قصة لماذا بكيّ عصام

الكاتب: رامي -
قصة لماذا بكيّ عصام
منذ مئات السنين ، في مدينة عربية ، كان يعيش اثنان من الأصدقاء هما عصام وحاتم ، وكانا من المسلمين الطيبين الصالحين ، عصام اسمه : عصام بن يوسف ، وحاتم اسمه : حاتم الأصم .

وجاء وقت الصلاة :
وفي يوم من ذات الأيام ، كانا جالسان مع ناس آخرين ، يتحدثون ويتكلمون في مسائل علمية وأدبية مختلفة ، وجاء وقت الصلاة ، فقام بعضهم للوضوء ، وبعضهم كان متوضئا ، وكان حاتم ممن قاموا للوضوء ، ولكنه تأخر  ونظر إليه عصام فرآه يقف أمام الماء ، ينظر إليه ولا يتوضأ .. وكأنه يفكر في شيء ما !.

أسئلة عصام :
ومر بعض الوقت ، ثم بدأ حاتم يتوضأ ، فلما انتهى من الوضوء ورجع ، سأله عصام : لماذا تأخرت في الوضوء يا حاتم ؟ ولماذا كنت تقف أمام الماء ؟ وتنظر إليه وتفكر ؟ في أي شيء كنت تفكر ؟.

الأعضاء الباطنة :
قال حاتم : أقول لك يا أخي عصام .. إننا عندما نتوضأ نغسا الأعضاء السبعة ، نغسل اليدين ، والفم والأنف ، والوجه والذراعين ، والرأس والأذنين ، والقدمين هذه الأعضاء الظاهرة ، وهذا هو الوضوء الظاهر ، فقال عصام : وهل هناك أعضاء أخرى باطنة .. غير هذه الأعضاء الظاهرة !.

الوضوء الباطن :
قال حاتم : إني قبل أن أبدأ بهذا الوضوء الظاهر ، أقوم بوضوء باطن ، دهش عصام ، ثم قال : وما هو الوضوء الباطن ؟ هل وأنت تقف أمام الماء وتنظر إليه وتفكر ، هل كنت تقوم بهذا الوضوء الباطن ؟ كيف ؟ قال حاتم : إني قبل أن أبدأ بغسل الأعضاء السبعة بالماء ، أغسل داخلي نفسي بسبعة مطهرات : بالتوبة إلى الله ، والندم على ما فعلت من ذنوب ، وترك حب الدنيا ، وثناء الناس ، وترك حب الرياسة ، وترك الغل ، والحسد .

اندهاش وتعجب :
فتعجب عصام وقال : إذا كنت تتوضأ بهذه الطريقة ، فكيف تكون صلاتك ؟!.. قال حاتم : أقف للصلاة ، وأنسى الدنيا وما فيها ، وكأني أرى الكعبة أمامي ، وأشعر بأن الله يراني ، وأن الجنة عن يميني ، والنار على شمالي ، وملك الموت وراء ظهري ، كأني أضع قدمي على الصراط المستقيم يوم الحساب ، وأظن أن الصلاة آخر صلاة أصليها ، فالموت يأتي فجأة ، ثم أنوي الصلاة  وأكبر ، وأفكر فيما أقرأ من القرآن ، وأركع بتواضع لله ، وأسجد بتضرع وخشوع لله ، وأتشهد بالرجاء ، وأسلم بالإخلاص .

الثواب والعقاب والموت :
زادت دهشة عصام ، وقال لحاتم : منذ متى وأنت هكذا ؟! .. قال حاتم : هكذا أتوضأ وأصلي منذ أن علمت أنني مخلوق ، وأن الله هو الخالق العظيم ، وأنني إن كنت أحيا اليوم ، فلاشك أنني سأموت في يوم ما ، وأنه لابد بعد الموت من الحساب ، ثم ثواب أو عقاب ، وجنة أو نار .

لماذا بكيّ عصام :
تأثر عصام بهذا الكلام ودمعت عيناه ، وهو يقول : منذ كم من السنين وأنت تفعل هذا.. ؟ قال حاتم : منذ ثلاثين سنة ، مرت وأتذكرها الآن ، كأنها كانت ساعة من الزمان ، زاد تأثر عصام ونزلت دموعه على خديه ، وقال : أكرمك الله يا حاتم ، وأنا أيضًا سأبدأ من الآن في وضوء الباطن ، قبل الوضوء الظاهر ، وأدعو الله أن يتقبل منا ، لأن الحياة كلها مهما عاش الإنسان ، تمر وكأنها ساعة من الزمان .

شارك المقالة:
60 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook