قصيدة عادت بعودك آمالي وأحلامي الشاعر احمد الكاشف

الكاتب: رامي -
قصيدة عادت بعودك آمالي وأحلامي الشاعر احمد الكاشف
عادت بعودك آمالي وأحلامي


وهاج قربك تذكاري وتهيامي


وقمت أستنجز الأيام موعدها


مستشفياً من تباريح وآلامي


فما هممت بما أرجوه مجتهداً


حتى شعرت بنار تحت أقدامي


وصائح بيَ لا ترجُ الخلاصَ فقد


سُدَّ السبيل إليه منذ أعوام


وما قضى اللّه إلا بالذي عجزت


عن حمله مصر من خوف وأوهام


إذ هد أركانها تيار غالبها


وقد يهد الرواسي الزاخر الطامي


فما بها غير أنفاس ترددها


ومعشر مستكين غير مقدام


راضٍ بما اعتاد من ذل ومتربة


وهول عادية بل جور أحكام


فما تذكَّرَ يوماً أن موطنه


باتت تمزقه أنياب ضرغام


يعرِّض النفس للباغي بلا عُدَدٍ


حتى يصاب فيشكو قسوة الرامي


يا قادماً وعيون الخلق ترمقه


أقم على الرحب يا ذا المطمح السامي


تأمَّل اليوم ما يبدو لعينك من


وجوه حزبين أعوانٍ ولوّام


فمن رأى خطأ مسعاك بات وفي


فؤاده منك غيظ محرق حام


فما تلقّاك إلا غاضباً حنقاً


كأنما أنت جان شر آثام


ومن رآك مصيباً قام محتفلاً


مكبراً لك يُبدي كل إكرام


يظن أنك لا تنفك ذا أمل


في خوض معمعة أو نشر أعلام


وأن تعود إلى ماضي نفوذك في ال


وادي وتصبح ذا نقض وإبرام


كأنما هو ناس ما دهاك بما


ردتك أهواله ذا مخلب دام


ممزق الشمل مقهور الإرادة مك


سور الجناحين في بؤس وإعدام


تعدو أمام سراياك التي امتلأت


رعباً فلم تر منها غير إحجام


يا ثائراً رام إصلاح البلاد بما


أقام من فتن فيها وإفسادِ


وغره نفر أبدوا مآربهم


في دفع كل مغير جائر عاد


فصاح في الناس يدعوهم ويجبرهم


على الجهاد إلى أن أزعج الوادي


وقام بالأمر لم يحكم وسائله


ولا استعان بتدبير وإرشاد


وسار يحسب أن الفوز متصل


لجنده باتصال الماء والزاد


وما درى أن أقوى الطامحين إلى


غصب البلاد له باتوا بمرصاد


وكان ما كان مما ليس يجهله


لا حاضر يقظ الذكرى ولا باد


وقائع شاب منها الدهر وامتلأت


رعباً بها الأرض من غور وأنجاد


لو يعلم القوم عقباها وغايتها


ما هُنِّئَت قبلها أم بأولاد


ما أنس لا أنس يوم ارتدَّ فيلقهم


عن الحصون ارتداد الهائم الصادي


مغادرين جموعاً عند غالبهم


مستسلمين بأرواح وأجساد


فما مضى يومهم إلا وقادتهم


مُثَقَّلون بأغلال وأصفاد


وتم للإنكيز النصر واتخدوا


منهم لهم خير أنصار وروّاد


واعتاد حزبُك ضيمَ المعتدي فغدا


لشر ما كنت تخشى شرَّ معتاد


وانقاد مؤتمراً بالأمر منتهياً


بالنهيِ والخوفُ فيه رائح غاد


قد كنت تخشى على الأوطان حين ترى


من الأجانب فيها بعضَ أفراد


واليوم ضاقت بحشد كالرمال فلا


يحصيه في ألف عام ألفُ عدّاد


يموج كالبحر ضمتنا غواربُهُ


فأغرقتنا بإرغاء وإزباد


بتنا أسارى خطوب لا مفر لنا


من أسرها وعدمنا المنقذ الفادي


إذا بكينا ليشفى الدمعُ غلَّتَنا


هاج الأعادي بإنذار وإيعاد


فنحبس الدمع بل نبدي الخضوع لهم


وفي الجوانح نخفي نار أحقاد


هذي معيشة قوم رمتَ رفعتهم


يوماً فأسقطتَهم من طرف منطاد


فلا يغرك من مصر زخارفُها


وما بها من بساتين وعمران


فإنما هو ثوب ساتر بدناً


أذابه طول أدواء وأحزان


ولا يسرك ما قلناه من ظفر


وما فتحناه من نوب وسودان


فلا نصيب لنا منه نعيش به


وإنما نحن في يأس وحرمان


باتت بلادك فيما لا تطيب به


نفسٌ لحر ولا تلتذ عينان


لو نستطيع انطلاقاً من مضائقها


خلت معالمها من كل عثماني


ماذا الحنين إليها وهي غاضبة


تأبى لقاءَك من هجر وسلوان


عساك رمت بهذا أن تشارك في


حمل النوائب قلب المعشر العاني


لولاك ما سلب الأعداء نعمته


ولا تحكِّمَ فيه كلُّ خوان


وكان للقطر عن هذا الشقاء غنى


لو كنت أخلصتَ في سر وإعلان


ما كان أهدأنا بالاً وأحسننا


حالاً وأبعدنا عن كل عدوان


إذ الحكومة عدلٌ في يدي ملكٍ


صافي السريرة ذي رفق وإيمان


نمسي ونصبح في حرية ولنا


على صروف الليالي كل سلطان


والنيل مطَّرِدٌ عذبٌ نتيه به


على الفرات وسيحان وجيحان


والشمل مجتمع والبشر ملتمع


والعيش ما بين ميدان وبستان


قد كدر الدهر بعد الصفو مورده


فالكل ما بين ظمآن وغصّان


بفتنة ما جنينا من عواقبها


إلا أشد عقابٍ يزجر الجاني


فيا بواقي العرابيِّين ليس لكم


أن ترجعوا ما تقضَّى منذ أزمان


ولا تردّوا قضاءً ناب موطنكم


بما تقدم من بغي وطغيان


إذ خيب اللّه ما كانت نفوسكم


تخفي وتعلن من ظن وحسبان


كفاكمُ ما لقيتم بعد ثورتكم


من التشتُّت عن أهل وأوطان


فاستغفروا ربكم منها لعلكمُ


تحظون منه بغفران ورضوان


ويا بلاديَ مالي كلما نظرت


عيناي ما فيك من جند وأعوان


وسطوةٍ للدخيل المعتدي اضطربت


روحي وقرَّح سكبُ الدمع أجفاني


وا حُرَّ شوقي إلى يوم أراك به


في مأمن منه بل وا طولَ تحناني


فلا نطيع سوى عبد الحميد ولا


نرضى أميراً سوى عباسك الثاني


هناك أهتف بالأشعار منتعشاً


مهنِّئاً أطرب الدنيا بألحاني


يا مصر دام لك النيل الوفيُّ ولا


أقلَّني فيك غصن غير ريان
شارك المقالة:
171 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook