قصة قارون (الجزء الثالث الأخير)

الكاتب: ولاء الحمود -
قصة قارون (الجزء الثالث الأخير)

قصة قارون (الجزء الثالث الأخير).

 

وبالفعل نجحت خطة فرعون في شغل الناس بترف الدنيا وإبعادهم عن قصة موسى وأتباعه، وما إن جهز جيوشه حتى خرج ليبيد كل من آمن بموسى بعدما أمر بتعذيبهم جميعا وأهلهم، ولكن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى نبيه فخرج سيدنا موسى ومن آمن معه، فتبعهم فرعون وجنوده، وما إن وصل موسى إلى البحر فاعتقد القوم بأنهم مهلكون فمن أمامهم البحر ومن خلفهم فرعون وجنوده، فدعا موسى ربه فأخبره بأن يضرب البحر بعصاه فانفلق البحر وأصبح كل فرق كالطود العظيم، وعبر موسى ومن معه، وأيضا تبعهم موسى ولكن البحر عاد إلى طبيعته وغرق كل من فرعون وهامان وجنودهما جميعا، وكانت هذه نهاية أعداء الله.

 

انتشر بين القوم معجزة موسى عليه السلام وهلاك فرعون ومن معه، وعندما بلغ الخبر قارون صنع لموسى مكيدة عظيمة، حيث أرسل إلى بغية حسناء وبعدما فعل بها ما يحلو له وعدها بأن يعطيها كل ما تريد إن نجحت في المهمة التي سيكلفها بها، لقد كانت كاذبة ومخادعة مما جعل قارون يرى فيها الشخصية المناسبة لتحقيق أهدافه الخبيثة.

 

أرسل بها مع خادمه إلى صحراء سيناء حيث يمكث موسى وأتباعه على كونها ابنة صماء بكماء ويريد والدها (خادم قارون) أن يعالجها عند الرجل الذي ذاع صيته بأنه نبي من الله ويذهب إلى الناس ليدعو لهم ربه بالشفاء، وكل من يذهب إليه لا يخيب رجائه، وبالفعل تمكنا هما الخبيثان من الوصول إلى خيمة نبي الله موسى، وقد دعا ربه ليشفي الفتاة المسكينة؛ ولكن نفذا الخطة الوضيعة إذ قالت البغية أن موسى قد أفقدها أعز ما تملك عندما كان يعالجها بخيمته، استشاط أتباع موسى غضبا عليها وعلى والدها، ولكنها أصرت على مواجهة موسى نبي الله بافترائها وبهتانها العظيم.

 

أول ما سمع موسى افتراء الفتاة عليه وقولها الإثم بغير الحق ارتعد جسده وقام ليصلي إلى الله، شعرت الفتاة بخوف شديد دب في قلبها، وأول ما فرغ نبي الله من الصلاة استحلفها بالله من أمر البحر فانشق لبني إسرائيل ونجاهم من بطش فرعون العاتية وجنوده الأقوياء أن تصدقه القول، هل فعل بها مثلما قالت؛ وقعت الفتاة على الأرض باكية متوسلة نبي الله موسى أن يسامحها ويغفر لها خطيئتها، فقد ادعت عليه كذبا وأن قارون هو من استأجرها لتفعل ذلك.

 

خر حينها نبي الله موسى ساجدا باكيا يشكو إلى ربه كل ما ألم به من هم وحزن شديد، فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ما يبكيك يا موسى؟، ألم نسلطك على الأرض؟!، فأمرها بما شئت ولا تحزن يا موسى؛ فقال نبي الله موسى عليه السلام للأرض “خذيهم خذيهم”؛ أمر الله سبحانه وتعالى الأرض بأن تنخسف بقارون وبملكه، فاستجابت الأرض لأمر خالقها طائعة فانبثقت المياه الغزيرة منها وتوارى قارون وأتباعه وكل أملاكه تحت الماء، ولم يجيره أحد من أمر الله سبحانه وتعالى.

 

مر القوم على المكان الذي كان به قصر قارون وتعجبوا من قدرة الله سبحانه وتعالى متسائلين أين اختفى كل ما كان من خزائن وبروج مشيدة وكل أمواله التي لا حصر لها، كل من بالقوم كان يتمنى أن يكون مكانه بالأمس ولكنهم الآن يحمدون الله أنه سبحانه وتعالى لم يستجب لهم وإلا لكانوا لاقوا نفس مصيره الأليم، وأصبح درسا على طول الدهر لكل من تسول له نفسه بأن ينتهج مقولته “إنما أوتيته على علم عندي”.

 

قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ” فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ، وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ” صدق الله العظيم.

شارك المقالة:
167 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook