قصة شجرة الشاي

الكاتب: رامي -
قصة شجرة الشاي
الجماد حي ، أثبت العلماء على مدار السنوات الماضية أن كل جماد حي ، وأنه يسجل كل ما يدور حوله ، حتى جلد الإنسان يمتلك ذاكرة طويلة المدى ، وبعيدًا عن العلم ، كم سردنا قصصًا بشأن حوادث عدة يشيب لهولها الولدان ، ثم ظلت الأرواح حبيسة الأماكن التي دارت بها الأحداث ، وظل الجماد يتألم ويتذكرهم ويعبر عن غضبه أيضًا جراء ما حدث هو الآخر.

البداية :
سلوى فتاة شابة في أواخر العقد الثاني من عمرها ، عاشقة للقراءة والجلوس على ضوء القمر ، خاصة عندما يكتمل ويصير بدرًا يضيء الكون كله بفضل الله ، اعتادت سلوى أن تصعد إلى سطح منزلها ، وتجلب معها كوبًا من الشاي الساخن ، وتجلس إلى جوار السور مباشرة ، حيث تظلل إحدى الأشجار القديمة على المنزل كله ، فتجلس هي إلى جوارها تستأنس بها ، وهي ترشف بضع رشفات من كوبها المفضل .

في إحدى الليالي التي صار بها القمر محاقًا ، فكانت ليلة مظلمة وقاتمة أيضًا ، أصرت سلوى على الصعود لممارسة هوايتها بالقراءة ولكنها لم تجد القمر ، فقد كنا في نهاية شهر هجري ، فجلست سلوى بالفعل وافترشت الأرض إلى جوار السور ، وبدأت بالقراءة كما اعتادت ، ومد يدها تلتقط كوبها فإذا به قد أوشك أن ينتهي ، وهي لم تتذكر أنها قد شربت منه كل هذا خلال هذا الوقت القصير ، وعندما استغرقت سلوى بالتفكير ، سمعت صوت حركة إلى جوارها ، فالتفتت منزعجة حولها لترى من يفعل هذا؟

ولكنها لم تجد أحدًا سواها ، ارتعبت الفتاة ونهضت حتى تهبط إلى حجرتها ، وبالفعل بدأت تتحرك ولكنها شعرت بأن قدميها مكلبّلتان ، بدأت سلوى تشعر بالتوتر خاصة أن المكان كان مظلمًا بشدّة.

هبطت سلوى إلى حجرتها وهي تجر قدميها جرًا ، وكانت شاحبة الوجه بشدة ، ولم تنتهي ليلتها على ذلك ، فقد راحت في سبات عميق ، ونهضت من نومها تتصبب عرقًا بشدة ، وتلهث وترتعد فرائصها وكأنها قد خرجت من الجحيم لتوها ، بالفعل عندما شاهدتها والدتها ولمحت ما طرأ على وجه ابنتها من تغيرات ، شعرت بالقلق فأخبرتها سلوى أن تطمئن ، بضعة كوابيس وانتهت ثم ابتسمت لها بإجهاد.

مرت الأيام ، وانتصف الشهر وظهر القمر ، لم تتمالك سلوى هذا المنظر الفريد الذي طالما جذبها لاحتضانه بالجلوس في ضوئه ، وتناول كوب الشاي ، بالفعل صعدت سلوى ولم تخش شيئًا وجلست إلى جوار السور كعادتها ، وما أن جلست حتى شعرت بعد بضع دقائق بأنها هناك من يراقبها ، وسمعت صوت خافت لحفيف بعض الأشجار ، فنهضت حاملة كوبها وهبطت تجري في سرعة إلى غرفتها.

اختفى القمر عقب عدة أيام ، وسلوى تريد أن تكسر حاجز خوفها ، فلماذا ارتعبت هكذا ، وقد يكون ما حدث هو مجرد حفيف أوراق الشجر ، أو أن غرابًا جاء من هنا أو هناك وتسبب في تلك الضجة فقط.

تمالكت سلوى نفسها ، وصعدت هذه المرة لتتفقد المكان دون كوبها أو كتابها ، وظلت تمر هنا وهناك ثم توقفت لترهف السمع ، فصوت حفيف الأشجار يتعالى ، أرهفت سلوى سمعها قليلاً مرة أخرى ، ولكنها ارتعبت عندما صوتًا يهمس في أذنيها ويقول لها  أين كوب الشاي ؟ مع إحاطة جسدها بذراعين من أغصان الشجرة العجوز المجاورة للمنزل ، وكأنها شخص يحتضنها .

انهارت الفتاة وسقطت مغشيًا عليها ، وعندما استفاقت صرخت بشدة وروت لوالدتها ما حدث ، بالطبع لم يصدقها والديها وظنا أن الفتاة تهلوس ، ولكنهم عندما تركوها بغرفتها حتى تأخذ قسطًا من الراحة ، إذا بها تلمح الشجر ليلاً تقتحم نافذتها وتكسر الزجاج ، لتجد أذرعها تزحف نحوها بسرعة ، فصرخت بشدة ، حتى اقتحم والديها الغرفة وشاهدها الشجرة وهي تنسحب بسرعة من الغرفة .

فغر أبوها فاه مما رأى ، وذهبت والدتها إلى سيدة عجوز تزعم أنها تستطيع تخليص الناس من السحر وتفك كروبهم ، وأخذتها معها لرؤية ابنتها ، فقالت لها العجوز لا تقطعوا الشجرة ، أو تفعلوا شيئًا يضرها ، وضعوا لها أكواب الشاي يوميًا إلى جوار السور! وكان هذا جل ما أشارت إليه حتى تتعافى الفتاة ، ولا يظن أحد بها الظنون خاصة أنهم في قرية صغيرة ، وبدأت القصة في الانتشار.

قام الوالدان بفعل ما أشارت إليه العجوز ، وكانوا يلاحظون أن أكواب الشاي يتم رشفها بالفعل حتى آخرها ، وكأن أحدهم قد ارتشفها للتو ، لم يطمئن الأب هكذا ، وشعر بأن هناك شيء ما لهذا الوضع ، فذهب لشيخ القرية ، الذي قال له بأن الشجرة المجاورة لمنزله ملعونة ، وتلك العجوز تضع بها الأعمال لأذية البشر منذ أمد بعيد ، وعندما ذهب والده ليقطعها اختفى فجأة ولم يعلم أحد مكانه منذ أكثر من عشر سنوات مضت ، وتلك العجوز لا ترغب بقطع الشجرة فهي تساعدها ، ولكنها تريد طريقة إلى دخول المنزل حتى تستطيع ، مواصلة ما قد بدأته.

اقترح الشيخ على الأب أن يجعلوا رجالاً من القرية ، ويذهبوا لقطع تلك الشجرة الملعونة من جذورها علّهم يخلصون القرية من تلك الأهوال التي يتعرضون لها ، فوافق الأب واجتمع الرجال وذهبوا ، وكانت الشجرة تصرخ مع كل ضربة فأس ، صرخات ارتعب لها الجميع ، وهم يخرجون من باطن الشجرة العيدي والمزيد من الصور والأعمال وبعض الأقمشة ، التي تنتمي لأشخاص كثر وأقفال ، وفجأة ارتطم معول الشيخ بهيكل عظمي ، فصرخ الرجل أن توقفوا هذا أبي المفقود.

عقب تلك الوقائع ، انتظر الناس ليروا نتيجة فعلتهم ولكن ، العجوز اختفت من القرية ، وساد الهدوء المكان كما كان من قبل ، وبالفعل تخلصت القرية من شر تلك الشجرة ، حتى أن البعض ممن عانوا من مشاكل جسدية ونفسية ورؤية الخيالات والكيانات المظلمة ، قد تعافوا جميعًا واحدًا تلو الآخر.

شارك المقالة:
70 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook