تخرجت أشجان من كلية الحقوق ، والتحقت بمكتب كمساعدة أحد المحامين الكبار في إعداد قضايا الدفاع ، وبدأ الخطاب يتقدمون إليها لكن أشجان كانت تظن الحياة طويلة ، وتكفي للتفكير في الارتباط لاحقاً ، وتركت لنفسها مجال للاستمتاع بتجربة العمل التي درست ، وسعت للوصول إلى تلك المكانة .
وانشغلت أشجان بالعمل ، ومرت الأيام والشهور والسنوات ، حتى بلغت أشجان عمر الخامسة والثلاثين ، وبدأ أهلها والعائلة تلومها على عنوستها ، وتأخرها في الزواج .
عريس يتقدم لخطبة أشجان : في أحد الأيام تقدم لخطبتها أحد شباب العائلة ، وكان يبلغ من العمر السابعة والثلاثين ، بل وكانت حالته المادية متواضعة ، ولكن وافقت أشجان على الارتباط بذلك الشاب ، وبدأ الاستعداد للزواج ، وطلب منها العريس صورة الهوية ، حتى ينهي إجراءات العقد فأعطتها له ، ولكن حدث أمر لم يكن في الحسبان .
لقاء مع والدة العريس : في اليوم التالي قامت والدة العريس بالاتصال بأشجان ، وطلبت منها مقابلتها على وجه السرعة ، ولكن بعيداً عن المنزل وبالفعل تم تحديد مكان اللقاء ، في مطعم قريب من منزل والدة العريس ، وذهبت أشجان إلى مكان اللقاء ، وفى الميعاد المحدد لذلك اللقاء .
وكان بداخلها عشرات بل مئات الأسئلة ، حول سبب ذلك اللقاء المفاجئ ، والذي يسبق عقد القران بأيام قليلة ، وصلت أشجان المطعم في الميعاد ولم تكن والدة العريس ، تصل بعد ، فجلست أشجان وطلبت كوب من عصير الليمون المثلج ، وظلت تفكر في سيناريو لهذا اللقاء ، الذي سيجمعها مع حماتها المستقبلية ، لأول مرة وساورتها بعض الأفكار حول هذا اللقاء .
منها أنه قد تصارحها بوضعهم المادي المتواضع ، بل وراودتها أفكار أخرى إنها ستقدم لها نصائح للسعادة الزوجية ، بل وسرحت بخيالها وتمنت ما لو كانت تريد مقابلتها لإعطاء هدية الزفاف لها.
وظلت أشجان تراودها أفكار متزاحمة حول ذلك اللقاء ، وكانت تتلهف لمعرفة سبب هذا اللقاء ، حتى تحسم أحد تلك الأفكار التي تساورها في ذهنها ، وبعد مرور نصف ساعة من الموعد المحدد ، أتت والدة العريس وألقت التحية على أشجان وجلست صامتة .
لم تستطع أشجان أن تفهم ما وراء الصمت ، فهل هناك أمر سار أم أمر مربك ، خاصة ولا يبدو على وجه والدة العريس ، أي علامات تشير بسر ذلك اللقاء ، وطلبت أشجان كوب من عصير المانجو لوالدة العريس .
لم تتحدث والدة العريس بكلمة واحدة ، حتى أنهت كوب العصير ثم فتحت حقيبتها ، وظنت أشجان إنها ستخرج لها هدية الزفاف ، لكنها اخرجت صورة هوية أشجان ، ومدت بيدها نحو أشجان .
أشارت إلى تاريخ الميلاد المذكور في الهوية ، وسألتها : أشجان هل ذلك التاريخ المدون في الهوية صحيح ؟ ، تعجبت أشجان من هذا السؤال وتحيرت ، ولكنها ردت في بساطة شديدة : بالطبع صحيح فهى صورة هويتي كما ترين .
فسخة الخطبة : أدركت أشجان بفطنتها ما وراء هذا السؤال ، ولكنها أرادت أن تسمع ذلك الكلام من والدة العريس ، حتى تتأكد مما يدور في ذهنها ، فأسرعت وطلبت من والدة العريس ، أن توضح لها سبب اللقاء بشكل مباشر ، فأخبرتها والدة العريس أنها تخشى أن يكون ذلك السن هو ، وقت حرج للإنجاب وربما تتعذر من الإنجاب .
وقع الكلام على أشجان وقوع الصدمة ، فظنت وكأنها في الخمسين من عمرها ، وهى تسمع تلك الكلمات القاسية كالحجر ، وتوقفت أشجان عن النظر إلى والدة العريس ، وحملت حقيبتها وغادرت المطعم مسرعة إلى المنزل ، وهى تجفف دموعها المنهارة بغزارة ، وطلبت من والدتها أن تتصل بالعريس ، ويوقفوا إجراءات الزواج ، وتعلن فسخ خطبتها .
الشكر لله في كل وقت : ظلت أشجان حزينة لعدة أشهر ، فكانت تحب ذلك الشاب بشدة ووجدت فيه فتى أحلامها ، والعديد من صفات الرجل التي طالما حلمت به ، وحاولت تنشغل في عملها حتى تتمكن من تناسي الامر ، ومر عامان وعلمت أشجان بحسن قدرها فقد كان ذلك الشاب ، يعاني من أحد الأمراض المستعصية ، والتي لم تظهر لديه أعراض المرض ، إلا قبل وفاته بثلاثة أشهر .
فقد شاء الله عز وجل أن يسبب الأسباب ، حتى لا ينكسر قلب تلك المسكينة طوال عمرها ، ورغم إنها عانت بفترة من الألم النفسي ، لكن حتماً سيهبها الله من يعوضها عن تلك الفترة ، ولم يسمح لها بعذاب فراق الحبيب طوال العمر ، فما أجمل أن نستسلم لإرادة الله ، ونعلم أن الأمور ستكون للخير آجلاً أم عاجلاً .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.