قصة نشأة الخط العربي

الكاتب: رامي -
قصة نشأة الخط العربي
"إن أصل هذا الفن موضوع طويل جدًا يحتاج إلى دراسات مستفيضة ومتخصصة ، وقد تعدد الدارسون لهذا الجانب من العرب القدامى ، والمستشرقين ، والدارسين المعاصرين.

أصل الخط العربي والاختلاف فيه :
اختلف الباحثون أشد اختلاف في هذه القضية ، وعلى الرغم من اختلافهم ، إلا أن أغلبهم يؤكد أنه اشتق من الخط النبطي ، وانتقل عن طريق الأنبار إلى الحيرة ، وقد استقر شكله الذي نعرفه في القرنين الرابع والخامس الميلاديين ، ثم انتقل من سورية عن طريق التجارة ، إلى الحجاز.

وهنا سنحاول أن نقف على مذاهب العلماء في هذا الجانب ، مع بيان أثر النهضة الإسلامية في انتشار فن الكتابة ، وتطور فن الخط .

اختلاف العلماء في موطن الخط العربي الأصلي ، وأصل اشتقاقه ، ومكان ظهوره :
اختلف العلماء اختلافًا شديدًا في موطنه الأصلي ، فمنهم من قال إن موطنه الأصلي هو اليمن ومنهم من قال الحيرة ، ومنهم من قال الأنبار ، كما اختلفوا في أصل اشتقاق الخط أيضًا ، فقال بعضهم إنه مشتق من الخط الحميري ، وهناك من قال إنه مشتق من الخط السرياني وهم المستشرقون .

واختلف الباحثون أيضًا في محل نشوء هذا الخط ، فمنهم من قال إن محله كان في طور سيناء ، ومنهم من قال إنه في الشام عند الغساسنة ، أو في الحيرة عند المناذرة ، ومنهم من يرى أنه قريب من الكتابة النبطية المتأخرة ، وبعدها استقر العلماء في ضوء اكتشافهم للنقوش الحجرية القديمة إلى أن الخط العربي القديم اشتق من الخط النبطي المتأخر الذي اشتق من الخط الآرامي.

كيف وصلت إلينا نماذج الخط العربي :
لقد وصلت إلينا الخطوط المبكرة من صدر الإسلام ، فمنها ما هو على الحجر ، ومنها ما هو على البردي ، ومنها ما هو الرّق .

أسباب انتشار الخط العربي وتطوره السريع :
إن من أسباب انتشار هذا الفن هو النهضة العلمية التي رافقت ظهور الإسلام وانتشاره ، فاشتدت الحاجة إلى الخط ، وزاد الاهتمام به ، فقد كان الخط ضرورة من ضرورات حفظ هذا التراث الهائل من الشعر والأدب ، والعلوم الإسلامية الأخرى.

مظاهر اهتمام الإسلام بالكتابة :
مع ظهور الإسلام ظهرت أهمية العمل على طلب العلم وتعلم الكتابة ، ولم يقتصر حث الإسلام على الكتابة للرجال وحدهم ، فقد اهتم الإسلام بتعليم النساء الكتابة أيضًا ، وجعل الإسلام فدية أسرى قريش في موقعة بدرٍ تعليم الكتابة لعشرة من مسلمي المدينة ، لمن لا يستطيع أن يفدي نفسه بالمال ، وهذا يدل على أن الخط كان معروفًا في مكة .

وكان هناك كتبة لرسول الله صلِّ الله عليه وسلم استعان بهم ليرسل الرسائل إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام مثل عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت ، وغيرهم .

الخط العربي فن قائم بذاته :
أصبح هذا الفن مع تطور الزمن غاية في حد ذاته ، وفن من الفنون المستقلة البارزة في ظل الحياة الإسلامية ، وكان المشتغلون بهذا الفن في هذا الوقت أرفع الفنانين مكانة في العالم الإسلامي ؛ لانشغالهم بكتابة المصاحف ، ونسخ كتب السيرة والتاريخ ، والأدب ، والشعر.

وبلغ حرص الفنانون على هذا الفن مبلغًا عظيمًا فطوّروا الكثير من أنواع هذه الخطوط ، منها المستقيم ، كالخط الكوفي ، والمدورة كخط النسخ ، والثلث ، والريحاني ، والديواني ، والتعليق ، والإجازة ، والرقعة ، وغيرها.

أهل الكوفة وأثرهم على تطوير فن الخط العربي :
وكان أهل الكوفة يتميزون في هذا الجانب ، وكان أسلوبهم مختلف عن غيرهم ، حتى أصبح هذا الفن متميزًا بأهل الكوفة عن غيرهم ، واشتهر فنهم ببلوغه شأنًا رفيعًا من الإتقان والجودة ، والجمال والانتظام .

كتبة المصحف وأثرهم في الخط العربي وتطويره :
تفنن الخطاطون في كتابة المصحف الشريف ، وقدموا نماذج غاية في الدقة والانسجام والاتساق ، والرشاقة ، وحسن الرونق ، وقد اتخذت كتاباتهم للمصاحف الشريفة طابعًا زخرفيًا في كثير من الأحيان .

وكان لهم أثر كبير في تطوره وتجويده وانتشاره خارج الجزيرة العربية ، وقد ترافق هذا الانتشار للخط مع انتشار الدين الإسلامي عن طريق الفتوحات ، إذ حمل الإسلام الخط واللغة إلى البلاد المفتوحة .

تطور أدوات الكتابة وأثرها في تطوير الخط العربي :
ومع تطور أدوات الكتابة وانتشار نسخ المصاحف ، تفتحت أمام الكتبة والخطاطين سبل الاستنباط والتجويد ، فأخذ كل كاتب يستخدم مواهبه الفنية في إيجاد إضافات جديدة ، لكنها إضافات لم تخرج عن القواعد الأصلية أو الجذور .

"
شارك المقالة:
70 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook