قصة قطة الرماد

الكاتب: رامي -
قصة قطة الرماد
"يحكي التراث الجزائري قصة حطاب وبناته السبع ، حيث توفيت أمهن عقب ولادة ابنتها الصغرى وظل الحطاب في خدمة بناته ورعايتهم ، وكان رجلاً فقيرًا يعيش في كوخ متواضع ، وتعيش معه بناته السبعة ، وفي أحد الأوقات قرر الحطاب أن تذهب بناته معه من أجل التحطيب وكسب لقمة العيش ، فوافقت البنات عدا الأخت الصغرى ، تم إيداعها بالمنزل تقوم بأعماله من تنظيف وصيانة وكانت الأخوات يجبرنها على تنظيف الموقد بشكل دائم .

كانت الأخت الصغرى تظل بالمنزل تعمل على تنظيف الموقد ، فتمتلئ ثيابها ووجهها كله بالرماد حتى صارت أخواتها يلقبونها بقطة الرماد السوداء ، توالت الأيام والوضع كما هو ، ففكر الأب بأن المسئولية قد زادت على عاتقه وأنه لابد له من الزواج بامرأة أخرى تقوم على رعاية بناته السبع ، وبالفعل اتخذ الحطاب الخطوة الفعلية وقام بالتزوج من امرأة ، ولكنها لم تكن كما يريد فقد كانت ماكرة وداهية ولا ترغب بوجود بناته أبدًا.

بدأت السيدة الجديدة ألاعيبها ، فبدأت بجعل البنات يقمن بأعمال المنزل ليلاً ونهارًا في حين تستلق هي فوق الأريكة ، تتناول قدحًا من الشاي ، بينما البنات يعملن بالمنزل طوال اليوم ، وكانت تطعمهن الخبز اليابس والماء ، وتعمل على أن ينمن باكرًا قبل عودة والدهن ، ثم ومع عودة الأب تقوم زوجته بإظهار ما أخفته مما لذ وطاب ، وتخبره بأن بناته قد أخذن نصيبهن قبل الخلود للنوم.

استمر الوضع بهذا الشكل حتى جاء أحد الأيام ، استيقظت فيه الفتاة الصغرى من النوم لتجد والدها وزوجته يتناولان ما لذ وطاب من الطعام ، فأطعمتها السيدة مضطرة أمام زوجها ، ثم أخبرت الفتاة جانبًا بألا تروي ما حدث لأخواتها.

انطلقت القطة الرمادية نحو فراشها ، وما أن انحشرت إلى جوار أخواتها حتى أخبرتهن بما حدث ، فبدأت الفتيات ينهضن واحدة تلو الأخرى ، وتخرج كل واحدة لتشارك أبيها وزوجته الطعام وتأخذ نصيبها ، ثم تذهب للغرفة وترسل بأختها.

ظل الوضع بهذا الشكل يوميًا ، إلى أن ضاقت بهن زوجة أبيهن ذرعًا فقامت بالنحيب إلى زوجها في أحد الأيام ، وقالت له أنهم فقراء ويعانون الفاقة ، ولابد له من أن يعمل على راحة الفتيات وألا يربطهن إلى جواره هكذا ، فسوف يموتون جوعًا كلهم بهذا الشكل ، خاصة مع ضيق الحال وأنه لم يعد يقوى على العمل هكذا ليلاً ونهارًا ، وبسؤالها عما يفعل ، أخبرته الزوجة الماكرة بأن يذهب بالفتيات إلى الغابة الواسعة ، ففيها ما لذ وطاب من الفاكهة والطعام وأن البنات سوف يستطعن التصرف والعيش بالغابة .

غضب الحطاب غضبًا شديدًا من زوجته ، ولكن الأخيرة ظلت خلفه طوال الوقت بهذا الحديث حتى أقنعته بأن يذهب بهن إلى الغابة ويتركهن وحدهن ، انطلق الحطاب إلى الغابة ومعه بناته السبع وقام بحفر حفرة كبيرة ، وقال لهن أنه سوف يذهب مع زوجته ليباشر التحطيب وسوف يأتي عقب الانتهاء ليأخذهن ، وافقت الفتيات وقام الأب بوضع قطعة خشبية فوق الحفرة ، فإذا ما تحركت ظنت الفتيات أن والدهن ما زال يعمل فتهدأن.

ما أن حل لظلام وأخذت الذئاب في العواء ، فأدركت الفتيات أن والدهن قد تركهن لمواجهة الحياة وحدهن ، فأخذن يحاولن الخروج إلى خارج الحفرة ولكنهن لم يستطعن ، خاصة وأن الجوع قد ضرب بطونهن جميعًا ، فاضطررن لحفر الأرض وأكل الدودو حتى يخرسن جوعهن ، ومع الحفر المستمر إذا بهن ترين نافذة تطل على قصر الغوله ، فاقترحت إحداهن أن تذهبن إليها وترتمين في أحضانها مدعيات أنهن يحبونها ، وقالت الابنة الرمادية أن الغولة قد تحتويهن وتقدم لهن الطعام .

بالفعل نفذت الفتيات وذهبن إليها وما أن بادرن بالحب والاحتضان ، حتى أكرمتهن الغوله وقدمت لهن الطعام والشراب ، وأخذن يتحدثن معها ، حتى جاء موعد عودة الغول ، فقالت لهن الغولة أنه قاس ولابد لهن أن يختبئن بعيدُا عن أعينه ، فاختبأن خلف الأواني ، وكانت الغولة قد نسيت أنه يجمع الأواني كلها حوله عند وجوده.

عاد الغول وما أن جلس على المائدة حتى أمر الأواني كلها بالاجتماع حوله ، فانكشف أمر الفتيات ، فذهبن إليه وهن يقلن له أنهن يحبونه كثيرًا ويرغبن أن يصبح أبًا لهن ، اندهش الغول في البداية ولكن مع إصرار زوجته الغولة ، وافق على وجود الفتيات معهما .

مكثت الفتيات فترة طويلة داخل قصر الغولين وقد أكرماهن كثيرًا ، ولكن الفتيات كن قلقات بشأن الإقامة مع الوحشين ، وذات ليلة خرجت إحداهن بفكرة أن يبدأن هن بالتخلص من الغولين حتى ينعمن بالقصر والحياة بلا رعب أو خوف ، لذلك في صباح اليوم التالي منعن الغولة عقب خروج الغول من القصر ، بأن تدخل إلى غرفة الطهي مدعين أنهن يقمن بإعداد مفاجأة لها.

طال الوقت وطلب الغولة أن تلقي نظرة عما تفعلنه الفتيات ، ومع إلحاحها قامت الفتيات بتقريبها من الموقد ، حتى أصبحت أمامه مباشرة فاجتمعن حولها وألقين بها داخله ، حتى احترقت ، عقب أن تخلصت الفتيات من الغولة جاء دور الغول ، والذي ما أن عاد إلى المنزل ليجد الفتيات وقد قمن بإعداد لطعام له ، وأخبرنه أن الغولة تجهز له مفاجأة عقب تناوله للطعام ، وما أن جلس على كرسيه ، حتى سقط به في حفرة مشتعلة بالنيران أسفل المقعد ، وسقط بها ومات محترقًا هو الآخر.

هنا خلا القصر من الوحشين وعاشت به الفتيات ، حتى جاء أحد الأيام ندم الحطاب عما فعله ببناته فقرر أن يذهب ليعيدهن إلى الكوخ ، ولكن زوجته أبت أن تخرج معه في البرد ، فتركها وخرج بحثًا عن بناته .

وما أن ذهب إلى المدينة حتى علم بأمر القصر والفتيات والغولين ، فذهب إليهن وطلب منهن العفو والغفران فسامحته الفتيات ، وظل الحطاب معهن داخل القصر ، في حين ماتت زوجته في الكوخ بردًا وجوعًا ونالت عقابها.

ولابد لنا من الإشارة إلى أن ما فعلته الفتيات جرمًا بالفعل ، فقد أحسن الوحشين استقابلهن وأطعمهن ، ولم يكن يجب عليهن أن يفعلن ما قمن به ، فالغدر ليس شيمة الأسوياء ، ويقول المولى عزوجل في كتابه الكريم ؛ {هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ} .

لابد لنا أن نتعامل بما يرضي الله عنا ، وألا نترك أفعالنا للشيطان يلهو بها كيفما شاء ، فلابد من تبادل المعروف والإحسان سويًا ، وألا نفكر بالغدر من أي شخص ائتمننا على حياته قط .

"
شارك المقالة:
89 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook