قصة عمرو بن العاص

الكاتب: رامي -
قصة عمرو بن العاص
"اسم عربي له رنينٌ قويٌ على السمع ، وفي التاريخ الإسلامي والعربي ، كان يثير الرعب في قلب الأعداء ؛ فهو الذي كتب إليه الخليفة أبي بكر الصديق قائلاً : إني سهم من سهام الإسلام وأنت بعد الله الرامي بها والجامع لها ، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها ، فارم بها شيئًا إن جاءك من ناحية من النواحي .

أصر الصغير عمرو علي أن يصحب أباه في قافلة التجارة ، وكان الأب مشفقًا علي ابنه ؛ لأن الرحلة هذا العام إلي أرض النيل مصر ، ولم يستطع الأب إلا أن يوافق ومضي عمرو إلي مصر ، وكان ذلك للتجارة في أيام الجاهلية ، وقبل أن تشرق علي الأرض شمس الإسلام .

أعجب عمرو بخصوبة أرض مصر ، وكثرة الخير فيها ؛ فقد رأي النيل ووجد فيه أكبر كمية ماء عذب شهدها في حياته ، إن بئر ماء في صحراء الجزيرة العربية يجتذب إليه الآلاف فما بالكم بهذا النهر؟

وكبر عمرو ومصر تملآ عقله ، وقلبه وخياله وعندما نزل الوحي علي رسول الله صلّ الله عليه وسلم ودعا للإسلام ، لم يكن عمرو ممن هداهم الله ، بل لقد بعثت به قريش إلي الحبشة ؛ لكي يقنع النجاشي بتسليم المهاجرين المسلمين إلي أرضه؟

وفشل عمرو في المهمة واستمر في معارضه الإسلام ، وامتد ذلك إلي اشتراكه في غزوه أحد التي كادت قريش توقع بالمسلمين هزيمةً كبيرةً بها ، كما كان من الذين حاصروا المدينة ولم ينجحوا في اقتحامها أثناء غزوة الخندق ، واستمر في عدائه للإسلام فترة إلى أن هداه الله.

خرج عمرو بن العاص من مكة في طريقه للمدينة ، وإذا به يلتقي أثناء الرحلة خالد بن الوليد وعثمان بن طلحه ، ومضي ثلاثتهم إلى حيث رسول الله فبايعوه ، وأسلموا وحسن إسلامهم جميعًا ، وفتح الله عليهم بنعمته وفضله .

وإذا بهم يلمعون كجنود ويقاتلون في سبيل الله ونصرة دين الله ، وقاد عمرو ثلاثمائة من المسلمين إلى غزوة ذات السلاسل ؛ التي استخدم فيها ذكائه ودهائه وفطنته ، وقد نجحت الحيلة بعد المدد الذي أتي من أبي عبيدة بن الجراح.

وامسك عمرو بالزمام في يده وهاجم الأعداء ؛ لينتصر عليهم وكلما زحف هربت جموعهم أمام اسمه الذي يثير الفزع والرعب ، وقد أشاد الرسول صلّ الله عليه وسلم ببطولة عمرو في هذه الغزوة.

وفي أول عهد أبي بكر الصديق مضي عمرو إلى المرتدين في الشمال ، وانطلق بعد ذلك لفتح فلسطين ، وكان بعد ذلك واحدًا من أبطال معركة اليرموك ضد الروم ، والتي بعدها فتح الله علي المسلمين كل بلاد الشام ، وانتزعها من أيدي الرومان.

ولكن حلم عمرو بن العاص كان يتجه قبالة مصر ؛ فقد كان يريد أن ترتفع فوقها راية الإسلام لذلك راح يغري الخليفة عمرو بن الخطاب بها ، ويعدد مزاياها ويهون أمر غزوها ، وقال أن الشعب في مصر يقاوم الرومان ، وسيرحب بالعرب أحفاد هاجر المصرية زوجه سيدنا إبراهيم وأم سيدنا إسماعيل عليهما السلام .

وافق عمرو بن الخطاب ؛ خليفة المسلمين ، ولو أنه كان يخاف ويخشى من تشتيت جنوده ما بين جزيرة العرب ، وبلاد الشام وبلاد الفرس ؛ لذلك بعث إلى عمرو بن العاص برسالة يطلب تأجيل دخول مصر والعودة ؛ إذا لم يكن قد دخل إليها أما إذا كان قد دخل مصر ؛ فعلي بركه الله.

ولكن عمرو بن العاص بالدهاء الذي اشتهر به لم يفتح الرسالة إلا بعد أن ترك رفح ، وفتح العريش ، وعبر سيناء إلى القنطرة ، ثم الصحراء الشرقية ، حتى وصل إلى بلبيس ، وأسر ابنة المقوقس حاكم مصر ، ولكنه أرسلها إلى أبيها معززةً مكرمةً.

وبعد ذلك كان حصار حصن بابليون ، وفتحت مصر ، وأشرقت شمس الإسلام عليها ، وأصبح عمرو أول حاكم لها من قبل خليفة المسلمين ، وبني بها أول مسجد عرفته مصر ؛ جامع عمرو بن العاص ؛ الذي بناه في الفسطاط ، والتي جعلها عاصمًة لمصر بدلًا من الإسكندرية .

ومازالت أثار الفسفاط باقية حتى الآن بمصر القديمة بعد أن بنيت مدينه القاهرة ، وصارت عاصمة لمصر أيام حكم الدولة العبيدية ، والتي اتسعت وارتفع في سمائها الآن ألف مئذنة ، وهكذا كان عمرو بن العاص بطلاً من أبطال الإسلام وفخرها ، لم ينسى التاريخ دوره في فتح مصر ولم ينس الإسلام دوره في صد هجمات المعتدين ، ونشر الدين.

"
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook