في سماء البراري النامية في الليل ، جلست الطبيبة البيطرية الأمريكية ، لوريا باركر ، تفكر بحزن ويأس في احتمال أن تضيع كل الجهود التي بذلت في مشروع ، حماية الفهد الصياد في الجنوب الإفريقي .
والتي ظلت الطبيبة تشرف عليه بمنحة من الصندوق العالمي للحفاظ على الحياة البرية ، كانت النجوم تلمع بجمال على خلفية السماء البنفسجية الناعمة كالمخمل ، وأخذت الطبيبة تفكر في السبب الذي يجعل أعداد الفهود مستمراً في التناقص .
الفهد الصياد : استعادت الدكتورة قصة المشروع من البداية ، منذ كانت تعمل في حديقة حياة الحيوان البرية ، بولاية أوريجون في بلدها ، وكانت تعشق صغار الفهد الصياد ، تعشق أجسامها الرشيقة ، وحركاتها المرنة ، ونظرات عيونها اليقظة .
والتي تتألق بلون الكهرمان النقي ، ولأنها كانت تتابع أخبار الفهود في كل أنحاء العالم ، فقد لفت انتباهها خبر يقول : أن الفهود الصيادة ، توشك على الانقراض ، في الجنوب الإفريقي ، ففي سنوات قليلة ، تناقص عددها في بلد واحد وهو ناميبيا ، من عشرة آلاف إلى ثلاثة آلاف فقط ، ولا يزال العدد آخذاً في النقصان .
عرض المساعدة : أحست الطبيبة لوريا يومها بالذعر لفكرة أن تختفي تلك الحيوانات اليقظة الرشيقة من الوجود ، وأرسلت في اليوم نفسه ، رسالة إلى الصندوق العالمي للحفاظ على الحياة البرية ، تعرض تطوعها في أي مشروع يهدف لحماية الفهد الصياد من الانقراض .
وأرفقت في رسالتها شهادة تخصصها في الطب البيطري ، وخبرتها برعاية الفهود ، وأبحاثها العلمية عنها ، وسرعان ما جاء الرد ، يخبرها باختيارها مشرفة ، على مشروع لحماية الفهد الصياد من الانقراض في البراري الإفريقية .
السفر : سافرت على الفور إلى ناميبيا ، وكونت فريقاً من أبناء البلد ذوي الخبرة بالحياة البرية ، وبدأت تراقب حياة الفهود ، وما طرأ عليها من تغيرات ، قد تكون سبباً في تناقص الأعداد .
السبب الأول : واكتشفت أن السبب الأول ، يكمن في أن المزارعين وسعوا مساحة قراهم باقتطاع أجزاء كبيرة من البراري ، التي تعيش فيها الفهود الصيادة ، ولما كانت الفهود لا تدرك معنى ذلك ، فإنها واصلت تنقلها في الأرض التي اعتادت عليها ، وراح المزارعون يطلقون عليها النار بدافع الخوف .
حل السبب الأول : اكتشفت الطبيبة لوريا هذا ، فشرعت هي وفريقها بتوعية المزارعين بأساليب أخرى ، مثل وضع فزاعات في الليل على أطراف القرى ، أو استخدام الأصوات وقرع الأواني لإبعاد هذه الفهود .
نجاح الحل : نجحت التوعية ولم يعد المزارعون يطلقون النار على الفهود ، لكن أعدادها لم تكف عن التناقص ، وإنما بمعدل أقل عن ذي قبل .
العثور على السبب الآخر : صار ذلك لغزاً محيراً شغل بال الطبيبة باركر ، وبينما هي جالسة تحت أضواء النجوم تتذكر الحالة الصحية لآخر الفهود التي فحصتها ، شعرت في الانتعاش فجأة ، ولمعت في رأسها فكرة ، جعلتها تهتف في فرح ، وجدتها ، نعم وجدت العلة التي تسبب تناقص أعداد الفهود الصيادة .
السبب الآخر : فقد ضاقت على هذه الفهود الأرض ، بعد أن زحفت القرى على البراري ، ولأن الفهود مخلوقة لتجري ، وهي أسرع حيوان على وجه الأرض ، إذ تبلغ سرعتها أكثر من مائة كيلومتر في الساعة ، فإنها لم تعد تركد لتبلغ هذه السرعة التي تتطلب مساحة واسعة من الأرض .
ولأنها لم تعد تركد تناقص صيدها ، الذي لم تصل إليه بسبب سرعتها الكبيرة ، وقل طعامها فضعفت ، وتيبست مفاصلها ، ووهنت قلوبها ، وصارت تمرض ولا تلد فهود جديدة ، بينما الفهود الشابة تموت مبكراً ، قبل أوانها .
حل السبب الآخر : وصلت الدكتورة لوريا لهذه النتيجة ، فكتبت للصندوق الدولي لحماية الحياة البرية ، وأمدها الصندوق بمزيد من النقود لتشتري بها أرضاً من القرويين ، ضمها إلى محمية للفهود ، اتسعت الأرض ، فعادت الفهود لحركة ركدها السريع ، وللصيد الناجح ، الذي يمنحها ما يكفي من طعام ، ومع تحسن صحة إناث الفهود ، عادت تنجب فهوداً صغيرة وجميلة .
نجاح الطبيبة لوريا في مهمتها : والآن عندما تجلس الطبيبة لوريا تحت سماء ليل أفريقيا الصافي ، تراقب بطمأنينة بريق النجوم ، ويبهجها وميض عيون الفهود الصيادة في ليل البراري ، وتشعر بالارتياح .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.