قصة يا سلام سلم الحائط بيتكلم

الكاتب: رامي -
قصة يا سلام سلم الحائط بيتكلم
تعد هذه المقولة إحدى المقولات الشهيرة التي تم تداولها منذ عصور طويلة ، وقد وردت عن قصة حقيقية حدثت في عهد السلطان الظاهر سيف الدين برقوق ، حيث وصل إلى مسامع السلطان أن أحد الجدران بمنزل ابن الفيشي تتحدث مع العامة وتجاريهم بلباقة عجيبة ، فلما شاع الأمر بين الناس ظهرت تلك المقولة .

وقد جاءت تلك القصة بكتاب ألف قصة وقصة من قصص الصالحين ونوادر الزاهدين ، وكتاب المقريزي النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة بأنه في عام 781هجرية وقعت حادثة غريبة في ديارمصر ، وهي أن رجلًا يعرف بالعدل شهاب الدين أحمد الفيشي كان يسكن بالقرب من جامع الأزهر .

وحينما دخل منزله ذات يوم سمع صوت من جدار منزله ، يقول له : اتق الله يا أحمد وعاشر زوجتك بالمعروف ، فتخيل أن هذا من الجان وذهب إلى أصدقائه وأخبرهم بما حدث ، فذهبوا معه إلى بيته حتى يتأكدوا من صدق قوله وبالفعل سمعوا هم أيضًا كلام الجدار ، وهم كل منهم بسؤاله سؤال فأجاب عليهم الحائط جميعًا فظنوا أن به أحد من الجان .

وانتشرت تلك الشائعة في أرجاء القاهرة حتى انتقلت إلى كل الديار المصرية ، وأقبل الجميع لبيت ابن الفيشي كي يتحدثوا مع الحائط المسحور ومن هنا انتشرت مقولة يا سلام سلم الحائط يتكلم ، وأفتتن الكثير بهذا الحائط المسحور حتى جلب بعضهم العطايا والأموال وكانوا يضعونها بجوار هذا الجدار .

وقد وصل هذا الخبر للمحتسب حاكم مصر فذهب المحتسب إلى منزل الفيشي وكان رجلًا شجاعًا ، وأمر أحد أعوانه بأن يحدث الجدار وبالفعل حدثه فتعجب من الأمر ، لكنه أمر بهدم الجدار ثم مضى وبعد فترة سأل عن أمر الجدار وهل مازال يتحدث فأخبروه بأنه ما زال يتحدث .

فذهب في إحدى الأيام مصطحبًا معه مجموعة من أصحابه وجلسوا بجوار الجدار وقرؤوا شيئًا من القرآن ، وبعد ذلك طلب صاحب البيت وأمره أن يكلم الجدار ويقول له أن القاضي العجمي يسلم عليك ، فقال الجدار وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، فقال المحتسب للجدار إلى متى هذا الفساد؟

فأجاب الحائط إلى أن يريد الله تعالى فقال المحتسب هذا الذي تفعله هو فتنة للناس وليس بخير لهم ولكنه شر ، فأجاب الحائط قائلًا : ما بقي بعد هذا كلام ثم سكت ولم يتحدث الجدار معهم بعد ذلك قط ، وبعد فترة قبض المحتسب علي الفيشي وزوجته وتم التحقيق معهم إلى أن اعترفت زوجة الفيشي بأنها هي التي كانت تتكلم من خلف الجدار .

وأن السبب في ذلك هو معاملة زوجها السيئة معها ، فقامت بتلك الحيلة لتوهمه بأن الجن يوصيه بمعاملتها بشكل أفضل ، وبالفعل نجحت خطتها وعاملها زوجها بشكل أفضل بكثير من الأول ، ولما انصلح الحال بينهما بعد فترة أخبرته زوجته بتلك الحيلة ، فطلب منها أن تستمر في هذا لكي يحققوا من وراء ذلك المال والجاه ، فوافقته زوجته على ذلك واستمرت في محادثة الناس والرد عليهم من خلف الجدار بفصيح الكلام .

ولما انكشفت الخدعة تمت معاقبة ابن الفيشي بالضرب بالمقارع ، وأيضًا ضربت زوجته بالعصي 600ضربة ، وبعد ذلك تم ربطهما على جملين وشهر بهما في شوارع القاهرة الفاطمية ، فكانت تلك حادثة لا تنسى في تاريخ القاهرة القديمة كلها ومازالت الديار المصرية تذكرها .

وقد كانت تلك المقولة ومضة الإلهام التي أضاءت في عقل المخرج المسرحي سعدالدين وهبه ، فكتب مسرحية بنفس الاسم عام 1974م  لكنه غير في مجرى الأحداث وجعل البطلة هي التي تتحدثخلف الحائط كي تحس الناس على الثورة ضد السلطان ، ولكنها في نهاية تقع في حب السلطان فتفشل الثورة .

شارك المقالة:
88 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook