قبل 5.6 مليون عام حدث جفاف للمتوسط ، وبعد الكثير من البحث والتنقيب عن سبب هذاالجفاف تمكن فريق بحثي بقيادة عالم من جامعة أوتاغو النيوزيلندية من حل لغز المسبب لجفاف المتوسط ، فقد تم التعرف على هذا الحدث المعروف باسم الملوحة الميسينية (MSC)  ، وتم اكتشاف ذلك بواسطة سماكات من الرسوبيات التبخرية تصل لـ 3500 مترًا ، وكان المتوسط في ذروة الحدثليتحول لعدد من الأحواض العميقة التي تتغذى على مياه الأنهار .

قد كانت تلك الأزمة موضع بحث واهتمام للكثير من العلماء وكذلك موضع جدل علمي كبير ولكن الفريق العلمي بقيادة الدكتور الجيولوجي كريستيان أونيزِر من جامعة أوتاغو تمكن مع فريقه البحثي من اكتشاف هذا اللغز وتحليليه ، وتم اكتشاف أزمة الملوحة هذه في سبعينيات القرن المنصرم .

فكانت النظرية الأولى تقول أن حركات الصفائح العربية والأفريقية والأوروآسيوية ، أدت بالبحر المتوسط لأن يصبح محاط بكثير من اليابس ، وما لبث أن اقترح العلماء أن هنالك هبوط عالمي أخر في مستويات البحار ، وهذا ناتج عن عن تنامي الأغطية الجليدية ، فأدى لحدوث انفصال المتوسط عن المحيط الأطلسي .

من قبل تمكن الدكتور أونيزر وفريقه البحثي من دراسة 60 لبابة حفر رسوبية ، تم أخذها من حدودالقارة القطبية بالجنوب واستدل الفريق من هذه اللبابات أن جليد القارة ينمو قبل حصوله على أزمة الملوحة ، ولكن التوقيت لحدوث الجفاف لم يكن واضحًا ، ثم استخدام الباحثون حاسوب لكي يحصلون على تسلسل واضح للأحداث وكذلك القيام بمحاكاة لنمو جليد القارة القطبية وملاحظة الآثار الجيوفيزيائية التي تسبب النمو في ظهورها .

واستنتج العلماء أن الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية ، له أثر أو تأثير غير متجانس على مستوى سطح البحر لأن النمو تسبب في تفاعل معقد بين الدوران وآثار الجاذبية وكذلك تشوهات القشرة الأرضية وعن تقدم أو تراجع الجليد ، فعندما أخذت المياه بالبحر في التبخر بدأت القشرة الأرضية حول مضيق جبل طارق بالارتفاع فسبب إزالة الحمل المغطى لها من المياه وظل البحر المتوسط معزول عن المحيط الأطلسي ، وبدأت القشرة الأرضية في الغوص مجددًا والاستراحة وبدأت القارة القطبية الجنوبية بالذوبان .

وتزايد مستوى سطح البحر قبل 5.33 مليون سنة ، بما يكفي ليتدفق فوق الجسر البري عند جبلطارق ، فسبب بحدوث فيضان مهول أعاد ملء البحر مرة أخرى بالمياه ، وعُرف باسم بفيضان زانكلين والذي استمر لعدة سنوات حتى تم ملء مياه البحر المتوسط بالكامل ، وأضاف فريق الدكتور أونيزر أن التغيرات العالمية لمستوى مياه البحر عير متجانسة عند تمدد أو انحسار الأغطية الجليدية ، كما أن الذوبان المستقبلي لكتل جليدية كبيرة داخل نصف الكرة الشمالي وكذلك الجنوبي ، فأدى لحدوث ارتفاع غير متجانس في مستوى مياه البحر ، وهذا هو السبب في التغيرات المناخية ، وهذا هو لغز جفاف المتوسط قبل أكثر من 5 مليون سنة .