كان ياما كان قلم رصاص جميل وممحاه صغيرة يجلسون معاً داخل مقلمة صغيرة ودار بينهما حديث ممتع ورائع، حيث قالت الممحاة للقلم : كيف حالك يا صديقي، اجاب عليها القلم بعصبية وضيق : لست صديقك ولا تناديني بذلك، تعجبت الممحاة كثيراً لرد القلم الجاف وسألته في دهشة : ولكن لماذا تقول ذلك ؟ قال القلم : لأنني أكرهك كثيراً، حزنت الممحاة كثيراً لقول لقلم وردت عليه : ولكن لماذا تكرهني كل هذا الكره وانا لم اؤذيك من قبل !
قال القلم الرصاص : لانك تمحين باستمرار ما أكتب، ردت الممحاة ببساطة : ولكنني لا أمحو سوي الاخطاء فقط، انزعج القلم كثيراً بسبب دفاع الممحاه عن نفسها وقال لها في عصبية أشد من ذي قبل : وما شأنك انت ؟ دعيني وأخطائي دعيني افعل ما يحلو لي، فاجابته الممحاة الطيبة في لطف : انا ممحاه وهذا واجبي وعملي، فقال القلم : ولكن هذا ليس عملاً وليس له أى اهمية، ردت عليه الممحاة في ثقة : عملي نافع ومفيد ولا يمكن لأحد الاستغناء عنه، مثل عملك تماماً، ازداد انزعاج القلم وعصبيته وقال في غرور : انت مخطئة ومغرورة وتكابرين للدفاع عن نفسك، عملي أفضل بكثير من عملك وعملك لا قيمة له، قالت الممحاة في حزن : لماذا ؟ أجاب القلم : لأن من يكتب أفضل ممن يمحو .
عادت الثقة من جديد للممحاة وقالت في اصرار : إزالة الأخطاء تعادل في قيمتها وأهميتها كتابة الصواب، فكر القلم مع نفسه للحظة ثم رد في خجل بعد أن أدرك مدي خطأه : صدقت يا عزيزتي، فرحت الممحاه كثيراً وسألته : هل مازلت تكرهني ؟ أجابها القلم بندم شديد : لن أكره من يمحو أخطائي بعد اليوم، قالت الممحاه الطيبة : وأنا لن أمحو إلا الخطاً ولن أمحو الصواب أبداً، رد القلم قائلاً : ولكنني ألاحظ أنك تصغرين يوماً بعد يوم .
أجابت الممحاة : لأنني أضحي بأجزاء من جسدي كل يوم كلما محوت الأخطاء، فرد القلم بحزن : وأنا أشعر أنني أقصر بكثير مما كنت في البداية، قالت الممحاة وهي تحاول أن تواسي القلم المسكين : لا تستطيع إفادة الآخرين إلا إذا قدمت تضحيات من أجلهم .
رد القلم في سعادة : ما اعظمك يا صديقتي الطيبة، وما اجمل كلامك، فرحت الممحاة وعاشا الصديقين معاً في المقلمة لا يفترقان ولا يختلفان ابداً بعد اليوم .
في يوم من الايام ارادت مجموعة من الخنازير ان يقوموا بعبور النهر سوياً، وكان عددهم اثنا عشر خنزيراً، فقال قائدهم : سنعبر النهر وبعد أن نعبر سأقوم بعدكم لأتاكد أن الجميع قد عبر بسلام وأمان، عبرت الخنازير النهر بالفعل ثم بدأ القائد بالاطمئنان علي زملاءة وعدهم فوجد أن عددهم احد عشر خنزيراً فقط، قلق الخنزير القائد وخاف كثيراً وبدأ يصرخ ويقول لابد أن أحد اصدقائنا غرق في النهر، ظلت الخنازير تبحث عن صديقهم المفقود حتي أتاهم صوت القرود من الضفة الأخري للنهر تقول : الذي يعد القظيع يجب ألا ينسي أن يعد نفسه أولاً