قصتي ببساطة هي لعنة القدرات الخارقة ، نعم أن تمتلك قدرات خارقة في مجتمع جاهل هو أمر بمثابة لعنة ، لأنك حينها ستتعرض تارة للاتهام بالجنون وتارة أخرى بمس من الجن ، أو بمرض لفت الانتباه ، أو قد تتحول إلى أسطورة يتحدث عنها الجميع ، ويحولوها إلى أسطورة وهمية كبيرة .
كنت طوال عمري فتاة عادية ، ولكن حين صار عمري ثلاثة عشر عام كانت أسرتي تعدل من أشياء بالمنزل ، بعض الإصلاحات الضرورية ، في أثناء هذه الإصلاحات وقع على رأسي قالب من الطوب الكبير ، سقطت فاقدة الوعي في نفس اللحظة .
حملني والدي وأسرع بي إلى المستشفى حيث قام الأطباء بعمل العديد من الفحوص ، وكانت جميع هذه الفحوص تؤكد أن كل ما في الأمر أنني أصبت بارتجاج خفيف في المخ ، وكان العلاج لهذه المشكلة فقط بعض المسكنات والراحة التامة في السرير .
عدت إلى المنزل ، كان كل شيء طبيعي حتى جلست والدتي بجواري تتحدث في قلق علي ، ولكن حين نظرت إلى شفاهها لم أجدها تتحرك ، تعجبت الأمر ولم أنطق بشيء ، دخل والدي إلى الغرفة وسأل والدتي عن شيء ما ، حينها تأكدت أن هناك أمر غير طبيعي .
تأكدت حينها أنني أصبحت قادرة على سماع أفكار من حولي ، ليس هذا فحسب بل أنني صارت لدي القدرة كذالك على توقع ما سيحدث ، بدأ الأمر بسيطًا بتوقع ما سيحدث في الدقائق المقبلة ، من سيطرق على الباب ، من يتحدث على هاتف المنزل ، أشياء بسيطة للغاية ، ولكن بمرور الوقت أصبحت هذه الأشياء أكبر وأخطر .
فقد علمت بحمل جارتنا حتى قبل أن تعلم هي ، وعلمت أنها ستنجي صبي قبل أن يخبرها الطبيب ، قد تقولون أنها مجرد تخمينات صائبة ، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، فقد صرت أحلم بالأحداث كما هي تمامًا قبل حتى أن تحدث .
فقد حلمت بعمي الذي توفي هو وشريكه بحادث سيارة اصطدم بها القطار ، وعلمت بما سيخبره الطبيب لجدتي عن إصابتها بمرض في الكبد ، صارحت أمي التي لم تصدق الأمر ، والتي تحدثت مع والدي الذي طلب منها أن تتغاضى عن الأمر .
ولكن مع مرور الأيام صارت تنبؤاتي أكبر ، وصرت أجيب على أفكارهم حتى قبل أن ينطقوا بها ، مما جعل أشقائي يخافون التعامل معي ، ويتجنبون التحدث إلي أو حتى التواجد في نفس المكان الذي أجلس فيه ، توقفت عن الذهاب إلى المدرسة فلم أكن أتحمل الضوضاء التي تسببها أفكار كل من حولي ، وكان الأمر يصبح مؤلمًا حين يجبر الجميع على الصمت فتتدفق الأفكار .
بدأت أسرتي تعتقد أنني لدي مرض ما فقاموا بعرضي على الأطباء الذين أكدوا أنني لست مريضة بأي مرض عضوي ، ونصحوا أسرتي بالتوجه لطبيب نفسي ، لم يكن الأمر في البداية عاديًا بالنسبة للأسرة كلها ، فقد أنكروا أنني لدي مشكلة ، بل وخشوا من أحاديث الناس وماذا قد يقولون عني وعن الأسرة كلها .
ولكن بعد بعض الوقت بدؤوا بالاقتناع بالأمر وتم عرضي على طبيب نفسي ، أكد أن الأمر مجرد تخيلات فقط ، لكني لم أكن أتخيل ، وحتى إن كنت أتخيل ، فماذا عن أسرتي ؟ ، ونصحت أحد قريبات والدتي أن نذهب إلى دجال ، ولم أستطيع المقاومة أبدًا ، بدأت رحلة الانتقال من دجال إلى الأخر ، ولكن جميعهم لم يستطيع حل مشكلتي .
لكن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد فقد تحولت إلى أسطورة محلية ، وأصبحت أحد الأولياء كما يقولون عني ، بدأ الجميع في القرية يأتي إلى المنزل ويسألني عن توقعاتي وتنبؤاتي ، كانوا يأتون بالهدايا و الأشياء الجميلة ، فكنت أخبرهم بما يريدون .
بدأت أتورط بشدة في الأمر ، لم أعد قادرة على الاعتراض ، كان لابد أن أكمل الطريق إلى أخره ، أشعر أن ما أفعله خاطئ وغير صحيح بالمرة ، ولكني لا أستطيع فعل شيء ، فقد بدأت مشواري منذ أعوام ، وما زلت مستمرة عشرة أعوام منذ بداية مشواري المشؤوم ، وقبلها خمسة أعوام منذ الإصابة .
لا أدري السبب في هذه القدرات الخارقة ولا أعرف ماذا افعل الآن ، فأسرتي كلها تعتمد علي من أجل الحياة في مستوى مرتفع للغاية ، وأنا مللت مما افعله ، لا أدري كيف أتوقف عنه ولا أعرف إلى متى سيتركني الله أفشي أسراره للخلق !!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.