قصيدة شَرُف الزمان به وساد الجيلُ الشاعر احمد الكاشف

الكاتب: رامي -
قصيدة شَرُف الزمان به وساد الجيلُ الشاعر احمد الكاشف
شَرُف الزمان به وساد الجيلُ


شرع البلاد وحكمها المأمولُ


في الرونق الضاحي تجلى بعد ما


لجت عواصف دونه وسيول


هزَّ المشارق عيده فتجملت


بغداد واحتفلت به كابول


ودعت بأنقرة لمصر عشيرةٌ


شماء تعمل حرةً وتقول


ولئن تناءى بين مصر وبينها


سبب الجوار فإنه موصول


ألمصر أم للمشرقين كليهما


هذا الصباح الأبلج المصقول


اليوم تجري أدمع الفرح التي


ذنب الزمان بها غداً مغسول


وضح الصواب لكل مطَّلع فما


فيه مغالطة ولا تأويل


ذا بعض ما وصلت إليه من المدى


تلك الضحايا والدم المطلول


يا يوم فاتحة الرجاء لك الرضا


ولربك التكبير والتهليل


هل جئت بالشورى بهيجا معلماً


أم جاء فيك من السماء رسول


أنت الجميل الفخم للوادي فما


لك غير ميعاد الجلاء مثيل


جاءت رضاً فيه وراحت راحة


هذي النيابة عنه والتوكيل


من كل ندب ما دعاه قَبِيْلُهُ


إلا ومنه لمن دعاه قبيل


وكأنما المحراب كلَّ أريكة


وكأن كلَّ محدث جبريل


في هذه الحجراتِ تعرف مصر ما


أمست عليه وما إليه تؤول


ويخط آمال البلاد وأهلها


فيه شباب عاقل وكهول


المجد ما بنت الشمائل سمحة


لا ما بنته أسنة ونصول


وعزائم الأبطال غير صحيحة


إن لم تقدها أنفس وعقول


إن يحتفل بالظافرين مهنِّئٌ


فليبتدر للعاثرين مقيل


من لم يتب أو من أبى الحسنى إلى


من تاب فهو الخاذل المخذول


ضمنَ الحياة لكل شعب شملُهُ


متألِّفاً وحسامُهُ المسلول


ما كانت الدنيا مجادلة ولا


سبب العلا التأويل والتعليل


لا يستحق من الحياة نصيبه


متلمس للحق وهو ذليل


ما كان ندّاً شعب مصر لدولة


تجتاح وهو مقيد مغلول


كسر الأسيرُ القيدَ وهو مضاعفٌ


وقضى الغريم الدين وهو ثقيل


ولقد أبى حمل المهانة والأذى


ذاك المقيم عليهما المجبول


لا ينهض المغلوب إلا بعد ما


يتنبه المخدوع والمختول


إني رأيتُ ممالكاً قامت على


أنقاضها أخرى وسوف تدول


هل يأمن المنهوم من أحشائه


أن يملأ الأحشاء وهو عليل


ولربما سلم المقاتل في الوغى


وأماته المشروب والمأكول


هل يستقيم منازع وقريبه


متبرم والجار منه ملول


وَيمُدُّ سؤدده ومن أجزائه


في كل يوم جانبٌ مفصول


أين الذين تحكموا فتراجعت


بهمُ غياض الأرض وهي محول


لا يستوون على الأرائك فخمة


إلا وتحتهمُ الدماء تسيل


اللّه بدلهم بأرحم عصبة


للعاملين وحبذا التبديل


وارتدَّ بعد شقائه ببلاده


علماً عليها العامل المجهول


وغدا الذي للجاه كان مسخَّراً


يزن المرافق عادلاً ويكيل


يملي على المال الزكاة محتماً


أن لا يكون بدونها تمويل


أدرى بآلام الحياة من ابتلى


نكد الحياة تمضُّه وتهول


أولى بكرسيِّ العلا في قومه


من عاش يكفل قومه ويعول


أيعيش من أكتاف ألفٍ واحدٌ


قاسٍ على الألف الشقيِّ بخيل


طابت ممارسة البلاد لدهرها


من بعد ما غشِي البلاد خمول


وكأن مصر لأهل مصرَ مصيدةٌ


وكأن ربَّ البيت فيه نزيل


وتجشم الأحرار في أوطانهم


ما جشمتهم غربةٌ ورحيل


وصل التناجي بينهم من بعد ما


حالت بحار بينهم وسهول


للّه والعرش المقدس والحمى


هذا السلام وذلك التبجيل


ومن المواثيق المتينة بينهم


هذا العناق وذلك التقبيل


يا واحد الوادي وكل من اقتدى


بك صاحب لك في العلا وزميل


نجيت قومك والبلاد كما نجت


في عهد موسى أمس إسرائيل


وأتيت في الميعاد وهو مقدر


لهمُ فلا مهلٌ ولا تعجيل


رجعَى ومنقلبٌ إليك وحبذا


هذا المصيرُ الكافل المكفول


فضل المعيد الحصن وهو معالم


لك والمعيد الجيش وهو فلول


أنت المفضل عند مصر وأهلها


ولمصر عندك ذلك التفضيل


يا من تعرَّض للعدى ورماحُهم


ملء الفضاء وللسيوف صليل


حدثهمُ وأمورهم بيد الذي


هو صاحب لك طيب وخليل


في شرعة الوزراء من عمالهم


أمل لمصر وغير مصر جليل


لاقت وزارتك السعيدة مثلها


منهم وسار إلى الجميل جميل


فهما من الحسنى على وعدٍ لما


هو للقطيعة والجفاء مزيل


الصلح أولى للغريم وقد قضى


حكَمٌ وأشهاد عليه عدول


لك عنده الحق المبين وقد مضى


جبروته والتيه والتهويل


قاضيته فأقرَّ ثم وفى به


لك فاستراح غريمه الممطول


خيرٌ له العمل المنزَّه بعد ما


خلت الوعود السود والتضليل


ولقد يرى من مصر وهو معاهدٌ


ما لا يرى من مصر وهو دخيل


وُدَّ الأباةِ وإنه لمنزَّهٌ


ورضى الغضابِ وإنه لجزيل


لا تطمئِنَّ إلى الذي هو شارط


إلا وشرطك قبله مقبول


ومن التغالي أن نعدَّك نائلاً


منه ولست كما تنال تنيل


تصل المنافع بين أشتات الورى


ما لم تصله قرابة وأصول


هل يدَّعي استقلال مصر مرابط


في الشاطئين ودون مصرٍ ميل


النيل مخلوق لواديه فما


هو عنه منصرف ولا منقول


سودان مصر شقيق مصر ولم يكن


ليحول بين الأقربين عذول


حريةُ الوادي وماء حياته


حتمٌ عليك وغيرُ ذاك فضول


ومن اطمأن فمرحباً بيقينه


ومن استراب فما عليك سبيل


إن الذي أمنَ الطريقَ لمصر لا


يعنيه أنَّ طريق مصر طويل


إن الذي بدأ الجهاد لقومه


حتم عليه إلى المدى التكميل


والمسترد الحقَّ من سلَّابِهِ


باق يدافع دونه ويحول


أوزارة الوادي تؤول إليك أم


عبء عليك لأهله محمول


كلفت نفسك همَّ قومك بعد ما


أيقنت أنك وحدك المسئول


وقد استقر الحكم للأولى به


حراً وعاد إلى الأسود الغيل


هل يترك الميدان فارس قومه


قبل المدى والخصم فيه يجول


لا مستحيلَ على المُصِرِّ فكلُّ ما


صحَّت عليه عزيمةٌ مفعول


أيضن بالمال الحلال على بني


واديه من دمُه لهم مبذول


ويريد أن يُجزَى بما هو صانعٌ


بطل بهم عن نفسه مشغول


سبق الغزاة إلى الفتوح كبيرةً


بالرأي من هو للغزاة سليل


يا حاملَ القرآن تدعو بالذي


يدعو به التوراةُ والانجيل


أشريعةُ الحُلَفاءِ أهدى منهجاً


مما شرعتَ وسنَّ إسمعيل


للّه مصرٌ في الرياض تسابقت


جدواك في جنباتها والنيل


ما زلت توسع جانبيها عامراً


حتى تساوى عرضها والطول


صبَّحتها بوزارة هي جِدَّةٌ


لكيانها ولدهرها تعديل


ومضى قويماً من زمانك من قضى


زمنين يعثر تارة ويميل


الشعب حولك والوسائل حرّةٌ


والدهرُ سلمٌ والمراد ينيل


في كل مملكةٍ سفيرٌ كابرٌ


هو حجةٌ لك عندها ودليل


فخم يمثل شعبه وبلاده


فوق الشعوب وحبذا التمثيل


كانت تعلَّةَ وامقٍ فجعلتها


وهي العيان الصادق المعقول


إن لم يكن للتاجِ شعبك مخلصاً


فبأي حقٍّ يهتدي ويصول


بالعدل والإحسان تدرك غاية


لا الجيش يدركها ولا الأسطول


يا مالك الوادي وأنت ضمانه


وعلى رضاك ورأيك التعويل


جاهدتُ فيه طيِّب العقبى وبي


مما أجاهدُ رقةٌ ونحول


ورجعت باستقلاله مترنماً


وعليَّ منه التاج والإكليل
شارك المقالة:
252 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook