قصة شاب ببيت الله الحرام

الكاتب: رامي -
قصة شاب ببيت الله الحرام
ونحن في موسم الحج  ، وتهفو روحنا إلى البلد المباركة  ، هذه قصة شاب مسلم من أرض السنغال بدأ رحلة الحج وهو وصغير ، إنه الحاج أبو بكر كونتي ، هذه قصة ليست من قديم القصص ، وإنما حدثت في أيامنا هذه ، فقد وصل أبو بكر كونتي إلى مكة ليحكي لنا قصته في عام 2015م .

انطلقت رحلة الشاب السنغالي ، ركب فيها الجمال والسيارات مشى فيها على قدميه  ، كابد في رحلته مشقة عظيمة استمرت أربعة عشر عامًا ، يقطع فيها الفيافي والوهاد ، يصل فيها الدول يعمل فيها أشهرًا ليجمع قوته ، ثم ينطلق إلى بلد أخر ، فإذا انقضى ما معه من المال عمل في هذه البلدة أشهر أو سنوات ، حتى يوفر للانتقال إلى بلدة أخرى ،  إنه الشوق الذي دفعه لبيت الله الحرام .

فعلى كل هذا برغبة صادقة وعزيمة قل أن نجدها في أنفسنا ، كل هذا وعينه على بيت الله الحرام ، كان يهرب من أى حد قد يعرفه مخافة العودة إلى وطنه ، حتى وصل إلى الأمل المنشود مكة المكرمة .

نية وعزم :
يحكي أبو بكر كونتي عن رحلته قائلًا : كنت أنا وابن عمي موسى نحلم من الصغر وتتوق روحنا للبلد الحرام ، فعزمنا على السفر ، بدأت رحلتنا من السنغال ، نيتي كانت متوجهة لبيت الله الحرام ، فمنذ أن كان عمرى خمسة عشر أو أربعة عشر عامًا  ، عزمت الخروج لطلب العلم والحج لبيت الله الحرام ، وللأسف ما عندي ما يكفيني ، ومع ذلك بنيتي ودعوة والدي ، الله يرحمه ، وفقنا الله سبحانه وتعالى مع المدة والمشقة في الطريق ، الحمد لله رب العالمين .

بداية الرحلة :
غادرنا من السنغال إلى غينيا ، ومكثنًا هناك سنتين وزيادة ، كان عندنا مركزًا للقرآن الكريم ، نحفظ الأولاد القرآن والتعاليم والتربية الإسلامية ، وكانوا يدفعون لنا شهريًا حتى أصبح لدينا مبلغًا من المال .

من بلد لبلد بمشقة وعناء :
غادرنا غينيا  ثم ذهبنا إلى ساحل العاج ، مكثنا هناك نعمل ونذهب لشركة في تصنيع الأحذية ، كنا نعمل يوميا هناك ، ثم غادرنا من ساحل العاج  إلى بوركينا فاسو ، مشينا فترة على الأقدام حتى لا نتكلف أجرة السيارة من بوركينا إلى النيجر .

عندما وصلنا إلى النيجر  كان انتهى كل ما عندنا من الزاد ، كل ما ادخرناه في رحلتنا السابقة ، كل شيء انتهى ، قال لي موسى : ماذا نعمل ؟ ، قلت لموسى : هل تود أن ترجع  إلى غينيا ، فقال لي : كلا وأنا قلت : كذلك لا نرجع أبدًا ، لقد قضيا ثلاثة عشر سنة في سفرنا ، والله لن نرجع أبدًا إما أن نحج ونذهب إلى مكة أو نموت في الطريق ، وكان قد انقطع الاتصال بيننا وبين أهلنا ، لا يعرفوننا أين نحن ونحن لم نعد نتصل .

عملنا فترة طويلة في غسيل الملابس في نيجيريا ، كانت مصاريفنا إيجار الغرفة ، والطعام  ، والشرب  كنا لا نستطيع أن ندخر شيء ، وفي الآخر استطعنا توفير شيء بسيط ، وذات يوم تعرف علينا شاب من السنغال ، فوجدت لهجته تقارب لهجتنا السنغالية ، خفنا أن يذهب ليبلغ اهلنا فيأتوا لأخذنا دون أن نحج  ، فطلبت من أخي موسى المغادرة لنيجيريا .

ومن نيجيريا ذهبنا إلى تشاد ، ركبنا الجمال لأنه أرخص وسيلة للتنقل ومن الإبل ركبنا سفينة حتى نصل إلى تشاد ، وبمجرد أن وضعنا قدمنا في تشاد ، قبضت علينا الشرطة  من أنتم وإلى أين تتجهون ؟ ، أخبرناهم أننا من السنغال ، وأننا طلبة علم ، فتشوا في أغراضنا فوجدوا شهادة  المدرسة التي كما ندرس فيها بالسنغال ، وكذلك الهوية مكتوب عليها طالب علم فتركونا .

اشترينا عربية وكنا نوصل المياه لأهل القرية حتى انتهى رمضان ، فحصلنا على مبلغ  طلبت من أخي موسى  قائلًا له : هل نذهب ، قال : بلى نذهب ، ثم ذهبنا إلى العاصمة ، عندما نزلنا هناك سألنا عن الإمام .

وذهبنا إليه استغربوا جدا أننا من السنغال ، وقد قطعنا هذه المسافة كلها  فحكينا له عن قصتنا  فقال : الله اكبر ، ماذا تريدون ؟ أخبرناه برغبتنا للذهاب إلى بيت الله الحرام ، فقال لنا اصبروا هنا في التشاد فإننا نحضر لمؤتمر فإذا انتهى المؤتمر أتدبر أمركم .

كان كل يوم جزاه الله خيرًا يعطينا ما يكفينا من طعام وشراب ومال ، طلب منا أن نظل للدراسة ، وبقينا هناك ندخر مما يعطينا حتى كتب لنا الله زيارة بيته الحرام .

شارك المقالة:
68 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook