قصة لعبة الكبار

الكاتب: رامي -
قصة لعبة الكبار
ليلى فتاة جميلة تبلغ من العمر أربعة وعشرون عامًا ، يتيمة الأبوين وتربت بإحدى دور رعاية الأيتام ، التي عانت فيها الكثير من القسوة هي وغيرها والفتيات ، ولكن ليلى كانت مميزة وأكثر طموحا وجرأة ممن حولها ، فكثيرًا ما أرادت ورسمت وخططت لنفسها حياة ، مختلفة ومتميزة طالما رغبت بها وعملت عليها .

استطاعت ليلى أن تتفوق في دراستها ، وكان مجموعها الكبير هو الفاصل ، الذي من شأنه أن يمنحها تحقيقًا لأحلامها الواسعة ، ولكن للأسف قلة ذات اليد ، منعت ليلى من الوصول إلى طموحها ، فليس لديها دخلاً خاصًا بها ، تستطيع من خلاله ، أن تنفق على دراسة مثل الطب ، نعم فهي أرادت أن تصير طبيبة ولكن ليس لدها المال ، فانطلقت لدراسة التمريض عوضًا عن الطب ، حتى تظل بالقرب من هذا التخصص .

عندما بلغت ليلى سن الثامنة عشرة من عمرها ، تركت الدار خلفها لتنطلق في مواجهة الحياة وحدها ، كما بدأتها منذ الصغر ، فعملت كنادلة بإحدى المطاعم حتى أتمت دراستها للتمريض ، وكانت تعيش وقتها بغرفة مشتركة مع بعض الفتيات ، حتى تتمكن من توفير نفقاتها ، وبعد أن تخرجت استطاعت بتفوقها وحصولها على مرتبة تخرج متميزة ، أن تترشح للعمل بإحدى المستشفيات الخاصة المرموقة ، مما أمّن لها راتبًا مميزًا ، استطاعت بواسطته أن تستقل بشقة خاصة بها .

كانت ليلى ممرضة مميزة وعملها في غاية المهارة ، وفي إحدى الأيام أتاهم طفلاً صغيرًا ، مصابًا بإطلاق نار أصابه برصاصة في الكتف ، وظلت برفقة الأطباء وبعض الممرضات يعملوا جميعًا ، لاستخراج الرصاصة في عملية دقيقة استغرقت حوالي الثمان ساعات ، لتعود بعدها ليلى إلى منزلها ، في وقت متأخر ولا تجد وسيلة مواصلات تقلها لمنزلها ، فاضطرت أن تترجل حتى المنزل ، لتلقي بجسدها المنهك فوق الأريكة وهي لا تدري شيئًا .

في الصباح الباكر استيقظت ليلى فزعة من نومها ، مع دقات جرس الهاتف المتواصلة لتجد زميلتها بالعمل ، تطلب منها أن تهرع للمشفى فالمدير سوف يعقد اجتماعًا ، لكل طاقم التمريض الذي عمل في جراحة الأمس ، حاولت ليلى الاعتراض فهذا يوم إجازتها ولم تأكل شيئًا منذ البارحة إلا أنها لا ترغب في فقدان وظيفتها بالطبع .

تناولت فطورها وأخذت حمامًا دافئًا لتستعيد نشاطها ، وانطلقت مسرعة نحو المشفى ، لتجد المدير يحدثهم بشأن عملية الأمس ، فالطفل هو ابن لرجل أعمال مشهور ، وهذا الرجل له الكثير من الأعداء ويرغب في أن ينتقل ابنه للعلاج بالقصر ، بدلاً من المشفى ويرغب في ممرضة ماهرة تعتني به.

فكرت ليلى قليلاً وتذكرت الرجل ، فلطالما شغلت أخباره الصحف وتصدر عناوين المجلات ، حيث قيل بأن له علاقات مشبوهة كثيرة ، وأن أمواله يعتقد أنها قد أتت من عمليات غسيل للأموال ، بالإضافة إلى أن ماضيه ليس معروفًا قط ، لتستفيق من شرودها على صوت مدير المشفى وهو يخبرها بأن تتجهز لتلك المهمة ، وما أن اعترضت حتى هددها مدير المشفى بالطرد وفقدان وظيفتها ، فانصاعت لأمره مجبرة .

رافقت ليلى سيارة الإسعاف التي تحمل الطفل ، وأمامها وخلفها وحولها من كافة الاتجاهات ، سيارات لرجال كثر مدججون بالأسلحة ، وقالت في نفسها أن البيت الأبيض لا توجد عليه ، حراسة مثل تلك ولكنها صمتت لتراقب القصر المهيب الذي برز ، بين مساحات الأراضي الشاسعة حوله بلونه الأحمر المميز .

دخلت ليلى إلى القصر لتنبهر بجماله ، ولكنها صعدت برفقة الخدم إلى الغرفة التي سوف يقيم بها الطفل ، وتلقت تعليمات الطبيب عما سوف تفعله حرفيًا ، ليتركها وحدها وينصرف ، جلست ليلى بعد أن جهزت الطفل جيدًا واطمأنت عليه ، وأخذت تتأمل كافة تحف القصر ، كان الأثاث ثمينًا وبحق ، والديكور والتحف أيضًا ، ولكن كل شيء يكسوه اللون الأحمر ، فتساءلت بينها وبين نفسها ، عما يدفع الرجل لتغطية قصره بهذا اللون .

جاعت ليلى وشعرت بالتعب الشديد ، فهي لم تنم جيدًا ولا تدري أين سوف تنام ، فجاءها أحد الخدم يطلب منها أن تقابل رجل الأعمال ، وما أن دخلت مكتبه حتى وجدته جالسًا على كرسيه وظهره لها ، ووجهه نحو النافذة ، فألقت السلام وجلست منتظرة حديثه .

أخبرها رجل الأعمال الشهير ، بأنها ممنوعة من استخدام الهاتف أو الخروج من القصر ، وعليها أن تلتزم بموعد الطعام المحدد وألا تخلفه قط ، فخرجت ليلى بعد انتهاء الحديث ليبادرها أحد الخدم بأن موعد العشاء قد حان ، لتذهب وتجد الرجل جالسًا ينتظرها وأخبرها أنه لا يتناول طعامه مع الموظفين ، ولكنه يردي أن يفعل ذلك برفقتها .

مضت الأيام وشفى الطفل ، وتعلق بليلى التي كانت تلعب معه وتمازحه دائمًا ، ولكنها قد حان وقت مغادرتها ، فأراد الطفل أن تبقى معه ولكنها اعتذرت فهي لا ترغب في المكوث بهذا السجن ، وهنا أخبرها السيد وهو يعطيها ظرفًا به بعض المال ، أنه يرغب بمكوثها بصحبة الطفل وسوف يجزل لها العطاء ، ولكنها رفضت واعتذرت بلطف ، فأخذها السائق إلى منزلها .

لم تكد ليلى تذهب للمنزل حتى شعرت بشيء بارد ، يوضع على جانب رأسها وما لبثت أن أدركت بأنه مسدسًا ، في سرعة تم تقييدها إلى أحد المقاعد ووجدت شخصًا تعرفه من الجرائد والمجلات ، هو رجل أعمال شهير يدعى أحمد ، وهو منافس للسيد كمال الذي اعتنت بابنه ، يالها من مفارقة يارتى ماذا يريد .

لمح الرجل حيرتها والتساؤلات بعينيها فأخبرها ، بأن السيد كمال أحرق له مصنعًا ، وأنها السبيل الوحيد للحصول على ابن هذا الرجل ، ولما أبدت ليلى اعتراضًا قاطعًا أخبرها ، بأن الحوادث قد تقع وقد تكون صديقتها بالمشفى ضحية حادث أليم ، أو أن جارها سالم الذي يعشقها ويرغب بالزواج منها ، قد يلقى حتفه جراء الغاز المفتوح بمنزله  وهكذا .

شعرت ليلى بالخوف وتساءلت عما يريد ، فأخبرها بأن تقبل وظيفة المربية لابن كمال ، وأن تطع أوامره حتى تحضر الطفل حيًا ، وأخبرها أنه لن يؤذ الطفل ولكنه ورقة رابحة للضغط على كمال فقط .

في اليوم التالي وجدت ليلى داخل الظرف ، الذي أعطاه لها كمال ورقة مكتوب بها رقم ما ، فاتصلت بالرقم لتجد السكرتيرة تجيبها ، وما أن علمت أنها ليلى حتى أخبرتها أن السيارة سوف تأت لها عند المنزل لتقلها نحو القصر .

أمضت ليلى بالقصر بعض الوقت ، عقب أن اتفقت مع السيد كمال على إتاحة الفرصة لها ، كي تخرج بصحبة الطفل ، وأن تتخلى عن بعض القوانين داخل القصر ، وصمت الرجل قليلاً ثم بادرها بالموافقة .

مضت الأيام وكان السيد أحمد ، يتواصل مع ليلى عن طريق جهاز دقيق ، وضعه داخل أذنيها وأخبرها أنها لن تستطيع أن تنزعه ، حتى حانت اللحظة الفارقة وطلبت ليلى من السيد كمال الخروج بصحبة الطفل ، فهو يكاد لا يرى الطريق قط ، إلا من الذهاب والعودة للمدرسة ، ولا يوجد لديه أية أصدقاء ، فوافق كمال على أن تصحب الطفل للمدينة ، ولكن بصحبة الحرس .

خرجت ليلى والطفل وظلا يلهوان بالملاهي ، وابتاعت له كل ما أراد من ألعاب وحلوى وقضيا يوم رائع للغاية ، وكان أحمد على تواصل معها ، فطلب منها أن تذهب لدورة المياه برفقة الطفل ، وبالفعل ذهبت به ونهرت الحرس عندما أرادوا الذهاب معهما ، وقالت لهما أنهم لن يلاحقوا الصغير حتى دورة المياه ، فانصاعوا لها و أم أن خرج الطفل حتى أخبرته ليلى ، بأن يلعبا الغميضة مع الحرس ، ويهربا منهما من الباب الخلفي ، وبالفعل انطلقت ليلى والطفل حتى وجدا سيارة سوداء ركبا بها وفقدا وعيهما في الحال ، بعد أن انطلق مخدرًا قويًا نحوهما .

استفاقت ليلى لتجد نفسها برفقة الطفل ، وأمامها يجلس أحمد وهو يضحك ساخرًا ، وعندما طلبت منه ليلى أن يفي بوعده وألا يؤذ الطفل ، حتى ضحك ساخرًا وقال لها أن الوعود ، تنطلق لكي تنكث فبكت ليلى نادمة على ما فعلت .

فجأة انطلق صوت جهوري في المكان ، وضع مسدسه برأس أحمد وشكر ليلى ، كان هذا هو السيد كمال ، الذي ضحك وقال أن ليلى قادته إلى هذا المكان ، وأنه طالما رغب في الانتقام من أحمد وقتله ، وأن هذا الطفل ليس سوى ابنًا لأحمد !

نعم كان كمال شقيق لأحمد ، ولكن من عشيقة والده وما أن علمت والدة أحمد بالأمر ، حتى قررت أن تقتل والدة كمال ، وتم ذلك أمام عينيه حتى لا يعترف الأب به ، وأودعت أحمد دار للأيتام ، مكث بها طوال حياته حتى خرج ، وظل يعمل ليبني لنفسه هذا الصرح ، وهو يقسم على الانتقام لأمه المغرورة ، حتى أتته الفرصة من ذهب عندما ذهبت إليه ، سكرتيرة أحمد إلى كمال ، وأخبرته أنها حامل من أحمد وأنه لا يريد الاعتراف بالطفل ، فتزوجها كمال حتى ماتت وهي تلد طفلها ، وهو يرغب في أن يدفع أحمد لقتل ابنه وها هي قد حانت اللحظة ، لينتقم من هذا الشخص البائس .

طالب كمال من رجاله زرع القنابل في الغرفة ، وتفجيرها بمن فيها وبالفعل نفذ الرجال ، وانصرفوا قبل أن ينفجر المكان ، فطلب أحمد من ليلى أن تمد يدها إلى الحائط ، لتفعل ذلك وينفتح بابًا إلى الغابة خلف منزله ، انطلقت ليلى من خلالها برفقة الطفل ، بينما ظل أحمد في الداخل وهو لا يستطيع الركض ، فهو عجوز بالستين من عمره ، وانطلقت ليلى مع الطفل وسمعا صوت الانفجار يأتي على المنزل بمن فيه .

تزوجت ليلى بسالم جارها وانتقلت للعيش معه ، في قريته وأخذت الطفل ، لتعمل على تربيته بصحبة زوجها ، واختفت هي والطفل عن أنظار السيد كمال ، حتى لا يقتلهما فهما فقط من يعرفان الآن أصله جيدًا .

شارك المقالة:
69 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook