قصة فراشة الشمس

الكاتب: رامي -
قصة فراشة الشمس
ما هو المستحيل وهل فعلًا المستحيل ، مستحيلُ ، تلك هي الأسئلة التي ترددها الفراشة الزرقاء كل صباحٍ بصوت متقطع ، بينما هي تمد جناحيها الجملين لتغتسل بخيوط الشمس التي تزين البستان لتشرف على حقول الفراش الذي يعيش هنا ، وكانت الفراشة الزرقاء مختلفة بلونها عن باقي الفراش في البستان .

فكانت أجنحة معظمهم رماديًا وما تبقى بأجنحة بيضاء ، وحسب ما تقول الرواية فإن لعنة حلت على البستان ، حولت ألوان الفراش إلى رمادي أو أبيض ما عدا الفراشة الزرقاء التي كانت تلهو داخل زهرة البنفسج وغطتها حين حلت اللعنة ، وقد أحبت الفراشة الزرقاء الحياة وفقد كانت تقوم في الصباح الباكر وتنطلق في رحلة يومية لاكتشاف سماء البستان وتطير في الفضاء الرحب لكي تبحث عن مغامرة جديدة .

وتحاول إيجاد أسئلة عن كل الأسئلة التي تسألها لنفسها حول العالم ، وحول هدفها ونفسها وحول اللعنة التي حلت على البستان ، فكانت تطير فوق الهضاب الخضراء ، والسنابل الخضراء وتلهو بين أزهار الوادي حتى تصل إلى حدود البستان المحاط بجدار كبير مرتفع التي لا تستطيع عبوره .

فقد قالوا لها في البستان إن عبور الجدار هو أمرُ مستحيل ولو استطاع أحدُ العبور سوف يجد كل ألوان الفراس بالطرف الأخر وراء الجدار ، ولكن هيهات فلا يمكن عبور الجدار لأنه من سابع المستحيلات أن تستطيع أي فراشة الارتفاع حتى أخر الجدار الذي يلامس خيوط الشمس ويقبل قبة السماء البعيدة ، وهل هذا هو المستحيل .

ثم تسألت الفراشة الزرقاء أيمكنني عبور المستحيل وكلما كانت تقف إلى الجدار تقف أمامهم وتشعر بتحدي غريب يراودها ويحثها على العبور ، فتطير وترتفع حتى تصل لفتحة صغيرة جدًا في الجدار لتتوقف هناك وتنظر من خلالها إلى ما خلف الجدار .

فترى بيارة ساحرة يفوح عطر أزهارها على امتداد شاطئ ذهبي بين أشجار البرتقال وترى الألوان الخلابة تتدلى من الأشجار وتزين الهضاب ، تلك هي ألوان الفراش منها تلحظ الأصفر والأحمر والبني والأزرق وتلك الفراشات المصبوغة بألوان الطيف التي تشكل أجمل سجادة أمام ناظريها .

كم هو جميل هذا المنظر الذي يريح القلوب ، وقالت الفراشة الزرقاء لنفسها لماذا لا يمكن الوصول إلى هناك ولماذا يستحيل عبور الجدار ونظرت إلى الأعلى لترى ارتفاع هذا الجدار ، الذي يمنع جناحيها من التحليق في سماء الانطلاق ، ولكنها لم تستطيع رؤية نهايته .

وكانت الفراشة الزرقاء تقف كل مرة عند تلك الفتحة في الجدار وعند حلول المساء تعود إلى البستان لكي تخبر أصدقائها عنما رأت ، ولكن كل من سمعها كان يكرر الحكاية حول اللعنة وحول المستحيل وينسج القصص حول الأهوال وراء الجدار وهكذا تظل الفراشة الزرقاء وحدها بدائرة أحلامها ، وكانت الفراشة الزرقاء تحلم كل ليلة بالرحلة الصباحية نحو الجدار المستحيل حتى أصبح حلمها هذا تحدي يومي .

وصار الحلم يكبر حتى قررت اختبار هذا الجدار الكبير حتى لو اضطرت لعبور بوابة الشمس لأن في البستان يقولون إن المعبر الوحيد إلى ما وراء الجدار هو بوابة الشمس ، ولكن لا يمكن عبورها لأنه تتفجر هناك النيران والحمم التي تلتهم الأخضر واليابس .

فانطلت الفراشة ذات يوم صوب الشمس فعبور المستحيل ممكن لو آمنت بأنه ممكنُ ، وانطلت نحو الفترة وأخذت معها معول صغير لكي تنحت الفتحة وتخرج وانطلت وبيدها المعول حتى أعياها التعب ولم تجد تلك الفتحة حتى وصلت لحافة بارزة بالجدار فاستراحت هناك ، وبدأت تذكر أن الفتحة لم تكن بذلك الارتفاع ارتفعت أكثر ولم تجدها ولم تعد قادرة على حمل المعول وشعرت بالدوار وفكرت بالعودة إلى البستان دون أن تحدث أحدًا عما جرى .

ولكن بعدما استراحت قررت الرجوع ثانية ، ولكن عبث دون جدوى لأن الجدار أملس ، ثم عادت إلى البستان وقد أيقنت أن الطريق الوحيد هو الوصول إلى الأعلى وعبور بوابة الشمس وإن كان الأمر محفوف بالمخاطر ، فعقدت العزم ذات يومٍ وانطلقت نحو الجدار وطارت وارتفعت وارتفعت وفي قلبها إصرار وإيمان كبير ، ووجدت الفراشة مكان لتستريح قليلًا .

وظلت هناك ونامت ثم استيقظت فزعة حين اقتربت منها سحلية كبيرة ، فطارت بسرعة إلى الأعلى فلا يمكنها الرجوع إلى الأسفل ولا التوقف فإما أن تموت على سطح الجدار أو أن تواجه المستحيل وقد صار التحدي أكبر ، فاقتربت أكثر وأكثر من الجدار حتى صارت تشعر بحرارة الشمس الحارقة ، وحين وصلت فتحت جناحيها أمام النور واخترقت بوابة الشمس متجه نحو البيارة الساحرة بكل عزم لكي تعبر المستحيل وتعود مع كل الألوان إلى الفراش .

معزى القصة : لا شيء مستحيل .

شارك المقالة:
71 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook