قصيدة أغنى التُّقى عن بُرقُعٍ وخباءِ الشاعر أبو الفضل الوليد

الكاتب: رامي -
 قصيدة أغنى التُّقى عن بُرقُعٍ وخباءِ الشاعر أبو الفضل الوليد
أغنى التُّقى عن بُرقُعٍ وخباءِ


عذراءَ تمسحُ دمعةَ البأساءِ


رَفِقَت بكَ الحريَّةُ الزَّهراءُ في


بَلواكَ رِفقَ الأُمِّ بالأبناء


فارفَع جبينكَ باسماً وانظر إِلى


مَوجِ البحارِ وأَنجُمِ الزَّرقاء


فكذا أمانيُّ الشّعوب تَلاطَمَت


وقُلوبُها انفتحت لنورِ رَجاء


وافتح ذِراعَكَ للمحبَّةِ إنّها


زارَتكَ في الأحزانِ والأرزاء


ولطالما ضمدَت جراحاً كفُّها


ما أجملَ الإحسانَ بالحسناء


ولقد أقولُ لمن تقسَّمَ قَلبُها


وَجداً على إخوانها التُّعَساء


وعلى منازِلنا جَرَت عَبراتُها


لمَّا تذكَّرتِ النَّعيمَ النائي


يا ميَّ لا تَبكي رجالَكَ إنَّهم


كُرَماءُ في السَّراءِ والضَّرَّاء


فلهم قلوبٌ لا يُرَوِّعُها الرَّدى


إن يَدعُهُم وَطَنٌ إِلى الهَيجاء


ولهم نفوسٌ يا مَليحةُ لم تزَل


في الفقرِ والبؤسى ذواتِ إِباء


ولربَّما انقَلبَ الزمانُ بأهلِهِ


فتَهبُّ عاصِفَةٌ من الصَّحراء


وتُثيرُ فيهم همَّةً مَدفونةً


فالبَحرُ يُخشى بعدَ طولِ صَفاء


وتَشُوقُهم أيّامُ مَجدٍ ذكرُها


باقٍ لهم من أقدَسِ الأشياء


يَتعلَّلونَ به إِلى أَن يَظفروا


بعَصائبِ الظُلَّام والرُّقباء


وعَساكِ يوماً تَبسمينَ لهم وقد


أبصَرتِهم يُبلون بالأعداء


فإذا سُئلتِ عن الذينَ تساقَطوا


صَرعى فدى وَطنٍ لهم ولِواء


قولي مُفاخِرةً بهم وتجلَّدي


هؤلاءِ فتياني حُماةُ خِبائي


وإذا الرّبيعُ على مناكبِ أرضِنا


ألقى رداءَ العِشبِ والأفياء


حيّي بِزَهرٍ قَبرَهم وابكي على


زهرِ الشَّبابِ مُعاجلاً بفناء


فلئن مَرَرتِ على الثَّرى خفَّفتِهِ


وكَسَوت نضراً تُربةَ الشُّهداء


وإذا رَنوتِ إِلى النجومِ وبَعضُها


يَغشاهُ جنحُ الغَيمةِ السُّوداء


والرِّيحُ تزفُرُ بينَ طيّاتِ الدُّجى


والموجُ هدَّارٌ على الميناء


قولي تمزَّقَ شَملُنا وقلوبُنا


لهفى على فِتيانِنا الغُرَباء


أيَعودُ يوماً إخوتي وأحبَّتي


فَبهم عزاءُ بلادِنا وعزائي


وإذا الأعادي عيَّرتكِ بنِسبةٍ


عربيَّةٍ فيها صفاءُ الماء


قُولي هي الفَخرُ العظيمُ لأنها


شرَفٌ ورثناهُ عَنِ الآباء


أَزرَت بنا الدُّنيا وأبقَت مَجدَنا


فشقاؤنا أَبهى من النُّعماء


الزَّهرُ يَزكى عَرفُهُ بذُبُولهِ


وكذا النفوسُ تصحُّ بالأدواء


وعلى جبينكِ صفرةٌ جذَّابةٌ


عَذُبَت لقلبٍ مُلجَمِ الأهواء


هَل يذكُر الغرباءُ كم مِن مرَّةٍ


خَضعُوا لنا في الغارَةِ الشَّعواء


وخيولنا ملء البلاد صهيلها


ونعالها مخضوبةٌ بدماء


وشيوخنا باكون إذ لم يَشهدوا


ضَربَ الظّبى في الوقعَةِ الغراء


أخنى الزمانُ على فَتاكِ وطالما


أخنى على الأحرارِ والشُّرَفاء


إن كان أخلق بُردتي وشَبيبَتي


فالنّفسُ ذاتُ تجدُّدٍ وبقاء


ستَهبُّ أرواح الرّجاء فَينجلي


غيمُ الشَّقاءِ وتبصِرينَ بهائي


فتَبسَّمي مثلَ الكواكِبِ وارقُبي


نجماً إليكِ رَنا من الظّلماء


عن حالتي لا تَسأليني رُبَّما


راعَتكِ من قَلبي جروحُ شقاء


فدَعيهِ جاهلةً لما يُدميهِ من


سرٍّ فشاهُ تنفُّسُ الصّعداء


لو كنتُ أرجو من يَديكِ شفاءَهُ


ما قلتُ إنّ الموتَ خَيرُ دواء


قسماً بثَغركِ إنَّ حبَّكِ شاغلٌ


إياهُ يومَي راحةٍ ورخاء


وإذا دَعا الوطنُ المقدَّسُ لم أكن


إِلا لأطلُبَ في القِتالِ شَفائي


الحبُّ فوقَ المجدِ لا الشَّرفُ الذي


كالوردِ عطَّرَ بُردَتي ورِدائي


أو لا يَسرُّكِ أن يُزَيِّنَ جبهتي


إكليلُ غارٍ بعدَ حُسنِ بلائي


ولعُ الملاحةِ بالشّجاعةِ مثلُهُ


وَلعي بعَينِك هذهِ النَّجلاء


وَيَزيدني ولعاً بها تَذكيرُها


وَطَني وشمسَ صُبوَّتي وسمائي


وطنٌ لدى ذكراهُ أبكي يائساً


مِن عودةٍ ويَدي على أحشائي


وأحبُّ أن أقضي إليهِ محوِّلاً


وَجهي ففي أرضِ الشآمِ رجائي


العينُ تحملُ شمسَهُ وسماءَهُ


والصّدرُ يحملُ منهُ طيبَ هواء


إني رَغِبتُ عَنِ الإقامةِ عزَّةً


وأعزُّ شيءٍ ما ترَكتُ وَرائي


فاحمِل إلى لبنانَ يا نفَسَ الصَّبا


زَفراتِ من أضناهُ طولُ ثناء


فَلكم صَبَوتُ إلى حفيفِ صنوبرٍ


وهديرِ نهرٍ حيثُ كان هنائي


وعلى رُبى بيروتَ ألفُ تحيَّةً


فُهناكَ أذكُرُ وَقفَتي وبُكائي


وعلى دِمَشقَ ونهرِها وجِنانِها


وعلى حِمى العربيَّةِ العَرباء


وإلى فرنسا احمِل شكاوى أُمَّتي


فنفوسُنا يَئست من البرحاء


وقلوبُنا كعيونِنا شَخَصَت إلى


باريسَ تِلكَ النجمةِ الزَّهراء
شارك المقالة:
43 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook