قصيدة سيمفونية الكينونة .... الشاعر احمد سعد الدين ابورحاب
الكاتب:
رامي
-
"سيمفونية الكينونة ....
الحركة الأولى
الدرب
فى لهفات القلب
فى النزعات المخفية
فى أعمق أعماق الأعماق
يبدو الإنسان صبيا حيرانا ،
لا يستره من عري الكينونة ،
غيرُ الحزن وغيرُ الإخفاق
***
سرت بدرب ممتد ممتد دون نهاية
منغرزا فى قلب المجهول يلوح كوهم
يرزح تحت الظلمات وتجريح الريح
والليل فسيحٌ والهمّ فسيح
والقلب اللاهث فى نبض مدهوش اللهفات ، كسيح
ويغيم الدرب أمام النظرات المبلولة
وتحف بجنبيه بقايا أشجار عريانة
أشباحا دون عيونٍ ، وصخور مشلولة
تتشوه فى أشكال مكتئبة
تسرّبل بالصمت الغامض
وغموض الليل الصامت
تتكثّف قطرات من رعب فوق جبينى
يعوى الدرب
يسرى مخنوقا فى عمق الليل المملوء بأصوات الأزلية
ينساب من الأشجار فحيح يتحسس جلدى ، يلسعنى
ونعيبٌ يسكن أذنى
يملؤنى
يترنح فى الأرجاء السوداء عواء مجروح
يأتى منكبا .. يتعثر .. يشهق ويروح
يغمرنى بالحزن الدافق ، بالشجو وبالتبريح
يتلوى الدرب المسفوح على الرمل المتحركْ
يتركنى للريح
***
مذبوحا فى قلب الليل
اتحرك كشراع يسبح فى الدخّان
مشدودا بوثاق غامض
أمضى نحو الأفق النابض بالرهبة
تتجرح أقدامى من وخز الأحجار المنقوشة فى وجه التربة
ترسم فوق الدرب ندوبا شوهاء
خطواتى تنزعنى من حلم الميلاد ، وتسحبنى فى بطء نحو سراديب الموت ، فيشربنى الظمأ الهادر فى أوردة الدهر ، ويأكلنى جوع الديدان ، ويسلخنى شوق اللحم الحي الى اللحم الحي .. تهرول أعضائى نحو الموت .
منذ سنين لا أذكر أين
فى زمن ما
شاهدت فتى وفتاة يفترشان الشط المتهيّج من لمسات الموج
وأنا عن بعد أحسو كأسا مملوءا بالأوجاع
اتأرجح فوق حبال الهم
كانت – تلك الطفلة – ترنو فى عينيه طوال الوقت .. طوال الوقت
لا أعرف كيف شعرت بغيظ وبضيق وبيأس
وتمنيت – ولو بالصدفة – أن تنظر نحوى ، أو نحو البحر .. الأفق .. الطير .. الشمس
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.