قصيدة سأخرج من حرير العاشقات الشاعر أحمد بخيت

الكاتب: رامي -
قصيدة سأخرج من حرير العاشقات الشاعر أحمد بخيت
سأخرجُ من حرير العاشقاتِ


ومن ذهبٍ يخونُ معلّقاتي


أجلْ لي صاحبٌ يبكي فأبكي


طللٌ يليق بمفرداتي


ولي لغتان: فصحى أنجبتني


ودارِجَةٌ سأمنحُها رُفاتي!


ولي زهوُ «المنخّل» حين يُفضي


بأسرارِ البُروقِ إلى الحصاةِ


ولي شرفُ الصعودِ إلى غيومٍ


تُقطّرني على «خدر الفتاة


ولي خبزُ الخرافةِ ملحُ دمعي


رمالُ بداوتي خمرُ انفلاتي


ولي بابٌ على الملكوت نبعٌ


بوادي الجنِّ عينٌ للمَهاة


ولي أبديّةُ الصحراءِ ليلٌ


بآلاف النجوم الشاحبات


حنينُ النُّوق ياقوتُ القوافي


ولألاءُ التصعلكِ في الفلاة


وليْ ما ليس لي خمسون أمّاً


ولكني يتيمُ الأغنيات




(2)


أتيتُ وفي يدي العسراءِ سيفٌ


ينوحُ على الضحيّة والجُناة


بكيتُ وما بكيتُ قروحَ روحي


ولا شوقي لليل الظاعنات


سَيَرْتَهِنُ «السموألُ» من دروعي


وديعةَ ذاهبٍ نحو الممات


ستنسلخ القبائلُ منْ دماها


ستنتقمُ الحياةُ من الحياة!!


أأطلبُ في بلاط الرومِ ملكاً


ولي ملكُ الرياحِ السافيات ؟


سأترك لحمَ أسلافي لقيطاً


يحنُّ إلى حنان الأمّهات


وأبحث عن معلّقةٍ لروحي


بعيداً عن صواريخ الغُزاة


سلاماً يا امرؤ القيسِ انتهينا


حقائبَ في مطارات الشَّتات


(3)




أنا لا أعبدُ الأصنامَ شعراً


ولا أبكي الرسومَ الدارسات


فُطِمْتُ عن الوقوفِ على خرابٍ


وتأبينِ الرمادِ بنهنهاتي


برئتُ من افتخارٍ عنجهيٍّ


بأيام العظامِ الباليات


ولم أصعدْ إلى نسبٍ عريقٍ


سوى نسبِ الصحيفةِ والدَّواة!!


سقطتُ إلى الحياة دماً أليفاً


يخوضُ المعمعانَ بلا أداةٍ


وما لي في رباط الخيلِ جهدٌ


جهادي في رباط الغانيات


أنا ما لا يحبُّ الناسُ مني


إمامُ اليأسِ مهديُّ الغُواة


ورثتُ من الحضارة خمرَ كسرى


وآلاتِ القِيانِ العازفات


من الروم التسكّعَ قربَ دَيْرٍ


كراهيةَ الرعيّةِ للرعاة


من الهند المنجِّمَ حين يتلو الطْـ


ـطَـوالعَ في كتاب النيّرات


من اليونان سفسطتي وشكّي


وحيرةِ موقفي وتساؤلاتي!!


سأهبطُ جنّةَ الشيطانِ يوماً


وأقرع بابَ مملكةِ العُصاة


وأصعدُ نحو علّيينَ يوماً


لتقتحمَ السماءَ تبتُّلاتي


سأعصر ?رمةَ الأيامِ خمراً


وأسقي للحياة تناقضاتي


سلاما يا ابنَ هانىءِ نحن جئنا


بعصر الشكِّ لا عصرِ الهُداة


(4)




عنيداً أبتغي ما لا يُسَمَّى


وحيداً أستظلُّ بمعجزاتي


سأخترق النبوءة - دون خوفٍ -


على خيل المعاني الخالدات


نُفِيتُ فغبتُ كي أَنْفي غيابي


نُعيتُ فجئتُ كي أَنْعَى نُعاتي


أنا هو أحمدُ الكوفيُّ ناموا


على خُبْث الرعيّةِ والولاة


أنا هو أحمد الكوفيُّ قوموا


على غدر السيوفِ المشرعات


ستسقط ألفُ «بغدادٍ» فسيروا


إلى ملك الأعاجمِ والخُصاة


فررتُ إلى الذي سأفرّ منهُ


وألجأني الفواتُ إلى الفوات


خسرتُ أَجَلْ خسرتُ خسرتُ نفسي


لأربحَ ما خسرتُ من الهِبات


ولكني أكيدُكُمُ بموتي


وفي شرف الردى شرفُ الحياة


سأذهب طاهراً منكم ومني


إلى ملكوت سيّدةِ اللغات!!


(5)




دخلتُ «معرّةَ النعمانِ» أعمى


يرى زحفَ العُصارة في النبات


يرى بؤسَ الأجنّةِ وهي تعوي


من الأصلاب بحثاً عن فُتات


وها أنا في الثلاثة من سُجوني


غرابُ الروحِ ينعبُ في لُهاتي


شُفيتُ فما شَقيتُ بإرث ماضٍ


وقيتُ فما سُبيتُ بحلم آت


فكيف طُردتُ من جنّات شكّي


مجوسيّاً يكفّرني قُضاتي؟


ومن أنا والترابُ يغوصُ تحتي ؟


ومن أنا في سماء الطائرات؟


ومنْ أنا في سلامٍ معدنيٍّ ؟


ومن أنا في حروب الحاسبات؟


سلاماً أيها الحاسوبُ صرنا


قوائمَ في سلال المهملات


سأبحث عن «لزومياتِ» صمتي


وعن قبرٍ بحجم تأمُّلاتي!!


(6)




لماذا لا تُتابعني ظلالي؟


لماذا لا تُشابهني صفاتي؟


لماذا خَرّبَ النسيانُ قلبي ؟


وخانتني شجاعةُ ذكرياتي


فلا طربٌ ليأنسَ بي صِحابي


ولا غضبٌ ليخشاني عِداتي


كأني خارجٌ من كلّ شيءٍ


يُسابقني إلى موتي مَواتي!!


بعيداً عن دمي عن حزن أهلي


بعيداً عن عذابِ الكائنات


يمرُّ الفاتحون على عظامي


فلا تدمى ولا تُدمي قَناتي


أنا حجرُ النهايةِ فاتركُوني


لأغرقَ في مياه تداعياتي


هوتْ عشرون أندلساً لأبكي


على أطلالها مجدَ الحُفاة


فمن سيرى قرابَ السيفِ يبكي ؟


ومن سيلُمُّ دمعَ الصافنات؟


ومن سيشمُّ رائحةَ «ابنِ رشدٍ»


تسافرُ في مداد «الترجمات»


ومن سيضوعُ مِسكُ الروحِ فيهِ


ويسكُن في بهاء مُنمنماتي


ومن سيكون آخرَ عَبْشميٍّ


يُمزّقه نحيبُ مُوشّحاتي


ومن سيعلّقُ الأجراسَ منا


- قُبيلَ الفجرِ - في عُنُق الكُماة


أتسألُ يا «ابن زيدون» لماذا


يعافُ الشدوَ جبّارُ الشُّداة


مضى زمنُ الذين حَمَوْا حِماهم


وليس يليقُ بي زمنُ اللواتي


إلى الرَّبْع الخرابِ نعود رَهْواً


«فلا ثقلتْ بطونُ المنجِبات»


(7)




أنا المتحدِّثُ الشعبيُّ باسمي


وباسم اليائسين من النجاة


مُدانٌ بارتكاب «الحزنِ» جهراً


ومتَّهمٌ بإزعاج الطغاة


أنا مندوبُ تدشينٍ لجيلٍ


تَناسلَ في زحام الحافلات


تساقط من دم الأرحامِ كهلاً


لتلعنَه أكفُّ القابلات


نما في السهو في عَطَن الليالي


وفي عُقْم الخطى واللافتات!!


أُبشّرُكم بتِنّينٍ رهيبٍ


تَنفّسَ تحت سقفِ العائلات


سيرفضُ إرثَكم دون امتنانٍ


ويعبر سخطَكم دون التفات


سيرقص في قميصٍ أجنبيٍّ


ويحشو تبغَهُ بالموبقات


سيهبطُ نحو غُلْمته ليأوي


إلى قطط الغرامِ الجائعات


سيصنع من أُبوّتكم رصاصاً


لتندلعَ الجريمةُ في الجهات


سيفرحُ عندما تعطيه «روما»


معونةَ شهوةٍ ومُعلَّبات


سيخرج من رباط الخيلِ قسراً


ويُطْرَد من دعاء المئذنات


سلاماً يا «ابنَ عبد اللهِ» «روما»


تُوزّع خبزَنا وقتَ الصلاة!!


لماذا تجرحين صفاءَ يأسي ؟


وتجترحين هدأةَ خارطاتي


وتبتكرين نافذةً لروحي


وتخترعين ثالثةَ الرئات


حنانَكِ أخطرُ الغرباءِ قلبي


وأخطرُ ما بقلبك وشوشاتي


أخافكِ أم أخافُ عليكِ منِّي؟


هما خوفان: حَنّانٌ وعات


أجيئكِ فارغاً من كل حلمٍ


وممتلئاً كقُبّعة الحُـــواة


من الوعظ الجبان من الأغاني


من الخُطب التي التهمتْ ثباتي


ومن كتب «الحماسةِ» و«الأمالي»


ومن أشهى أكاذيبِ الرواة


من اللغو المحنَّط في حواشٍ


على متنٍ لألغاز النُّحاة!


ومن صوف الدراويشِ التكايا


دفوفِ الزارِ شعوذةِ الرُّقاة!


من الحبّ الذي لا حبَّ فيهِ


من الجسد المهيَّأ للسُّبات


من «النَّقَب» «الجليلِ» «القدسِ» «يافا»


من «النيل العظيمِ» إلى «الفرات»


(9)




وداعاً للجمال لشمس «آبٍ»


إذا ابتسمتْ على خدّ البنات


لألعاب الطفولةِ للأحاجي


لعصفور الصباحِ لسوسناتي


وداعاً للبكاء بصدر أُمّي


لفيروز العيونِ الصافيات


لطعم البرتقالِ لصبح عيدٍ


تَلألأَ بالثياب الزاهيات


لسطح طفولتي لدجاج أمّي


لأفقٍ باتّساع تخيّلاتي


لمقرعة المعلِّمِ حين تعلو


فتنفجرُ العنادلُ صادحات


لحكمة جَدّتي لسعال جَدّي


لأشجار الحنانِ الباسقات


لثرثرة الصداقةِ للمقاهي


لقهقهةٍ مهذَّبةِ النِّكات


لآهة «أُمّ كلثومٍ» «لشوقي»


لآلاءِ القلوبِ الخافقات


لنزهة عاشقين لشجو نايٍ


لأحلام الصبايا العاهراتِ


لبيت الحبِّ للغد حين يأتي


لآلاف الوعوِد الرائعات


(10)




لقد وَدّعتُ ما ودّعتُ مني


لأولدَ من رماد الأمنيات


سأفترع الكتابةَ وهي بكرٌ


وأجترح الحقائقَ ثَيّبات


وأنتظرُ القيامةَ في هــــدوءٍ


وحيداً تحت سقف مُخيَّـماتي!!
شارك المقالة:
234 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook