قصيدة اليوم يومك وهو المشرق الرَّحِبُ الشاعر احمد الكاشف

الكاتب: رامي -
قصيدة اليوم يومك وهو المشرق الرَّحِبُ الشاعر احمد الكاشف
اليوم يومك وهو المشرق الرَّحِبُ


فخذ نصيبك في الوادي كما يجبُ


لكلِّ منقلبٍ في مصر موعده


وما خلا لك من نعماء منقلب


مضت وزارتك الأولى محجَّلةً


غراء وهي إلى الأخرى لك السبب


وأنت في عهدك الثاني الوفيُّ لها


وفيه منك كما في الأوّل العجب


وحملك الحكم في ضيق وفي حرج


كخوضك الحرب ما من هولها هرب


سلكت فيه سبيلاً قيّماً فدنا


لك البعيد وهان الشائك الأشب


أكبرت كل زعيم بين شيعته


تختاره لك معواناً وتنتخب


وأنت بالفضل للماضين معترفٌ


وأنت للمقبلين الناصر الأرب


وما السياسة في كل العصور سوى


صناعة أنت فيها الحاذق الدرب


وثقت من مصر بالعقبى كما وثقت


صيد الشيوخ بها والفتية النجب


كأنما انكشفت تلك الغيوب لهم


من المقادير وانشقت لك الحجب


لم تغن عدلك عن شورى هداتهم


هذي التجاريب والإيثار والدأب


نور الهدى لهمُ ما أنت رافعه


فيها وزاد المدى ما أنت محتقب


وحَّدتَ بعد اجتماع الشمل رأيَهُمُ


فأصبحوا وهمُ الأهلون والصحب


محبة الملك الأعلى تؤلِّفهم


كما يؤلف أبرار البنين أب


أثنى عليك بما أحسنت فاستبقت


إلى مكانتك الألقاب والرتب


شهادة لك منه لم تكن كَلماً


لكنها لك منه المجد والحسب


بدّلت في ساعة من شأن مملكة


ما لا تبدّله من شأنها الحقب


والشعب بعد الذي أسلفت منتظر


من العظائم ما أزمعت مرتقب


تلك المرافق فيما أنت حافظه


جعلتها فوق ما عدّوا وما حسبوا


قسمت بينهم الأرزاق كاملةً


فطاب ما أكلوا منه وما شربوا


ولم يكن غير ما دبرت مُتَّجرٌ


ولم يكن غير ما قدرت مكتسب


الشيء بالشيء في سعر وفي ثمن


وفضة الملك ملء الملك والذهب


وما شراؤهمُ فيه وبيعهمُ


من النفائس إلا بعض ما وهبوا


ليس المتاع بأغلى من نفوسِهمُ


وهم بها أينما سايرتهم ذهبوا


وخير ما يُعمِرُ الدنيا معاملةٌ


قضت به الحال لا شرع ولا كتب


ولم تُصِب في سبيل اللّه ضائقةٌ


نفساً ولا ظمأ فيه ولا سغب


تقاتل الناس فوق الأرض وهي لهم


ملأى بما أنتجوا فيها وما جلبوا


يخِّربون بأيديهم ديارهمُ


وما بشيءٍ سوى أيديهمُ نُكبوا


ماذا يطاول فيها المستقلّ بها


وحسبه في ثراها الماء والعشب


من لم تسعه بلاد اللّه عامرةً


خصيبةً لم يسعه المقفر الخرب


أقمت دونهم السدَّ المنيع فلم


يَملْ به رعب الخصمين والرهب


وسرت بينهمُ ثبتاً فما دفعوا


مرماك يوماً بما تأبى ولا جذبوا


كلا الفريقين معتزٌّ بعدَّته


وللفريق الذي ناصرته الغلب


وإن خلت من مثار الحرب ناحية


يوماً تناولها الإرجافُ والصَّخَب


حليفك الضخم من جاراك منفعة


لا من تجاريه حيث الغرمُ والعطب


إن سايرت مصر في حرب حلائفها


فغنمها عظة الباغين لا السلب


وإن أرادت لهم من جيرة مدداً


فالترك والفرس والأفغان والعرب


منافع جمعتهم في وثائقهم


قبل الذي يقتضيه الدينُ والنسب


هذي قلاع وأجناد بأرضك أم


هي البروج السماويات والشهب


في حوزة الشرق حصن اللائذين بها


وفي حمى الغرب منها الجحفل اللجب


رددتَ خلف التخوم الراصدين لها


من بعد ما أوشك الأرصاد أن يثبوا


أغنتك عن غزوهم بالجيش في غدهم


هذي الرسائل منك اليوم والخطب


وربما منع الحرب العوان وإن


جاء النذيرُ عتاد الحرب والأهب


خير من الظافر الغلاب مغتنماً


في الحرب من يتوقاها ويجتنب


من لم تمكِّنه مما رام قوَّتُه


فليس ينفعه التمويه والكذب


من يطلب الأمر بأساً غير مقترن


بالرأي ضاع عليه البأس والطلب


إذا ضمنت لواديك النجاة فما


يعنيه في غيره الفولاذ واللهب


وقد يشق على الناجي لرحمته


أن يشهد الخلق وهو النار والحطب


ومصر أكرم صلحاً إن همُ اصطلحوا


ومصر أعظم حرباً إن هم احتربوا


بعد الجهاد الذي أنت الحفيّ به


حقَّ الثواب وقبل الراحة التعب


خير الفتوحات ما صُنْتَ السلام به


والأرض ترجف والأرواح تنتهب


والمطمئن إلى الأقدار أنت بما


أعددته وشعوب الأرض تضطرب


إن كان لا بد يوماً من دمٍ سرِبٍ


فللكرامة والحق الدمُ السرب


حسبي لحكمك في واديك تهنئتي


بالعمر يمتد والآمال تقترب


إني أخلِّد آثار الرجال على


مر الليالي وما لي فيهمُ أرب


وأملأ الأرض نوراً من محامدهم


وإنني في زوايا الريف محتجب


يمشون في الأرض أبراراً ومن أدبي


عليهم الحلل الخلدية القُشُب


أعيش في وطني عيش الغريب وإن


فرغت منه فلا ذكرٌ ولا عقب


وما غضبت لنفسي في مساورة


لكنه لبلادي ذلك الغضب


وما ذهبت إلى قوم بمعذرة


وما ضننت بعتباهم إذا عتبوا
شارك المقالة:
24 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook