قصيدة أتطمَعُ كالضلّيلِ بالوطرِ العالي الشاعر أبو الفضل الوليد

الكاتب: رامي -
 قصيدة أتطمَعُ كالضلّيلِ بالوطرِ العالي الشاعر أبو الفضل الوليد
أتطمَعُ كالضلّيلِ بالوطرِ العالي


وأنتَ قليلُ الحظّ والصبرِ والمال


سَتَقضي غريباً مِثله ودَعِ المُنى


بصَيحةِ مغبونٍ كزأرةِ رِئبال


لقد ضلَّ من يَرجو الثريّا على الثَّرى


ويطلبُ برد الماء من وهج الآل


دَعوني فما النّسرُ الكسيرُ جناحُه


بناسٍ ذرى تِلكَ الجبالِ ولا سال


حياتي كحربٍ كلَّ يومٍ أخوضُها


فَهَل راحةٌ تُرجى لركَّابِ أهوال


عَذرتُ فَتى يَسعى إلى المجدِ سَعيَه


ويَسقُطُ في الهَيجاءِ سقطة أبطال


وقد ضمّ منها كلَّ أبيضَ مَرهفٍ


وعانقَ فيها كلَّ أسمَرَ عسّال


فما المجدُ إِلا أن يريكَ جروحَه


إذا كشَفَ الأثوابَ عن جسمهِ البالي


وما الجسمُ إلا قَيدُ نفسٍ كبيرةٍ


فيا حبّذا الموتُ المقطّعُ أغلالي


لئن بَقيت نَفسي تُنيرُ كنجعةٍ


فما همّني جسمي ولا همّني مالي


فإني لجسمي كنتُ أوَّلَ مُتلِفٍ


وإني لمالي كنتُ أوَّلَ بَذّال


سَتَبكي عذارى الشِّعرِ والمجدِ والهوى


على عربيٍّ للكريهةِ نزّال


أطرفَةَ في العشرين فاجأك الرّدى


ويا ابن زُريقٍ متَّ من طولِ إهمال


لقد متّما في مثلِ عمري فعشتُما


بتخليدِ ذكرٍ لا يُبالي بأجيال


وأبقيتما شعراً يُردِّدُه الوَرى


ألا أيُّ قلبٍ من محاسنهِ خال


نحسَّبُ فتياناً وتحني ظهورَنا


همومٌ وأحزانٌ كأثقلِ أحمال


وُلدنا لنَشقى هكذا كلٌّ عاقلٍ


يعيشُ لتُشقيه سعادةُ جهّال


كما يَنحني غصنٌ لكثرةِ حملهِ


ويشمخُ غصنٌ مورقٌ غير حمّال


وعيّرني بالفقرِ أحمقُ موسرٌ


فكرّهني جوداً يسبّبُ إقلالي


لئن كان ريحُ الشّحمِ يملأ ثوبَه


فإنّ عبيرَ المجد يملأ سربالي


أرى التبرَ والسامورَ في الفحمِ والثَّرى


كقَلبٍ شريف خافقٍ تحتَ أسمال


فكم عثراتٍ للكرامِ جَبرتُها


وكم من جميلٍ للّئامِ وإجمال


فوا أسفي لو كنتُ للمالِ مبقياً


لما مزّقت عرضي براثنُ أنذال


لعمركَ إنّ العدمَ ما زالَ مُزرِياً


بأعظمِ قوّالٍ وأعظمِ فعّال


ألا فَلتمُت بالثكلِ كلُّ فضيلةٍ


لأن الوَرى وارَى الفضيلةَ في المال


وأقتلُ ما ألقى من البينِ أنَّ لي


هنالِك أُماً ضائعٌ دمعُها الغالي


أمامَ نجومِ الليلِ تضربُ صَدرَها


وللموجِ في الظلماءِ رنّاتُ إعوال


أتبكي لأجلي بنتُ أشرفِ قومها


وتضحكُ منى في النّوى بنتُ بقّال


وتفقدُ أختٌ ذاتُ عزِّ وبهجةِ


أخاً مثلَ مهرٍ طيِّبِ الأصل صَهّال


وتخطرُ بنتُ الوَغدِ في ثوبِ مخملٍ


ويمشي أخوها ضاحكاً ناعمَ البال


تأمّلتُ في هذي الأمورِ جميعها


فألفَيتُ دَهري هازلاً مثلَ دجَّال


فجدّفَ قلبي يائساً متألِّماً


وفاضت دموعُ الكبرِ تُغرقُ إذلالي


أبنتَ بلادي إنني ذاهبٌ غداً


إلى القبر كي ألقي عظامي وأثقالي


لقد كنتُ عزّاماً فأصبحتُ عاجزاً


وما الطَّيرُ في بردِ الشتاء برحّال


قفي أتزوّد من محيّاكِ إنه


يُذكّرني أهلي وأرضي وآمالي


محيّاً عليهِ من ليالي جبالنا


سكونٌ ونورٌ اشتهي أن يعودا لي


وصَوتُكِ خلاّبٌ كنوحاتِ موجنا


على الشاطىءِ المسقيِّ من دمعِ ترحال


وَعينكِ فيها شمسُ سوريَّة التي


أموتُ ولم تخطر سواها على بالي


لها العيش أرجو بعد موتي فطالما


رأيتُ من الأيام تقليبَ أحوال


أديري إليها جبهتي فاصفرارُها


بقيةُ أنوارٍ من الزّمنِ الخالي


فيخققُ هذا القلبُ آخرَ خَفقةٍ


بما فيهِ من وَجدٍ على هذهِ الحال


وألقي على صَدري رداء سياحتي


لأذكرَ أسفاري عليهِ وأوجالي


لقد مزّقتهُ العاصفاتُ وبلّلت


حواشيهِ أمواجٌ تفحُّ كأصلال


وبالآس والغارِ النضيرينِ كلِّلي


جبيني جزاءً لي على حُسنِ أعمالي


وبيتين من شعرِ امرئ القيس أنشِدي


فمِثلي تُعزّيهِ قصائدُ جلّال


ويشتاقُ تطريبَ الحماسةِ والهوى


ويهوى من الغاداتِ حفّاتِ أذيال


ومن يدِ رافائيلَ أجملَ صورةٍ


ومن يدِ ميكالنجَ أكملَ تمثال


وأجري دموعاً من جفون عشقتُها


فدمعُ الصّبايا لا يضيعُ بأمثالي
شارك المقالة:
50 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook