قصيدة فتاة من الأعراب هيفاء معصر الشاعر إبراهيم منيب الباجه جي

الكاتب: رامي -
قصيدة فتاة من الأعراب هيفاء معصر الشاعر إبراهيم منيب الباجه جي
فتاة من الأعراب هيفاء معصر


يقال لها في سالف الدهر منور


من الخفرات البيض بكريزينها


حياء به من نفسها تتخفر


لها من عيون السحر عينان لم تزل


بسحرهما حتى السواحر تسحر


موردة الخدين مسكية الشذا


مهفهفة الاعطاف كالغصن تخطر


يكلل منها الرأس شعر مذهب


يحاكي شعاع الشمس ساعة تسفر


يرى وجهها الرائي فيمكث شاخصا


إليها بعين غيرها ليس تبصر


فإن طر صبح فهي كالشمس تزدهي


وإن جن ليل فهي كالبدر تبدر


لقد نشأت في قصر عز وحشمة


له السعد والاقبال يبني ويعمر


يرد على أعقابه الدهر ان سعى


ليهدم من ذاك البناء ويدحر


يحاميه من صرف الزمان أب لها


خبير بأحوال الزمان مدبر


حكيم ترى منه البصيرة ما اختفى


عن الناس فهو الحازم المتحذر


نبيل جليل فاق أهل زمانه


بطيب المساعي واسمه الشهم أنور


يجاهد في كل النهار ادامة


لما أنعم المولى عليه ويشكر


أجل أمانيه سعادة منور


وام لها تدعى سليمى وتذكر


فأكرم بها أكرم بها من شفيقة


إذا منور غابت فما هي تصبر


تخاف عليها حيث لم يك عندها


وليد سواها حولها يتبختر


تنادمها طول النهار وإن أتى


أبوها وجاء الليل فالكل يسمر


قضوا زمنا في طيب عيش ونعمة


على رغم أنف الدهر والدهر يشزر


وفي ذات يوم بينما كنت جالسا


على جدث بال وفيه أفكر


رأيت رجالا يحملون جنازة


ومن حلوها تهمى العيون وتقطر


فقلت من المحمول قالوا عميدنا


أبو منور من كان بالخير يأمر


أتى نحوه ليلا من الغرب ظالم


شرير وفي يمناه للفتك خنجر


يريد به بالجبر يخطف منورا


ويرجع نحو الغرب من حين يظفر


فصادف في تفتيشه القصر أنورا


فأرداه إذ في وجهه قام يزأر


وفر ونحن الآن جئنا بأنور


لنقبره والمرأ ان مات يقبر


فشب لهيب في الحشا من مقالهم


ورحت ومني الدمع كالسيل يحدر


وما أسفي حقا على موت انور


فأني على من مات لا اتكدر


لاني أرى عود الحياة وإن زها


بأوراقه يوما سيذوي ويكسر


وفي القبر للإنسان ضجعة راحة


وطيب رقاد بعده ليس يسهر


ولكنما حزني لحالة منور


عزيزته إذ بعده سوف تقهر


صعدت على سطح لداري شاهق


بإحدى الليالي والكواكب تزهر


لأنظر نجما قد فتنت بحسنه


يغيب دلالا في السماء ويظهر


إذاً بنشيج جاء من قصر منور


يكاد له قلب الصفا ويتفطر


تعاتب دهرا حيث كدر عيشها


وكانت تظن العيش لا يتكدر


تقول له يا دهر قد جئت منكرا


وهل كل فعل هكذا منك منكر


فما كان لو اخرت يا دهر نكبتي


إلى أن يقاوي الضيم جسمي ويكبر


بغدوك قد أطفأت مصباح قصرنا


فقل لي بمن من بعده نتنور


ومن ذا يزين القصر من بعد أنور


ومن ذا لكسر في الأضالع يجبر


ومن ذا يحامي دارنا بعده إذا


أتاها بليل ذور الشرور وينصر


فمالي نعم مالي سوى القبر ملجأ


يصون عن الأوغاد عرضي ويستر


فقلت لها لا تجزعي وتصبري


فإن الذي أشجاك شيء مقدر


وما ذر قرن الشمس من ليلنا الذي


مضى ذاهبا الا وبابي ينقر


فقمت مروعا نحوه متسرعا


أسائل من هذا الطروق المبكر


فجاوبني من ظاهر الباب قائل


هلم إلى تشييع بنت ستقبر


فقلت له من ذا قضى اليوم نحبه


فقال قضت في آخر الليل منور


رمت نفسها من قنة القصر فارتدت


لأن فراش القصر يا صاح مرمر


لقد كرهت أن تنظر الدهر عينها


ووجه أبيها في التراب معفر


مشينا ونعش البنت إذ ذاك بيننا


نحف به مثل العروس موقر


يكلله ثوب من الخز أخضر


يطرزه نقش من الدمع أحمر


وخلف رفيع النعش تهرع أمها


وتلقى أزاهيرا عليه وتنثر


تصعد من فرط الأسى زفراتها


وتخمش خدا ليس بالخمش يشعر


وتصرخ وابنتاه يا غاية المنى


بمن بعد ذا أسلو بمن اتصبر


تقوم أمام النعش توقف سيره


فتمنعنا عن نقله وتؤخر


إلى أن أتينا بعد بضع دقائق


إلى بئر ماء حولها القبر يحفر


فألقت بها الأم الحزينة نفسها


وفي قلبها نار الكآبة تسعر


وقد قبروا جنبا لجنب ثلاثة


بهم كان وجه القصر يزهو ويبشر


فقلت لذاك القصر والقصر أغبر


الا كل إقبال كذلك يدبر
شارك المقالة:
181 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook