قصيدة على الشاطىءِ المصريّ ضلّ فتى الشامِ الشاعر أبو الفضل الوليد

الكاتب: رامي -
 قصيدة على الشاطىءِ المصريّ ضلّ فتى الشامِ الشاعر أبو الفضل الوليد
على الشاطىءِ المصريّ ضلّ فتى الشامِ


يُقلّبُ كفَّيهِ على قلبهِ الدامي


تصبّاهُ حُسنُ الشامِ بعد فراقِها


فحنَّ إِلى ذيّالكَ الحسنِ في الشامِ


لقد بعدت عنهُ فظلّت قريبة


من القلبِ إن القلبَ عشّاقُ أوهام


فما هو إِلا واحدٌ في غَرامها


ولكنّه في النأي عشرةُ أقسام


أحِبَّتنا في سَفحِ لبنانَ إنكم


حضرتم بأرواحٍ وغبتم بأجسام


وما زالَ قلبي دامياً لوداعنا


عشيةَ لاقى دمعُكم دمعيَ الهامي


تقاذفتِ الأمواجُ بي وتلاطمت


وألقى عليها الليلُ بردةَ أظلام


فلم أك مثلَ الرّكبِ يوماً صريعَها


ولكنّني ثبَّتُ عَزمي بإقدامي


وقلتُ لها لا بدَّ أن تحملي فَتى


يضمُّ بقايا المجدِ في صدرِ همّام


فإما وراءَ البحرِ مجدٌ مؤثَّلٌ


وإما لدَى العلياءِ خرّةٌ ضرغام


فما شِئتُ من نوحٍ ومن زبدٍ ومن


هديرٍ فلن ترضى المروءةُ إحجامي


جُمانة لا تبكي فعيناكِ منهما


حياةُ فَتى ناءٍ فرفقاً بمسقام


تغنّي بشعري عندَ زهرٍ غرستُهُ


وحلّي عليهِ شعرَك الأشقرَ النامي


فشعرُك من زَهري بأطيبِ نفحةِ


وروحُك من شعري بأعذب أحلام


تهونُ على مثلي المصائبُ والرّدى


إذا عاشَ أهلوه بعزٍّ وإنعام


رضيت بترويضِ الأسودِ وإنني


لآبى إباءَ الحرِّ ترويعَ آرام


وها أنا بينَ المجدِ والحبِّ حائرٌ


فهذا دَعا خلفي وذلك قدّامي


يحدّثُني قلبي الألوفُ بعودةٍ


ويردعني صبري الجميلُ وأشمامي


أيا من بهم ما بي تعالوا نعِش معاً


فنَعقُدَ في الأحزانِ شركة آلام


على الشوكِ نمشي صابرينَ وغيرُنا


نيامٌ على الأزهارِ في ظلِّ مِنعام


فباتوا يعاطون القيانَ مُدامةً


وبتنا نُراعي أنجماً فوقَ آكام


بأمثالِنا الدّنيا تضيقُ وصدرُها


رحيبٌ لأشرارِ وأصحابِ آثام


فنحن كدودِ القزِّ نبني قُبورنا


لنُحيي الألى ماتوا عبيداً لظُلّام


ونرضى بطيبِ الذكرِ في ظلمةِ الثرى


وأنّى يُرجَّى الذِكرُ من شعبِ نوّام


بُلينا بقلبٍ شاعرٍ متألمٍ


قنوعٍ بأوهامٍ طروبٍ لأنغام


وما السّعدُ في إنشادِ شعرٍ ونظمِه


ولكنَّهُ في جمعِ مالٍ وأرقام


إذا ما رمى القنّاصُ نسراً مُدوِّماً


أودُّ لقلبي نبلةً من يد الرامي


على مُهجتي أمشى أنا السّائحُ الذي


له في بقايا الدّهرِ آثارُ إلمام


فأنفاسُه حرّى عليها ونفسُهُ


تعوّدتِ التّحليقَ في جوّ إلهام


وعبرتُه بين الجفونِ عزيزةٌ


يضنُّ بها إلا على موقفٍ سام


قَضى واجباً في بعلبكَّ وتدمرٍ


وجاء ليبكي المجدَ في ظلِّ أهرام


عليكَ سلامُ الله يا نيلُ فانتعش


بأطيبِ أزهارٍ وألطفِ أنسامِ


من الشامِ في طيّاتِ بُردي حملتُها


إليكَ وفي قلبٍ على الحسنِ حوّام


كأن على ضفّاتكَ الخضرِ هاتفاً


يقولُ بنو الأبطالِ ذلّوا كأيتام


أما حان أن يصحو السكارى وقد غدوا


أسارى حَيارى جامدينَ كأصنام


بني مصرَ ما هذا التّقاطعُ بينكم


بُليتم بداءٍ للمفاصلِ قصّام


تراضوا وصيروا أمةً ذات قدرةٍ


وجدّوا بأعمالٍ وعزّوا بأعلام


على العربِ تنصيبُ التماثيلِ والدّمى


لأصحابِ أسيافٍ وأصحابِ أقلام


وتسميةُ الأسواقِ في كلّ بلدةٍ


بأسماء أبطالٍ وأسماءِ علّام


فيبقوا مثالاً للبنينَ وقدوةً


ويحيوا عِظاماً هنّ أهلٌ لإعظام


عظامُ رجالٍ يملأ الأرضَ مجدُهم


وذلك مجدٌ قد بنوهُ على الهام


أمريمُ بالحبّ المسيحيِّ عانقي


خديجةَ كي ننسى عداوةَ أعوام


وقولي لها والخدُّ بالخدِّ لاصقٌ


تخاصمَ إخواني وأبناءُ أعمامي


تعالي أمامَ الناسِ نذرفُ دمعنا


مدامعَ صدقٍ لا مدامعَ إيهام


عسى دمعنا الصافي يُلينُ قلوبَهم


ويطفئُ ناراً أُضرِمت أيَّ إِضرام


فتنبتُ أزهارٌ تغطي قبورَهم


وأحقادَهم في ظلّ أعدلِ أحكام
شارك المقالة:
38 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook