قصيدة شراً يرى الناس أم خيراً يلاقونا الشاعر احمد الكاشف

الكاتب: رامي -
قصيدة شراً يرى الناس أم خيراً يلاقونا الشاعر احمد الكاشف
شراً يرى الناس أم خيراً يلاقونا


وغافلون همُ أم مستفيقونا


أمضى على الصلح قوم يعبثون به


وقد نأى عنه قوم غير ممضينا


تنفس الصعداء اليوم بعضهمُ


ولم يزل بعضهم أسوان محزونا


هل يعرف الدهر حرباً كالتي شملت


تلك الثمانيَ يتلوها ثمانونا


صناعة هي يعتز الملوك بها


على العباد الأذلاء المطيعينا


أم كانت المرض الموروث في دول


أعيت طبائعها السودُ المداوينا


ما كان أكبر آثام الأنام وما


أزكى وأغلى الضحايا والقرابينا


أين الأسرة والتيجان أسألها


عن الملوك الطغاة المستبدينا


الرافعين على الأشلاء دورهم


المالئين دماً تلك الميادينا


جنت على ملكهم أسلاب غيرهم


فهل تذكر هذا المستغلونا


أمستغيثين من حرب نفرُّ إلى


سلم يزيد هموم المستغيثينا


ففي اليمين عهود الصلح خادعة


وفي اليسار قيود المسترقينا


أين الشروط وأين العاملون بها


أم تلك كانت أباطيل المضلينا


أهذه ثمرات النصر يخرجها


للعاملين الألبّاء البصيرونا


لا غالب اليوم إلا من يعين غداً


ببأسه ونداه المستجيرينا


دانت لعسكر ولسون جبابرة


وأين ما صنعت آراء ولسونا


أغرى البرية باستقلالهم ونأى


عنهم وهُم بالذي أغرى يهيمونا


أيبتغي رجل الدنيا الجديدة ما


لم يرج من قدم الدنيا النبيّونا


وتبدل الأرض غير الأرض متخذاً


ملائكاً برة هذي الشياطينا


هواجسٌ ملأ المستبشرون بها


نفوسهم وتعداها الخليونا


والحق في كل عصر فاقد سنداً


إن لم يجد طلباً بالبأس مقرونا


فذو السلاح هو المرهوب جانبه


إذا انثنى الأعزل المغلوب مغبونا


تغير الناس أخلاقاً ومتجهاً


تغير الأرض تكويناً وتلوينا


صوت القنا والسيوف اليوم يخلفها


صوت العواطف توفيقاً وتأمينا


وللشعوب وقد زالت ضغائنها


فتح المبادئِ لا فتح المغيرينا


عقبى الهزائم بل عقبى المغارم ما


يغدو به ويروح البلشفيونا


تجشّموا في البلاد الظلم وانطلقوا


بعد المظالم أحراراً مغالينا


وما رضوا أن يكونوا بعد قيصرهم


إلا قياصر فيها أو فراعينا


للقوم أعذارهم في كل منقلب


إن أخطأ القوم أو كانوا مصيبينا


ولست أعلم والإنسان متهمٌ


أمصلحون هم أم مستفيدونا


نعم الفريق الذي فوضاه هادمة


بغيَ الفريق الذي سن القوانينا


جنّت بحرية الدنيا العقول فما


أذكى الجنون وما أوفى المجانينا


للإشتراكية العقبى إذا شملت


شتى الشعوب وجاراها المجارونا


فلا الكثيرون ملكٌ للأقلِّينا


ولا الأقلون ملك للكثيرينا


ولا نرى واحداً ملأى خزائنه


بالمغنيات وآلافاً يجوعونا


ولا نرى درة في رأس محتكم


تهفو إليها قلوب المستظلينا


يا نائلين من الحرب العوان سوى


ما كان منتظراً منها ومظنونا


نجوتمُ من رزاياها وما لكمُ


لا تذكرون رفاقاً غير ناجينا


مدوا الحديد لكم في كل مرحلة


وذلّلوا لكمُ أطوادها لينا


ورابطوا لأعاديكم على هدف


وألحقوا النيل بالأردنَّ تأمينا


وقلتم الترك قد جاءوا لغزوكمُ


وقهركم فرددناهم مولّينا


وكم عتبنا على قوم لأجلكمُ


وهم إلينا الأحباء المحبونا


وقلتمُ لم ينل قوم بغير دم


حرية فبذلناه مضحينا


ونال من دمنا في مصر جندُكمُ


ما نال منه عداكم في فلسطينا


فهل غسلتم خطايا الأبرياء به


أم لا تزال خطيئات البريئينا


أتستهينون بالإنسان ماثلكم


وتؤثرون عليه الماء والطينا


هبوا حمى مصر والسودان مزرعة


أيرهق الأجراءَ المستغلونا


ورثتم خصمكم ميتاً وصاحبكم


حياً وما زلتمُ في الأرض تسعونا


وقد ملكتم من العمران ناضره


ورحبه وبذي الشكوى تضيقونا


هل تنكرون عليهم في زمانكمُ


ما أدركوه تجاريباً وتمدينا


جربتمُ مصر في تقييدها زمناً


فجربوا مصر في إطلاقها حينا


أمنتمُ مصر فيما نال أمنكمُ


فأي شيء على مصرٍ تخافونا


وقلتمُ مصر للهند السبيل فإن


ضاع السبيل أضعنا الهند ساهينا


أما إلى الهند إلا مصر من سبلٍ


ملأى شواهين أو ملأى سراحينا


يهدد الهند أهلوه وجيرته


ولا يزال سبيل الهند مأمونا


خافوا سوانا وأعطونا أمانِينا


فما تضرُّ بكم يوماً أمانينا


نلقاكمُ بقلوب المخلصين كما


تلقوننا بقلوب المطمئنينا


مصالح الناس أقوى من عواطفهم


يداً فهم أينما سارت يسيرونا


فلا تدوم حزازات المعادينا


ولا تدوم مودات الموالينا


وطالما عاد خصمُ القوم صاحبَهم


وطالما أحسن العقبى المسيئونا


عسى الذي منح الألمان سلمَكمُ


ينسيكم أثر الماضي وينسينا


عسى مبدل بأسَ الروم مرحمةً


للترك يرضيكم عنا ويرضينا


وإن شبراً لِذي حقٍّ لأفضلُ من


مقاطعات البغاة المستبيحينا


وإن فرداً لذي ملكٍ يبر به


خير له من جماعات يثورونا


عن أي شيء لمصرٍ تسألون وقد


هزت مسائل مصر الهند والصينا


بالسيف والنار يدعو الناس جندكم


وتطلبون من الصرعى مجيبينا


ضعوا السلاسل عنا واطلبوا جدلاً


تروا أدلة مصرٍ والبراهينا


وربما قبلت دعواكمُ دولٌ


وأهل مصرٍ أباة غير راضينا


ليت الذي حرم الألمان غايتهم


أخاف قوماً سواهم لا يبالونا


وليت من زاد قوماً قوة وغنى


يرعى ويحرس أقواماً مساكينا


أتسفكون لمظلوم دماءكمُ


وبالكلام على عانٍ تضنّونا


وهل وفيتم بميثاق لمصرَ كما


رعيتمُ العهد للبلجيك موفينا


كم أعجبتكم من الأحرار عزتهم


كانوا موالين أو كانوا معادينا


فهل ذكرتم وأكبرتم لنا غرضاً


كما ذكرتم وأكبرتم وشنطونا


كم أنجب البطل الأحداث عالية


وأنجب الحدث الأبطال عالينا


كنا أمانة دهرٍ عندكم وأتى


وقت الأداء فهل أنتم مؤدونا


وقد أقر لمصرٍ كل منتصف


بحق مصر فهل أنتم مقرونا


وقد أصرت على استقلالها فعلى


أيّ المآرب أصبحتم مصرينا


أواهبون لمصرٍ كل ما طلبت


أم آخذون بمقدار ومعطونا


وإن رفعتم عن الوادي حمايتكم


فما اسم لاحقها فيما تسمونا


وإن تروا بدلاً منها محالفة


فمن لنا بضمانات المساوينا


إنا لنعجز عن حق الحليف وعن


حق الشريك وأنتم تستزيدونا


وما مجاورة الأقوى وشركته


إلا كما جاور العصفور شاهينا


ادعوا بني مصر أنداداً لكم ودعوا


ولاة مصر ملوكاً أو سلاطينا


وغادروها لأكفاءٍ تجاربُهم


تغنيهمُ عن تكاليف المشيرينا


يفدون مصر وإن شاكت منابتها


وإن جرى نيلها مُهلاً وغسلينا


وإن تدفق في البيداء منصرفاً


وإن أقام وراء السد مخزونا


أحرار مصر تباريهم حرائرها


ففاديات كما نرجو وفادينا


مصليات يجارين المصلينا


مزكيات يجارين المزكينا


وهل رأت مصر قبل اليوم دعوتها


تثير للنجدات الخرَّدَ العينا


خضن السعير إلى الشأو الخطير وما


حملن إلا التحايا والرياحينا


وكلما راعت الأهرام مرعدة


أرحن ما ارتاعها شدواً وتلحينا


هذي مظاهر إيمان النفوس وذا


حق الجهاد وهذي روحه فينا


أمستعدون للتوفيق بينكم


وبيننا اليوم إنا مستعدونا


تعطوننا مثل ما تعطون أنفسكم


فتستريحون منا أو تريحونا


موكولة لسجايانا علائقنا


وما مرافقنا إلا بأيدينا


نودكم أمة في الأرض طيبة


ولا نود المعزّين المذلينا


أولى لكم ولكل الناس أنكمُ


كما نكون على الحسنى تكونونا


يا جامعين وراء البحر أمرهمُ


ورائحين بنجوى مصر غادينا


باقون أنتم على العهد الوثيق كما


أنَّا على العهد والميثاق باقونا


سافرتمُ وقلوب المخلصين لكم


وبالرجاء إلى الوادي تعودونا


الحق في كل واد واجد سنداً


أضحى بلندن أو أمسى ببرلينا


وحبذا سعيكم في كل مملكة


وحبذا أهل مصر المستقلونا


من لم ير اليوم في العمران موضعه


لم يلق في غده دنيا ولا دينا


ونحن أولى بأن ترعى مواطننا


نوفي المكاييل فيها والموازينا
شارك المقالة:
24 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook