قصيدة تِلكَ الخمائلُ عُرِّيَت أشجارُها الشاعر أبو الفضل الوليد

الكاتب: رامي -
 قصيدة تِلكَ الخمائلُ عُرِّيَت أشجارُها الشاعر أبو الفضل الوليد
تِلكَ الخمائلُ عُرِّيَت أشجارُها


يَبست وليسَ بمُمكِنٍ إنضارُها


ذهَبَ الشتاءُ بعِطرِها وبِنضرها


بعدَ الخَريفِ فودّعت أطيارها


في كلّ ريحِ أنّةٌ من نَوحِها


وصَدى صفيرٍ قد رَماهُ هزارها


عنّا الطيورُ ترحَّلَت فدِيارُنا


قد أوحَشَت وخلَت هناكَ ديارها


ما كان أجملَها وألطفَ شَدوها


إن غرَّدَت وإزاءَها أوكارها


يا ليتَ لي مِنها الجناح ولَيتَني


في كلِّ أرضٍ يَمَّمتها جارها


فأطير في الآفاق بينَ سروبِها


جذلاً وقُوتي حَبُّها وثمارها


ومن الجِناحَينِ الخفوقُ يشوقني


حتى يَقُرَّ من الطيورِ قَرارها


وطَني يضيقُ عنِ المَطالبِ والمُنى


فالنَّفسُ لا تُقضى هنا أوطارها


تَصبُو إِلى السَّفَرِ البَعيدِ وطالما


لذَّت لِعاشِقَةِ العُلى أسفارها


أَأَسيحُ في هَذي البسيطةِ آملاً


وسُهولُها لي رحبَةٌ وبِحارها


أنا خاملٌ في بُقعةٍ مَجهُولةٍ


أَسرى بها أحرارُها وخيارها


وصخورُها في غابها وهِضابُها


حَرَسٌ مَجَرَّدةٌ عليَّ شِفارها


ما كان أتعسني بقلبٍ واسعٍ


في صدرِ ضيّقةٍ يُشدُّ إزارها


عادَ الشتاءُ بغيمِهِ ورياحهِ


والنفسُ عادت نحوَها أَكدارها


قلبي ذوى فيهِ الرجاءُ كروضةٍ


ذَبلت لشدّةِ بردهِ أزهارها


والقبةُ الزرقاءُ حالت دونَها


سودُ الغيومِ فلا يُزاحُ سِتارها


تسري ببطءِ والرياحُ تسوقُها


مثلَ النفوسِ تسوقُها أَقدارها


تلكَ السحائبُ طلُّها في مُقلتي


وعلى فؤادي ركمُها ومدارها


حمَلت صواعقَ من تصادمها غدت


تنقضُّ والبرقُ المحرّقُ نارها


والجوُّ فيهِ للرعودِ تجاوبٌ


والأرضُ غَرقى لا يلوحُ شِعارها


فبمَ العيون تقرُّ وسطَ طبيعةٍ


جذّاءَ يُنزعُ نضرها ونضارها


صنّبرها جلادُها وثلوجُها


أكفانُها ودموعُها أمطارها


عُد يا ربيعُ إلى المرابعِ مؤنساً


مِن بَعدِكَ اللذات شطَّ مزارها


أبكي عليكَ ولا عزاءٌ في الأسى


كم فيكَ أياماً حلا تذكارها


واصَبوتاه إلى صبائحكَ التي


أهدَت إليَّ نسيمَها أسحارها


فاطلع بها متبسِّماً متهلِّلاً


فالأرضُ مثلَ الليلِ صارَ نهارها


وأعد طيورَكَ والأزاهرَ والندى


فعلى البعادِ تشوقني أخبارها


لم يبقَ من أثرٍ لها فوقَ الثرى


وكثيرةٌ في مهجتي آثارها


فمتى تعودُ مع السعادةِ والهوى


ورئيّتي يحلو لها مزمارها


الجسمُ بعدَكَ باردٌ متشنِّجٌ


والنفسُ نارٌ يَستطيرُ شرارها
شارك المقالة:
56 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook