كان سليمان بن داوود عليهما السلام ملكا عظيما ورث عن والده الملك والحكمة والنبوة، ولم يكن فقط ملكا حكيما بل كان يتسم بالعدل والمساواة فهيأ له هذا أن يحكم بالعدل بين أبناء شعبه فكان وقورا عطوفا على المساكين والفقراء.
وكما أنعم الله سبحانه وتعالى على سليمان عليه السلام وعلمه لغة الطير، وجعل تحت أمرته الجن والشياطين والرياح والعواصف، فكانت الشياطين تبني له وتغوص من أجله، وكانت الرياح تهب بأمره في كل الأراضي التي رزقه الله تعالى أياها.
وكعادة سليمان عليه السلام كان يتفقد جيشه العظيم ويتفقد جنوده، بعد أن عبر الجنود وادي النمل وحمد سليمان عليه السلام ربه كثيرا، بعد أن سمع وفهم توجيه النملة لباقي النمل وبعد أن غير طريق الجيش للحفاظ على قرية النمل من التحطم، لم يجد سليمان عليه السلام لما تفقد الطيور كلها طائر الهدهد الذي تغيب عن الوقوف أمام الملك العظيم سليمان عليه السلام.
فسأل عنه سليمان عليه السلام فلم يجد ردا عن سبب تغيب الهدهد، فتوعد سليمان الهدهد بالعذاب الشديد لو لم يأتي بسبب وجيه مقنع كان وراء غيابه عن الوقوف أمامه كباقي الجنود، فقد كان سليمان عليه السلام يتمتع بسمات التيقظ، والدقة المتناهية والحزم مع جنوده، والعدل قبل اصدار الأحكام.
ولما حضر الهدهد أتي بخبر غاية في الأهمية بالنسبة لسليمان عليه السلام، ولكي يمتص الهدهد غضب الملك سليمان يقول لقد علمت خبرا هاما وأتيت مسرعا لكي أخبرك به.
وكان الخبر الذي جاء به الهدهد أن هناك مملكة أسمها سبأ بها ملكة تدعى بلقيس، وكانت هذه الملكة تملك كل شيء في هذه الدنيا، ولكنها للأسف هي وقومها يعبدون الشمس دون الله رب العالمين.
فلقد ضل سعيهم في الحياة وعبدوا الشمس التي لا تضر ولا تنفع، فلقد أدرك الهدهد بذكائه وبأيمانه القوي وبراعته ضلال قوم سبأ، فقال سليمان عليه السلام سنحكم إذا كنت كاذبا أم صادقا في كلامك أيها الهدهد، أذهب بخطابي هذا وأرمه للملكة بلقيس وسنرى ماذا يفعلون.
ولما وصل الخطاب لبلقيس استشارت حاشية قصرها، وبعد وقت ليس بطويل تقرر بلقيس إرسال هدية للملك سليمان، الذي رد لها هديتها وطلب منه وقومها أن يعتنقوا الإسلام دون حرب.
وطلب سليمان من أحد جنوده إحضار عرش بلقيس قبل أن تصل هي إلى قصره مع موكبها العظيم، فلما رأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس أمامه شكر الله تعالى على نعمته عليه وعلى والده وجميع أسرته.
ولما وصلت بلقيس لقصر سليمان عليه السلام سألها هل هذا عرشك؟، فردت عليه يبدوا أنه هو، ولما دخلت لداخل القصر ظنت الأرض مبللة بماء فكشفت عن ساقيها، فقال لها سليمان عليه السلام هذا زجاج وليس ماء.
وهنا ترجع بلقيس لرشدها وعقلها وتدرك كم هي صغيرة وضعيفة أمام عظمة الله تعالى ونعمه وقوته وقدرته، فتسلم مع سليمان عليه السلام، وتتزوج فيما بعد من سليمان عليه السلام وتنجب منه ولدا.
العربية
