قصة فقد الذاكرة

الكاتب: رامي -
قصة فقد الذاكرة
الذاكرة مخزن الخبرات والذكريات في الدماغ البشري ، وسجل حي لأحداث الماضي بما فيه من سعادة وفرح ، ومن حزن وألم ، أحيانا نسترجع بعض الأحداث بوضوح وكأنها أمامنا الآن ، وفي أحيان أخرى ننسى بعض الأحداث أو نراها باهتة ، وكأنها وهم أو حلم هارب ، وإلى الذاكرة يرجع الفضل في اكتسابنا للعلوم والمعارف ، وفي امتلاكنا للحكمة ، وللقدرة على معرفة الناس والأماكن والأشياء ، فما الذي يحدث داخل بنوك الذاكرة في الدماغ ، عندما يصاب الانسان بفقد الذاكرة ؟

قوة الذاكرة :
ففي الحالات الطبيعية تقع خلايا الذاكرة في مؤخرة الدماغ ، فوق المنطقة التي تتحكم في الإبصار ، وتكون سليمة ومحمية داخل عظام الجمجمة ، وتتصل بمراكز التفكير والإحساس والحركة والإدراك ، وبرغم أن العلماء استطاعوا تحديد موقع الذاكرة في الدماغ ، فهم عاجزون عن تفسير عملها المحفوف بالغموض .

إن قوة الذاكرة تختلف من شخص إلى آخر ، وهناك من العلماء من يرى أن الذاكرة تقوى بالتمرين ، مثل أي عضلة في الجسم ، كما أن العلم عرف حالات نادرة ، تكون فيها الذاكرة مثل الكاميرا الفوتوغرافية تسجل كل شيء ، وتستعيده بدقة متناهية.

الجريمة والذاكرة :
مثل هذه الذاكرة كانت لدى موظفة بنك تم الاعتداء عليها في شقتها ، لقد هاجمها الجاني في الظلام ، وقبيل مغادرته الشقة أضاء النور للحظات قليلة ، ليتمكن من سرقة النقود التي كانت في محفظتها ، لقد قدمت الضحية لرجال الشرطة ، وصفاً تفصيلياً دقيقاً لملامح الجاني مكّن أحد الرسامين ، من رسم صورة دقيقة له ساعدت في القبض عليه ، وذلك في عام 1986م ، حيث تم الحكم عليه بالسجنلمدة سبع سنوات .

أشهر أصحاب الذاكرة القوية :
أما أشهر من عُرف بذاكرته الفوتوغرافية فراهب بوذي من بورما ، يستطيع قراءة  16ألف صفحة منالصلوات البوذية غيبًا ، وهناك أيضًا المهندس دومنيك أوبريان من جلفورد بسوراي ، والذي يستطيع التعرف غيباً على 312 ورقة ، من أوراق اللعب بعد عرضها عليه بشكل عشوائي مرة واحدة، لقد عرضوا عليه ست عبوات من أوراق اللعب خلال ساعة ونصف ، فاستعادها بنفس الترتيب من الذاكرة خلال نصف ساعة فقط .

فقد الذاكرة :
وعلى العكس من هؤلاء هناك أشخاص يفقدون ذاكرتهم وينسون الأحداث الهامة في حياتهم ، كما ينسون الأشخاص الذين يعرفونهم ، والمعلومات التي تعلموها ، وينتج فقد الذاكرة عادة من تلف يصيب خلايا الذاكرة ، بفعل جرح أو صدمة قوية تصيب الجمجمة ، وخاصة عقب حوادث السيارات ، كما أن بعض الأفراد قد يتعرضون لفقد الذاكرة ، عقب صدمة عاطفية قوية ، أو حادثة رهيبة مفزعة .

أشهر المصابين بفقد الذاكرة :
واحد من الذين أصيبوا بفقد الذاكرة بعد حادث سيارة ، نسي زوجته وأبناءه ، وواحدة من مواليد هنغاريا فقدت ذاكرتها في انجلترا حيث كانت تعمل ، عقب تلقيها نبأ خبر وفاة والدتها ، ومن أشهر حالات فقد الذاكرة المشهورة التي شهدتها بريطانيا في عام 1984م ، حالة المؤرخ الموسيقي وأحد المنتجين العاملين في محطة إذاعة الـ BBC كليف ويرنج ، والذي أصيب بالتهاب فيروسي في دماغهأفقده الذاكرة .

وجعله يعيش فقط في الحاضر ، فكان كليف على سبيل المثال ، كلما رأى زوجته يهرع اليها والدموع في عينيه لاعتقاده أنه يراها بعد غيبة طويلة ، بالرغم من أنه كان معها قبل دقائق ، ولم يفقد ويرنج قدرته على القراءة والكتابة ، فكان يكتب مذكراته اليومية ، ولكنه كان ينسى ما يكتبه ولا يستطيع التعرف على خطه .

وكانت أكبر مشكلاته وجبات الطعام ، حيث كان يأكل كلما شاهد طعاماً ، دون أن يذكر أنه تناول وجبته قبل نصف ساعة ، أو حتى قبل بضع دقائق ، ولذلك أصيب بالسمنة نتيجة الوجبات العديدة التي كان يتناولها .

معدلات فقد الذاكرة :
تشهد بريطانيا 50 حالة مثل حالة كليف ويرنج سنوياً ، كما أن هناك نحو نصف مليون ضحيةلمرض الزهايمر الذي يصحبه فقدان للذاكرة ، غير أن هناك بعض الأمل أخذ يلوح في الأفق ، ففي عام1988م تطوع البروفيسور مارتن الحائز على جائزة نوبل ، لتجربة عقار الذاكرة THA، بعد أن أصيب بمرض الزهايمر وأخذ يفقد ذاكرته شيئاً فشيئاً ، لقد كان مارتن ينسي رقم القطار الذي يأخذه إلى منزله فيركب القطار الخطأ ، ويتوه بين محطات القطار قبل أن يستدل فجأة وربما بالصدفة ، على رقم القطار الصحيح .

هذا ويأمل العلماء في التوصل إلى تركيب عقار هرموني ينشط الذاكرة ويشفي حالات فقدانها ، بل ويؤثر على حالات الانسان العقلية والعاطفية ، وقد تنبأ الباحث الهولندي البروفيسور ديفيد دي ويد ، أن اكتشاف عقار جديد لعلاج قصور وضعف الذاكرة ، سوف لا يشفي حالات فقد الذاكرة فحسب ، وإنما سيستعمل كذلك لتقوية ذاكرة الناس العاديين الأصحاء .

محاولات لاكتشاف العلاج:
وقد تم في هولندا بالفعل اكتشاف هرمون 4-9ACTH ، الذي أثبت فعاليته في تحسين الحالةالنفسية للمصابين بالإحباط والكآبة ، كما أثبت هذا الهرمون أنه يزيد من فعالية التركيز والدافعية لدى الأفراد .

وفي كندا تم استخدام هرمون الأكسيتوسين باعتباره ، عقاراً للنسيان ، والأكسيتوسين هرمون يفرز في المرأة بشكل طبيعي لتخفيف آلام الولادة ، وهو يجرب اليوم في حالات تتطلب نسيان الخبرات المؤلمة والأحداث المفزعة .

يقول الدكتور دي ويد وكأنه على يقين مما يتنبأ به : سوف نتمكن في المستقبل من التأثير على جميع العمليات في الدماغ ، وإذا كان نقص الهرمونات هو المسئول عن ضعف الدماغ وشيخوخته ، فبإمكاننا تعويض تلك الهرمونات وتجديد شباب الدماغ .

شارك المقالة:
54 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook