قصيدة أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما الشاعر ابن الأبار القضاعي البنلسي

الكاتب: المدير -
قصيدة أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما الشاعر ابن الأبار القضاعي البنلسي
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما


فَما لَبِثَ الكافورُ أن عَادَ عِنْدَما


وأنْثُرُهُ وَرْدَا علَى الخَدِّ نَرْجساً


فَتَرْنُو إِلَى نَوْرَيهِ للرّوْضِ مِنْهُما


حَنيناً لِعَهْدِ المُنْحَنَى أنْبَأَ الضّنَى


بِما قَرَّ في الأَحْنَاءِ مِنْهُ وَتَرْجَما


وَذِكْرى كَسَقْطِ الزَّنْدِ رُدّدَ قَدْحُهُ


بِسَقْطِ اللِّوَى تَثْنِي الخَلي مُتَيَّما


تَهافَتُّ فِي أعْقابِها أَريحِيَّةً


فَقالوا فَتىً فَضَّ الرّحيقَ مُخَتَّما


ألَمْ يَقْتُلُوا عِلْماً يَقيناً تَحَرُّجِي


فَكيفَ أَجَالُوا فيهِ ظَنَّاً مُرَجَّمَا


كأنِّي ولا راحٌ سِواها مُدارَةٌ


سُقِيتُ بِها الأَكْوَاب فَذّاً وتَوْأَما


أَميدُ وَيَنْهانِي الحِجَى فأطيعُهُ


كَما كَبَّتِ النَّكْبَاءُ غُصْناً مُنَعَّما


وَقيذاً رَمانِي مِن جَآذِرِ رَامَةٍ


مُصَادِفُ حَبَّاتِ القُلوبِ إِذا رَمى


كأَنَّ له ثَأراً لَدى كُلِّ رامِقٍ


فَيَنْضو لَه عَضْباً منَ اللَّحْظِ مِخْذَما


من الهِيفِ بالصَّبِّ الشّجِيِّ مُهانِفٌ


إِذا ما بَكَى وَجْداً لَدَيْهِ تَبَسَّما


يَصولُ بِسُلْطَانٍ منَ الحُسْنِ قاهِرٍ


ويَزْحَفُ في جَيْشِ الجُفونِ عَرَمْرَما


أتَى شارِعاً في الحُبِّ ما شاءَ ناسِخاً


عَلَى رَغْمِ أبناءِ الغَرَامِ ومُحْكِما


فَحَرَّمَ مِنْ بذل الشِّفاءِ مُحَلِّلاً


وحَلَّلَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مُحَرَّما


كَلِفْتُ بِهِ مَلآنَ مِنْ صَلَفِ الصِّبا


أُغازِلهُ ظَبْياً وأَخْشَاه ضَيْغَما


وَمَا الحُبُّ إِلا ما طَوَيْتُ جَوانِحي


عَلَيْهِ فَأبْدَتْهُ المَدَامِعُ سُجَّما


أُلامُ عَلى لَيِّ العِنانِ إِلى اللِّوَى


وأُعْذَلُ في حَوْمِ الجَنانِ علَى الحِمَى


وحَيْثُ الِقبابُ الحُمْرُ بَيْضاءُ غادَةٌ


عَقَدْتُ بِها حَبْلَ الهَوى فَتَصَرّما


أُحَلأُ عَن سَلْسَالِهَا مُتَعَطِّشاً


وأُحرَمُ مِنْ أَظْلالِها مُتَضَرِّما


ولا ذَنْبَ إلا أنْ كَتَمْتُ عَلاقَتِي


فَبَاحَتْ بِهِ نُجْلُ الكُلومِ تَكَلُّما


كَشَمْسِ الضُّحَى أرْعَى بِها أنْجُمَ الدُّجَى


وأهْجُرُ مِنْ جَرَّائِها البيضَ كالدُّمَى


تَعَلَّقْتُ مِنْها للْمَحاسِنِ رَوْضَةً


تَكَمَّنَ فيها مُرْسَلُ الشّعْرِ أَرْقَما


خَلِيلَيَّ لا أهْوَى الخَلِيَّ مِنَ الهَوَى


يُفَنِّدُ عُشَّاقاً ويُسْعِدُ لُوَّما


حُرِمْتُ وِصالَ الغِيدِ إنْ كُنْتُ لَم أَبِتْ


بِرَمْلَةَ مُغْرىً أوْ بِخَوْلَةَ مُغْرَمَا


وخِلْتُ عُهودَ الحُبِّ إنْ رُمْتُ سَلْوَةً


لِساناً مُبيناً أو ضَمِيراً تَجَمْجَما


رَعَى اللَّهُ دَهْراً خَوَّلَ الأمْنَ والمُنى


أيَادِيَ أَوْحَتْ في دُجَى العُسْرِ أنْجُما


حَدانِي إلَى نَيْلِ السَّعَادَةِ مُقتَنىً


وبَوّأنِي دَارَ الإمارَةِ مَعْلَمَا


فَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَوتُ تَشَرُّفاً


وبِالعُرْوَةِ الوُثْقَى اعْتَصَمْتُ تَحَرُّما


وشِمْتُ بِساطَ العِزِّ إذ قُمْت ماثِلاً


بِه وتَسَلَّمْتُ الفَخَارَ مُسَلِّما


أَما وإِمامٍ ما رَمَيْتُ بِنَظْرَةٍ


لِحَبْوَتِهِ إِلا رَأيْتُ يَلَمْلَما


تَجَلَّى لنا مِن حُجْبِهِ البَدْر نَيِّراً


وحَفَّ بِنَا منْ نَيْلِهِ البَحْرُ خِضْرِما


مُباركَةٌ أزْمَانُهُ وَبَنَانُهُ


تَسُحُّ نَعِيماً لا يَشُحُّ وأنْعُما


فَقُلْ في الرّبيعِ النَّضْر بِشْراً ومَبْسَماً


وقُلْ في الصَّباحِ الطَّلْقِ نَشْراً ومَيْسَما


تَعَجَّبُ مِنْهُ الطَّامِياتُ إذا حَبا


وتَنْكُل عَنْهُ الضَّارِياتُ إذا حَمَى


إلَى المُرْتَضَى يَحْيى ونَاهيكَ مَنْتَهىً


لِحَضْرَتِهِ العَلْيا وناهيكَ مُنْتَمَى


سَمَا بالمُلوكِ الصِّيد هَمٌّ أَحَلَّها


سَمَاءَ التَّرَقِّي مِنْ لَدُنْه تَهَمُّما


تُنَبِّهُ مِنْهُ في مُسهدِ خَطْبِها


سَليلَ أبي حَفْصٍ وَتَهْدَأُ نُوَّما


مُجيلُ قِداح الفَوْزِ في السِّلْمِ والْوَغَى


لِيُبْرِمَ مَنْقوضاً ويَنْقُضَ مُبْرَما


مُطِلاً عَلى الدّنيا بأوضَح غُرّة


هِي الصّبح في لَيْلِ الحَوَادِثِ مُظْلِما


تَأَلَّمَ للدّينِ الشَّعاعِ فَلَمَّهُ


أرَقَّ عَلَيْه مِنْ ظُباهُ وَأَرْحَما


فَإنْ نَظَمَ التَّوْحِيدَ عقْداً مُنَثَّراً


فَقَدْ نَثَرَ التَّجسيمَ عَقْداً مُنَظَّما


كَأنَّ سِرَاجاً ساطِعاً في جَبِينِه


إِذا مُسْرَجٌ في الحَرْبِ سَاعَدَ مُلْجَما


يُديرُ رَحاها بَاسِماً متهَلِّلاً


بِرَأْدِ ضُحاها عَابِساً مُتَجَهِّما


وأكْثَرَ ما نَلْقاهُ جَذْلانَ ضاحِكاً


إِذا ما بَكَى الخَطِيُّ في كَفِّه دَما


نَطوفُ بِمَثواه المُقَدَّسِ كَعْبَةً


فَيَمْحو خَطايانا مجلاً مُعَظَّما


ونَرْوِي أَحاديثَ الفُتوحِ مَدارُها


عَلَيْهِ صِحاحاً عَنْ قَناهُ مُحَطَّما


أَحالَ عَلى أعْدَائِهِ حَالَ دَهْرِهِم


عَجَاجاً وَراياتٍ وَنَصْلاً ولَهْذَما


فَراحَ عَلَيْهِمْ أدْهَم الليل أشْهباً


وأَضْحَى إلَيْهِم أشْهَبُ الصّبْحِ أدْهَما


لَه راحَةٌ يُعْدي مُقَبِّلَ ظَهْرِها


نَدَى بَطْنِهَا حَتَّى يَفيضَ تَكَرُّما


وإلا فَما لي باتَ مالِي مُجَمَّعاً


وَأَصْبَحَ في أيْدِي العُفاةِ مُقَسَّما


يُفيدُ فُنونَ العِلْمِ والْحِلمِ والنَّدَى


وأَحْظَى المَوَالي عِنْدَهُ مَن تَعَلَّما


إمامَ الهُدى نَاضَلْتَ عَنْ دَعوةِ الهُدَى


وقُمْتَ بِما آدَ الوَشيحَ المُقَوَّما


لَكَ الدّيْن والدّنْيا لَكَ المَجْدُ والعُلَى


تُعافِي مُنِيباً أو تُعَاقِبُ مُجْرِما


تَطَلَّعْتَ في عيدِ الأَضاحِي مُيَمِّماً


ومازِلْتَ في كُلِّ النَّواحِي مُيَمَّما


وَسَمْتَ مُحَيَّاهُ الجَميلَ بِسِيمَةٍ


صَنائِعِ إِجْمالٍ فَلِلَّهِ مَوْسِما


وأَسْرَفْتَ ما أسْرَفْتَ فيهِ تَطَوّلاً


فَأعْلَنَهُ ثَغْرُ الثَّناءِ تَرَنُّما


تَمُدُّ مُلوك الأرْضِ أعْيُنُها إلى


يَدَيْكَ تُرَجِّي ما سَحَابُكَ مُثجِما


وَتَرْكَبُ ظَهْر البَرِّ والْبَحْرِ جُنَّحاً


مَرَاكِبُها طَوْراً إلَيْك وعُوَّما


فَمِنْ مُعْرقٍ لاقَى بِبَابِكَ مشْئماً


وَمِنْ مُنْجِدٍ لاقَى بِبابِكَ مُتْهِما


وَهذِي مُلوكُ الرّومِ تُشْخِصُ رسْلَها


بِسِلْمِكَ تَبْغِي للسَّلامَةِ سُلَّما


بِطاغِيَةِ الكُفَّارِ أبْرَح ذِلَّةٍ


تُجَشِّمُهُ مِنْ حَمْلِهَا مَا تَجَشَّما


تَوَهَّمَ أنّ البَدْرَ يَحْميهِ ظِلُّهُ


وهَيْهَاتَ مَا للْكُفْرِ دُونَكَ مُحْتَمَى


وأيْقَنَ أنَّ الأمْرَ مُؤْتَمَنٌ بهِ


فَحادَ إِلى الإيقانِ عَمَّا تَوَهَّما


تَصَوّرَ تَجْهِيزَ الأَساطيلِ نَحْوَهُ


فَحَيْعَلَ بِالْمَنْجَاةِ مِنْهَا وهَلْمَمَا


وأفْصَحَ يَثْنِي خاطِباً في خِطَابِهِ


وما انْفَكَّ لَوْلا السَّيْفُ أعْجَمَ طِمْطِما


فَها هُوَ إنْ لَمْ يَحْظَ مِنْكَ بِذِمَّة


تَعَلَّقَهُ ظُفْرُ المَنَايَا مُذَمَّما


وأَخْلِقْ بِهِ ألا يَعِزَّ مُتَوَّجاً


إِذا لَمْ يَنَلْ مِنْكَ الأَمانَ مُعَمَّما


سَيَأتِي برَأسِ الكافرِ الكافِرُ الذي


يَطُمُّ عَلَيْهِ المُنْشَآتُ إذا طَما


وَيُغْزَى جَنابٌ طَالَ بِالْغَزْوِ عَهْدُهُ


ويُفْتَحُ باب كانَ للْكُفْرِ مُبْهَما


فَدُمْ أيُّها المَولى مُعاناً مُؤَيَّداً


مَتَى رُمْتَ مَغْنىً حازَهُ السَّيْفُ مَغْنَما


وسُلَّ عَلى العَادِينَ سَيْفَكَ مُنْدِماً


وَسُحّ عَلى العافِينَ سَيْبَكَ مُنْعِما
شارك المقالة:
15 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook