قصة مهرجان جلود الأضاحي

الكاتب: رامي -
قصة مهرجان جلود الأضاحي
"تختلف الدول العربية ، فيما بينها في العادات والتقاليد ، واللهجات المحلية ، بالإضافة إلى العديد من الثقافات القديمة ، التي يتشبث بها العديد من المواطنون العرب المحليّون ، ومن بين العادات القديمة التي يتمسك بها بعض العرب ، هي احتفالية جلود الأضاحي بالمغرب ، فما هي قصتها ؟

البداية ..
يشتهر هذا الحدث بعيد الهالوين المغربي ، ولكنه يسبقه بمئات السنين ، حيث ابتدعها المواطنون الأمازيغيون القدماء في شمال أفريقيا ، ولكن مع دخول الإسلام ، ارتبطت تلك العادة والاحتفالية بعيد الأضحى المبارك ، وجدير بالذكر ، أن هذا العيد قد سُمي بأسماء عديدة منها ؛ بوجلود أو بيلماون بالأمازيغية ، أو بولبطاين باللهجة المغربية الشمالية ، أو سبع بطاين حيث يرتدي الشخص أو بطل الكرنفل سبعة جلود ، يمسك اثنين بيديه ، وعلى ظهره واحدة ، وعلى صدره أخرى ، وبرجليه اثنتين ، والسابعة فوق رأسه.

مظاهر احتفالية بوجلود ..
تختلف مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى في الدول العربية  ، فلا يقتصر عند سكان المغرب العربي بزيارة الأقارب ، وذبح الأضاحي ، بل تبدأ طقوس الاحتفال بأشكال مميزة ، وتزيد من خصوصية الاحتفال المغربية به .

ففي اليوم الثاني ، من أيام عيد الأضحى المبارك  ينزل الشباب إلى الشوارع ، في حماسة غير عادية ، وهم يرتدون جلود الأغنام والماعز ، ويخفون وجوههم بالأقنعة ، أو يقومون بصبغها باللون الأسود ، ويعملون على تغيير أصواتهم تمعنًا في اللهو ، ويقومون بإعداد وتقديم مسرحيات هزلية ، ويتجولون في الشوارع مستخدمين الطبول والدفوف ، بهدف نشر الفرحة والسعادة الخاصة جدًا بعيد الأضحى لديهم .

في أجواء مغربية مميزة ، تستمر تلك الاحتفالية لخمسة أيام متصلة ، يجوب خلالها الشباب مسيرات ملونة كما سبق وشرحنا أعلاه ، ويقومون بتقديم لوحات ، واسكتشات فنية راقصة شعبية ، ويعدون هم أهم ما يميز العيد ، حيث تتجه أنظار كافة السكان إليهم ، ويمسكون بأيديهم عصيّ مصنوعة من أرجل الأضاحي ، وينطلقون بها جريًا خلف المارة ، في شكل مضحك للغاية .

ويقومون بإعطائهم ضربات خفيفة للغاية بالعصي ، فيما يُعرف ببركة الأضاحي ، وهنا ينقسم الناس إلى فئتين ؛ إما متفرجون يستمتعون بالاحتفال ومظاهره المميزة بالمغرب ، أو أنهم مشاركون سواء أكانوا يرتدون جلود الأضاحي ، أو ضحايا لهم ، وتتحول بعض أزقة وشوارع القرى والمدن ، إلى مسرحًا يتم فيه عرض تلك الفقرات ، والمسرحيات ، ويقف الضحايا بكامل إرادتهم ورغبتهم أمام المنازل والمحال التجارية ، من أجل نيل نصيبهم من البركة .

ويحمل مرافقوا بوجلود ؛ أي الرجل الذي يرتدي جلود الأضاحي ، دفوفًا وعصيًا في أيديهم ، ويغنون العديد من الأغاني والأهازيج الشعبية المغربية ، ويضعون أعلى الدفوف علم المغرب ، أو وشاحًا أبيضًا تعبيرًا عن قدوم العيد والفرحة ، وتجوب تلك المجموعات شوارع المغرب .

كما يرتدي بعض الشباب أزياء لسيدات ، ويضعون الماكياج ، ويستمالون ويرقصون مثل النساء ، في محاولة منهم لإضحاك المتفرجون ، ومنهم من يرتدي ملابس أو زيًا يشبه الأشباح ، أو القطط ، والبعض يرتدي أزياء الفراعنة ، وكل ما يخطر ببالك قد يتم ارتداؤه ، محاولون اقتناص فرحة العيد الأكثر تميزًا للمسلمين.

ويتطلب هذا الاحتفال ، تحضيرًا هائلاً ودقيقًا يقتضي جمع جلود الأضاحي ، التي يتم توفيرها مجانًا ، ثم يقوم المحتفلون بغسلها جيدًا وتحضيرها ، حتى يستطيع الشباب ارتدائها ، بعد الخياطة ، حتى لا تنقطع نتيجة الجري والمطاردات. ويتطلب تحضير الزي الواحد من خمسة إلى سبعة جلود وفقًا لطول الشخص وحجمه.

وأخيرًا ، يعتقد بعض المؤرخون بأن احتفالية بوجلود ، تعود إلى عهد الرومان ، الذين كانوا يحتفلون قديمًا بما يسمى ديونيسيس ؛ عن طريق موكب يمر بالشوارع ، ويضم ممثلون يرتدون أقنعة بصحبة عدد من الأطفال ، وينشدون العديد من الأغاني الدينية ، المتعلقة بحياة الرومان وأساطيرهم آنذاك .

"
شارك المقالة:
52 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook