قصة عمير بن سعد

الكاتب: رامي -
قصة عمير بن سعد
اسمه عمير بن سعد بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه ، أسلم وهو لا يزال غلامًا وقد كان شديد التقوى والعبادة لله سبحانه وتعالى ، فقد كان دائمًا في الصفوف الأولى عند الصلاة أو الجهاد ، أما أبيه فهو الصحابي الجليل سعد القارئ رضي الله عنه .

كان عمير رضي الله عنه هادئ الطبع لا يسمع عنه أحد شيئًا ولا يظهر بين الناس إلى قليلًا وبرغم ذلك أحبه الصحابة وأحبوا مجلسة ، وعندما كان غلامًا تزوجت أمه من الجلاس بن سويد ، وكان يعامله الجلاس وكأنه ابنه وينفق عليه .

وذات يوم سمعه عمير بن سعد يقول عن النبي محمد صّل الله عليه وسلم : إن كان محمد حقًا لنحن شر من الحمير ، وقتها غضب عمير من هذا القول وأستنكره وقال له : والله يا جلاس إنك لمن أحب الناس إلي وأحسنهم عندي يدًا، وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه ، ولقد قلت الآن مقالة لو أذعتها عنك لآذتك ، ولو صمت عليها ليهلكن ديني ، وإن حق الدين لأولى بالوفاء ، وإني مبلغ رسول الله ما قلت .

وطلب منه الجلاس قائلًا : اكتمها علي يا بني ولكن عمير رفض هذا الطلب وقال : لا والله. وذهب إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وهو يقول : لأبلغن رسول الله قبل أن ينزل الوحي يشركني في إثمك.

وعندما ذهب عمير رضي الله عنه إلى رسول الله صّل الله عليه وسلم وحدثه عما قاله الجلاس بن سويد ، فقام الرسول صّل الله عليه والسلام بطلب حضور جلاس إليه حتى يتحقق من الأمر ، ووقتها أنكر الجلاس ما قاله عمير وحلف بالله أن ما قيل كذب .

فأنزل الله آيات تؤكد حديث الغلام حيث قال الله تعالى في سورة التوبة : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ? وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ? فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ? وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ? وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ???? } صدق الله العظيم .

وقتها اعترف الجلاس بما حدث وتاب عما فعل وحسن إسلامه ولم يسمع منه عمير رضي الله عنه أى شيئًا مرة أخرى ، وفي وقت تولي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة أخذ يرتب أمور الخلافة ويختار الأمراء والولاه وفقًا لدستوره الذي أعلن عنه قائلًا : أريد رجلاً إذا كان في القوم ، وليس أميرًا عليهم بدا وكأنه أميرهم ، وإذا كان فيهم وهو عليهم أمير ، بدا وكأنه واحد منهم ، أريد واليًا لا يميز نفسه على الناس في ملبس ، ولا في مطعم ، ولا في مسكن ، يقيم فيهم الصلاة ، ويقسم بينهم بالحق ، ويحكم فيهم بالعدل ، ولا يغلق بابه دون حوائجهم .

ولذلك قد اختار عمر بن الخطاب أن يكون عمير بن سعد رضي الله عنه واليًا على حمص ، وبعد محاولات كثير لعمير أن يعتذر عن ذلك ، رفض عمر بن الخطاب وألزمة بالولاية .

وبالفعل ذهب عمير رضي الله عنه إلى حمص ، ولكنه لم يرسل برسالة واحده إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه طوال سنة كاملة ، فتعجب الفاروق من هذا الأمر وأرسل إلى عمير بن سعد أن ياتي إليه ويتحقق من أمره ، فجاء عمير بن سعد إلى الفاروق عمر وهو في حالة تعب شديد متكًأ على عصاه .

فتحدث إلى الفاروق عمر بن الخطاب وألقى عليه تحية الإسلام فقال له الفاروق : ما شأنك يا عمير ؟ ، فرد عمير : شأني ما ترى ، ألست تراني صحيح البدن ، طاهر الدم ، معي الدنيا  فقال عمر : وما معك ؟  ، قال عمير : معي جرابي أحمل فيه زادي ، وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي ، وإدارتي أحمل فيها وضوئي وشرابي ، وعصاي أتوكأ عليها ، وأجاهد بها عدوًا إن عَرَض ، فوالله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي ، فسأله عمر : أجئت ماشيًا قال عمير : نعم .

فقال عمر : أولم تجد من يعطيك دابة تركبها ؟ ، فقال عمير : إنهم لم يفعلوا ، وإني لم أسألهم ، فقال عمر : فماذا عملت فيما عهدنا إليك به ؟ ، قال عمير : أتيت البلد الذي بعثتني إليه ، فجمعت صلحاء أهله ، ووليتهم جباية فيئهم وأموالهم ، حتى إذا جمعوها وضعتها .

ولو بقى لك منها شيء لأتيتك به، فقال عمر : فما جئتنا بشيء ؟ ، قال عمير: لا. فشعر عمر بن الخطاب بالفخر والسعادة وقال : جددوا لعمير عهدًا ، ولكن عمير بن سعد رضي الله عنه رفض هذا وقال : تلك أيام خلت ، لا عملت لك ، ولا لأحد بعدك ، وقد ظل عمير بن سعد متواجدًا ببلاد الشام حتى توفى فيها وذلك فى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

شارك المقالة:
64 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook