول الكريم إلى تهديد أبي جهل وذهب باتجاه الكعبة ليصلي ، ولكن تحدث أبو جهل مرة أخرى وهو يهدده بنفس الأسلوب قائلًا : يا محمد إن سجدت ها هنا عند الكعبة ؛ فسوف أقوم بدعوة جميع أهل قريش ليشاهدوا كيف أدوس على رأسك .

لم يضع الرسول صلّ الله عليه وسلم كلام أبي جهل في اعتباره للمرة الثانية ، فقام أبو جهل بدعوة جميع أهل قريش لينفذ تهديده إلى الرسول ، ووقف منتظرًا لحظة سجود الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وحينما سجد رسول الله اقترب منه أبو جهل لكي يقوم بتنفيذ وعيده وتهديده ، ولكنه توقف فجأة ولم يتحرك وظل ساكنًا ولم يجرؤ على التقدم تجاه رسول الله صلّ الله عليه وسلم.

تعجب أهل قريش من موقف أبي جهل الذي أحضرهم ليروا كيف يقوم بإهانة نبي الله محمد ؛ مما جعلهم يوجهون إليه السؤال المنطقي قائلين : يا أبو جهل ؛ ها هو محمد ساجد عند الكعبة ولكنك لم تدس على رأسه كما قلت ؛ فلماذا لم تنفذ تهديدك ؟ ، حينها قال أبو جهل : لو رأيتم ما رأيته لبكيتم دمًا ، فسأله أهل قريش : وما هو الذي رأيته ؟ ، فأجابهم أبو جهل قائلًا : رأيت أن بيني وبين محمد خندقًا من نار وأهوالًا ، وعلقّ الرسول صلّ الله عليه وسلم على هذا الموقف قائلًا : “لو فعل لأخذته الملائكة عيانًا”.

وقد أنزل الله تعالى الآيات التي تتحدث عن ذلك الموقف في سورة العلق ؛ ليؤكد المولى عز وجل أن ملائكة العذاب كانت ستتنزل لتهلك أبا جهل إذا أقدم على تنفيذ تهديده للرسول ؛ وذلك في قوله تعالى ” سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ” وهم الملائكة الذين سيقومون بعذاب أبي جهل ، وكان ذلك أبلغ رد على دعوة أبي جهل لأهل قريش ، وأكد الله لنبيه أن تهديد ذلك الكافر لا قيمة له أمام قدرة الخالق ؛ لذلك أمره بالسجود دون أن يلتفت لتهديدات أبي جهل .

لم يجرؤ أبو جهل على تنفيذ وعيده لنبي الله ؛ كما لم يجرؤ على تكذيبه في شيء على الرغم من كفره ، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتصف بالأمانة والصدق ، وكان ملقبًا بين أهل قريش بالصادق الأمين ؛ لذلك لم يستطيع أهل قريش على تكذيبه ، ولكنهم كانوا يحاربونه وهم يعلمون صدقه .

وهكذا كان نصر الله تعالى لنبيه الكريم نصرًا عظيمًا سحق به الكافرين الظالمين الذين حاربوا نبي الله دون أن يتدبروا دعوته الإيمانية ؛ مما أدى بهم إلى الهلاك في الدنيا والآخرة .

"
شارك المقالة:
53 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook