قصة من هو الرجل

الكاتب: رامي -
قصة من هو الرجل
عندما هبط السيد بورس إلى فناء الطابق الأرضي ، في الساعة العاشرة والنصف صباحًا ، وجد نفسه خفيفًا كالريشة وأحس برغبة جامحة في الضحك ، لقد شرب في الليلة الماضية مع أحد الأصدقاء حد الثمالة !

نبذة عن المؤلف :
قصة من روائع القصص الألماني ، للمؤلف كورت كوزنبيرج ، ولد المؤلف الألماني الأصل في السويد عام 1904م ، ومن أشهر مؤلفاته زهور عباد الشمس ، المعاصرون الألمان .

آخر ضحكة في هذا اليوم :
ولم يتذكر المهم انه وصل بيته ، وهذا مؤكد وبما فيه الكفاية ، استيقظ متأخرًا ، هل هذه الوجبة المتأخرة بانتظاره أم هو بانتظار الوجبة المتأخرة ، من المحتمل أن كليهما يترقبان أحدهما الآخر ان التصور بأنه سيستغفل هذه الوجبة المتأخرة المحتالة في الحال ، قد جعل السيد بوراس يشعر بسرور بالغ ، وأخذ يقهقه مع نفسه وكانت هذه آخر ضحكة له في هذا اليوم .

السيد بوراس والحديقة الطيبة :
قرر السيد بوراس إلقاء نظرة على الحديقة ، أثناء نزوله الى طابق بيته الأرضي ، سمع صوت زوجته أثناء عملها في المطبخ ، ولكنه لم يجد الرغبة للاندفاع صوبها .

فالناس الذين يستيقظون مبكرًا يتصرفون مع المتأخرين ، في نومهم بصرامة بل وبصورة مهينة ، أما الحديقة فإنها على العكس ، طيبة بنقاء فهي لا تنظر للفرد ، بل تدعه ينظر إليها إنها هنا وهنا فقط خضراء جدًا ، والخضرة يحتاجها الإنسان ، لأنها تنشطه ومشاهدة الخضرة مسألة صحية ، مثل الطعام الطازج على وجه التقريب .

شجيرات التوت والكلب الغاضب :
تنزه السيد بوراس في الحديقة وعندما وصل إلى شجيرات التوت البري ، شاهد كلبه منشغلًا بحفرة في الأرض ، صفر له توقف الكلب وحدق إلى صاحبه ، وعوضًا عن أن يقفز فرحاً ، باتجاهه أخذ الكلب يحوم غاضبًا مثيرًا ضجة بنباحه .

تغير تصرفات الكلب تجاه بوراس :
انه يضمر شيئًا ، فكر السيد بوراس من المحتمل انه شم رائحة الكحول المتدفقة من أنفاسي ، هيا تعال ، أمر الكلب وأخذ يضرب على ساق سرواله مداعبًا إياه ، ولكن الكلب قد تصور هذه المداعبة على أنها ضرب من التحدي ، فنهش السروال وعندما زجره السيد بوراس عض يده .

تملك السيد بوراس الغضب ، ومن ثم الخوف في النهاية أصبح الحيوان مسعورًا ، تراجع السيد بوراس إلى الخلف ليتحدث مع زوجته ، حول الأمر ببطء ، تمكن من التراجع إذ توجب عليه وضع الكلب في نظره ، وبحركة دائرية مثل النحلة اتجه نحو بيته .

الزوجة والسيد بوراس :
ماذا تفعل في حديقتنا ؟ صرخة مدوية انطلقت خلفه ، وعندما التفت نظر في وجه زوجته ، لم يستطع مواصلة النظر طويلًا ، فقد كان عليه أن يتحاشى الكلب الذي كان يضايقه بغضب .

ماذا يحدث :
مارتا صرخ السيد بوراس هل جننتم جميعا ، إذا ناديتني مرة ثانية باسمي الأول فأنني سأخابر الشرطة ، كانت تتكلم معه بهذه النبرة حقًا ما كان يصدق ذلك ، بسبب سكر بسيط تنكر العلاقة الزوجية الطويلة الأمد .

من هو الرجل :
من هذا العم ، استفسر صوت طفل ، تألم السيد بوراس للغاية ، وبصورة خاصة من هذا الاستفسار لأنه كان يحب ابنه ، هاهي الآن تحرض ولده أيضًا ، صرخت المرأة وقالت : أخرج ، صاح الصبي بشجاعة محتميًا بأمه الغاضبة ، ونباح الكلب أيضًا ، تحرك الثلاثة سوية نحو السيد بوراس ، هنا استسلم الرجل وأنسحب كاللص من قطعة أرضه .

في حيرة من أمره :
أجتاز الشارع وهو في حيرة من أمره ! واستدار حول أقرب زاوية وواصل السير واستدار مرة أخرى ، واستمر على هذا المنوال ، فجأة خطرت له فكرة انه من المحتمل قد أساء التصرف عند عودته ثملًا ، في الليلة الماضية وأثار بذلك اشمئزاز عائلته ، كان هذا الأمر ليس احتمالًا ولكنه على أية حال ممكن ، ففي حالة الثمل قد يحدث الكثير بل كل شيء في الواقع .

اللجوء للصديق :
انه من المحتمل ثم تأمل السيد بوراس قائلًا : من المحتمل أن صديقي كيليش قد أوصلني إلى البيت ، وأنه يعرف أكثر من ذلك سأسأله ، كان مسكن الصديق ليس بعيدًا ، بعد مضي خمس دقائق طرق السيد بوراس بابه فتح كليش ، ونظر إلى السيد بوراس ببرود ماذا ترغب؟ سأل الصديق كليش وصرخ بوراس ما هذا الهراء !.

رفض واندهاش وسخرية :
بدت علائم السخرية على وجه الصديق ، وقال هذا ما أود أن أسأله أيضًا؟!..  ثم أغلق الباب ، حتى الصديق وقف ضده ، ترى ماذا حدث إن الأبواب تغلق بوجهه ؟ لا استطيع أن أفسر هذا الأمر أعترف بوراس لنفسه لا أستطيع العودة إلى أهلي ،على أية حال بالنسبة لهذا اليوم كأنه مغناطيس ولكن أين ينبغي أن أبات؟ عند كارلو بطبيعة الحال إنه الصديق الأفضل كان علي أن أعرف ذلك ، فأننا نعرف بعضنا منذ أيام المدرسة ، وهنا موطن ارتباطنا .

رحلة الوصول إلى صديق الطفولة :
إن زيارة كارلو تعني القيام برحلة صغيرة ، ولهذا السبب فترت العلاقات بيننا تدريجيًا ، ولكن كان على السيد بوراس في هذا اليوم أن يتلافى كسله ، استغرقت رحلة وصوله إلى مسكن كارلو ، حوالي نصف ساعة تعثر على السلم ، وهذا طالع سيئ هذا ! ما جال في فكر السيد بوراس فهو قد تعثر هذا اليوم .

الرغبة في الضحك والشعور بخفة الريشة :
قرع الجرس ، اقتربت خطوات وفتحت الباب وظهر صديق الدراسة ، ولكنه قال بعصبية لن أشتري أي شئ ؟ ولا أريد أن أشترك بأي شيء ؟ ولن أوقع ولا أملك نقودًا ، طاب يومك هوى الباب على القفل ، أثناء نزوله السلم عاوده الشعور بأنه خفيف كالريشة ، وكأنه يحلق في الهواء ، والرغبة في الضحك عادت إليه مجددًا ولكن سيان مثل سابقتها .

انزلقت من خارطة العالم :
وأخيرًا أخيرًا أدرك السيد بوراس ، وهو يعود إلى الشارع ما حدث بإيجاز،  لقد فقد توازنه الذاتي مع نفسه ، أضاع ماضيه مثل ما يفقد المرء حافظة نقوده ، ولم يعد بإمكانه إثبات هويته ، يا للعجب فكر السيد بوراس إنني أعيش حقًا ، ورغم ذلك يبدو الأم وكأنني لم أكن عائشًا ، لأن أية أثار قد اختفت ، رغم قناعتي التامة بوجودي كلا ، لا يمكن أن يكون ذلك مجرد وهم ، ولكن كيف تسنى لي أن أفقد كل شيء ؟! ربما بسبب حركة طائشة ، هذا هو عين الصواب ، أن الأمر كذلك لقد انزلقت من خارطة العالم ، ولم أعد لائقًا للعودة إليها إن أي جرم سماوي أكثر منهجية مني .

الشعور بالجوع :
قاربت الساعة الواحدة ظهرًا ، وهو في هذه الدوامة ورغم أن السيد بوراس كما كان يقصد قد أصبح خارج بنية هذا العالم ، إلا أنه شعر بالجوع لأنه اعتاد الأكل في مثل هذا الوقت ، هذا إذًا ما سمح له الحديث عن العادات إطلاقًا ، بحث عن مطعم ، ولكن المنطقة غير مؤهلة فهي مجرد ضاحية منزوية ومشيدة للسكن فقط .

الوصول للمنزل الحقيقي :
تخطى السيد بوراس العديد من المساكن والحدائق ، وهو يجر أذيال الخيبة مساكن تشبه إلى حد بعيد البيت الذي كان يعتبره بيته ، في ضوء هذا التصور لم تعتره الدهشة ، وبصورة خاصة عندما ظهرت سيدة من الشباك وخاطبته قائلة : حقًا لقد حان الوقت لمجيئك فالحساء جاهز على المائدة.

فتح السيد بوراس بوابة الحديقة ، ودخل دون أن يطيل التفكير كان جائعًا ، وأمام باب البيت قفز صبي نحوه قائلًا:  أبي ، فطائر البيض جاهزة !. شئ جميل يا بني أجابه السيد بوراس ، مسح غبار حذائه ، وعلق قبعته على المسند العمودي وداعب المرأة بقبلة خاطفة ، ثم جلس إلى المائدة وبدأ بإرتشاف الحساء ، أثناء الأكل كان يراقب المرأة والصبي بحذر، كي لا يكتشفا أمره لأنهما قد اعتبراه كما يبدو رب البيت ، المرأة ليست بالقبيحة والصبي أعجبه أيضًا والطعام لذيذ .

اندهاش العائلة :
كلا فلا فرق هناك فكر السيد بوراس ، فالعائلة هي العائلة والمهم أن يكون للمرء واحدة ، إنها مسألة حظ لأنني وجدت الأمان ، كان الوضع مكدرًا قبل ذلك يقينًا إنني ما اخترتهما ، ولكن ماذا بإمكان المرء أن يختار، إن المرء يختار دومًا كما يجب أن يختار ، كلا ، كلا ، إن المبادلة جيدة للغاية بل وهي تمني النفس بالأمل ، إنها نوع من التغيير في الأمل ، لم تحدق إلينا هكذا سألته المرأة هل لديك مأخذ انتقادي .

من الطارق :
مسح السيد بوراس شفتيه بالمنديل وقال : بالعكس فالأمر علي أفضل ما يرام ، ثم أخذ تفاحة من سلة الفاكهة وبدأ يقشرها ، فكر السيد بوراس بأنه سرعان ما سيعتاد على هذه الحالة ، بل ومن المحتل أنه عاش دومًا هنا وإنه توهم وجوده الآخر فقط ، من يعرف تمامًا فيما لو كان يحلم أو في حالة اليقظة ، قرع الجرس إبق جالسًا: قالت المرأة ، ونهضت خارجة وبما إنها قد تركت الباب مسندًا فقط ، فكان بإمكان المرء أن يسمع ما يدور في الممر .

صوت رجالي ونزاع :
أخرج حالًا ، وإلا فسأنادي زوجي ، يبدو أنك لست في كامل عقلك ، أجاب صوت رجالي ، دعي المزاح فأنا جائع ليس لدينا هنا مطبخ للمتسولين ، اخرج سأعلمك كيف تخاطبني واستمر النزاع على هذا المنوال ، ولكنه لم يدم طويلًا ، لقد انسحب الرجل من الميدان ، ودوى صوت إنغلاق الباب خلفه .

توهم بيتنا بيته :
عادت المرأة وعلائم الغضب ترتسم على وجهها ، يا لمثل هذه الوقاحة ، وأنت بطبيعة الحال لم تقف إلى جانبي ، آلمني هذا الرجل،  ردد السيد بوراس ، وأضاف من المؤكد أن الجوع قد عذبه أو أنه توهم بيتنا بيته .

اللحاق بالغريب :
صرخت المرأة يقينًا ليس لديه أي بيت أو عائلة ، نهض السيد بوراس مسرعًا لهذا السبب بالذات ، سأمنحه ثمن وجبة غداء سأعود حالًا ، هرول خارجًا ولحق بالغريب عند باب الحديقة ، بدا الرجل شاحبًا من أثر الانفعال وكانت نظراته مشتتة ، قال السيد بوراس : أستطيع أن أتصور بماذا تفكر ؟ وتشعر وأود المساعدة ! أخرج دفتر ملاحظاته ، وكتب سطرًا على ورقة وقطعها ، خذ يا صديقي هذا عنوان جيد أذهب إليه ولكن بسرعة وإلا فالطعام سيبرد .

العنوان والوصول :
أخذ الرجل الورقة ولم يجد ما يقوله وما كان بإمكانه أن يقول شيئًا لأن السيد بوراس اختفى ، أنت طيب القلب للغاية قالت المرأة ، جلس السيد بوراس وتناول التفاحة مجددًا وقال لست كذلك غير أنني تبرعت من باب الحيطة فما حدث له اليوم يمكن أن يحدث معي غدًا .

في المدينة :
غادر السيد بوراس في اليوم التالي متوجهًا إلى المدينة ، وبحث عن الشارع الذي سكن فيه ، وعندما مر ببيته شاهد زوجته جالسة في الحديقة مع الرجل ، المرأة تحيك والرجل يقرأ الجريدة ، والطمأنينة تعلو محياها وهنا شعر السيد بوراس بالطمأنينة أيضًا .

شارك المقالة:
67 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook