كؤوسنا والطوافون

الكاتب: المدير -
كؤوسنا والطوافون
"كؤوسنا والطوافون

 

قال حكيم لابنه: إذا ملأتَ عقلك بصغائر الأمور، فلن يبقى فيه مكانٌ لكبارِها؛ فالعقل كالحقل، إن لم تتعاهده بالنباتات الجيدة، نَمَت فيه الحشائشُ الضارة.

العقل كأسٌ يأبَى إلا أن يُملأ، فإن دَفَقْت عليه صافي العلومِ ونبيلَ الفِكَر، فاض على قلبك وجوارحك بالفضائل، وإن أهملتَه مُلئ بعَكِر الأفكار وآجِنها؛ فوثب عليك وَثْبَ الصائل.

 

طوَّافون لِعَبِّ الكؤوس:

يطوِّفُ علينا في كلِّ صباحٍ وعَشِيٍّ مَن يسكب في كؤوسنا ما يريد وباختيارنا، يطوِّف علينا عالمٌ بعلمه، وأديب بأدبه، وقارئٌ ينثر درَّ كتبه ومقروءاته، كما يطوِّف علينا السُّرَّاق سرَّاق النفائس - أعني سُرَّاق الأوقات والقناعة والأخلاق - وهؤلاء الطوَّافون السراقون: فارغ بفراغه، وتافهٌ بتفاهاته، وسخيف بسخافاته وتُرَّهاته، ومُفاخِرٌ بأمواله ومدَّخراته، وهم جميعًا يجتمعون في سرقة وقتٍ أو قناعة أو خُلقٍ، ويفتَرِقون في طرقهم.

 

من يفتح للطوَّافين الباب؟

يفتح لأولئك الطوافين طيِّبهم وردِيئِهم، وشريفهم ودنيئهم؛ لملءِ الكأس - أنا وأنت، بل ونمنحهم بكرم وسخاء من نفيسِ أوقاتنا حين نأذَنُ لهم أن يطرقوا مسامعنا، ويملؤوا أبصارنا، فيتركوا أثرهم علينا، شعرنا بذلك أم لا.

 

نستضيفهم في وسائل التواصل الاجتماعي، في مجالس قوائمنا، ونضع كؤوسنا بين أيديهم على راحتين، وفي ساعة وساعتين؛ ليملؤوها بما شاؤوا! وكيف شاؤوا!

من البيئةِ الأخلاقُ تُنْشأُ في الفتى ??? فَـتِلكَ بهِ في كلِّ يومٍ تُؤثِّرُ




كيف نُصفِّي الكأس من الشوائب؟

نُصفِّي الكأس من الشوائب بتصفية الطوَّافين، فكم من طارقٍ سارق! وكم من طوَّاف جرَّاف! يجرف المرءَ من دينه وقِيَمه ومبادئه وأخلاقه، ويُلقِيه في لُجَّة الفتن ورديء الأخلاق.

 

فلا تفتح إذًا، لا تفتح لهم الباب، أَبْقِهِ مُوصدًا، مجلس قائمتك التي تتابعُها وتُشرِّفها بوقتك الثمين اجعَلْه يَضُوعُ مِسكًا وطِيبًا، املَأْه من طوَّافي الفضيلة والعلم والفائدة وكريم الأخلاق، وبزُلال فوائدهم املَأْ كأسك؛ لترى أثر ذلك الطِّيب عليك!

تنزَّهْ عن مجالسةِ اللِّئامِ  ??? وَأَلْمِمْ بِالكِرامِ بَنِي الكِرامِ




ما لك ولطوَّافٍ ينشر زبلَ الألفاظ والأفكار وزائغها؟!

قومٌ إذا جَـالَسْتَهم ??? صَدِئَتْ بِقُرْبِهِمُ العقولُ!




أو مُفاخرٍ مُباهٍ بماله، ينازعك قناعتك بما لديك، تمد عينَيْك إلى ما عنده، ثم تنظر بعين النقيصة لِما في يدك؟!

انفُضْ يدَيْك منهم، واترَعْ كأسَك بما يُرضي الباري، ويسمو بك إلى المعالي.

 

اللهم وفِّقنا لاغتنام الأوقات، واعمُرْ ألسنتَنا بالباقيات الصالحات

واجعلنا مفاتيحَ للخير مغاليقَ للشر

مُبارَكين أينما كنا


"
شارك المقالة:
27 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook