كتبة الوحي

الكاتب: مروى قويدر -
كتبة الوحي

كتبة الوحي.

 

 

حفظ القرآن في عهد النبوة

 

أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم؛ ليختم به الرسالات السماويّة، وليبقى كتاب الهدى والحقّ المهيمن، ولذلك تكفّل الله -تعالى- بحفظه، حيث قال: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، فكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يتلقّى القرآن الكريم من الوحي، ثمّ يدارسه جبريل عليه السلام، ويراجع حفظه، ثمّ يُكتب ما نزل منه، كما قال زيد بن ثابت رضي الله عنه: (كنت أكتب الوحي لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته برحاء شديدةٌ، وعرق عرقاً شديداً، مثل الجمان، ثمّ سُري عنه فكنت أدخل عليه بقطعة الكتف، أو كسرةٍ، فأكتب وهو يملي عليّ، فما أفرغ حتى تكاد رجلي تنكسر من ثقل القرآن، حتى أقول لا أمشي على رجلي أبداً، فإذا فرغت قال اقرأ، فأقرأه، فإن كان فيه سقطٌ أقامه، ثمّ أخرج به إلى الناس)، بالإضافة إلى أنّ الكتابة في ذلك الوقت كانت محصورةً بالقرآن الكريم، فقد قال رسول الله عليه السلام: (لا تكتبوا عني شيئاً إلّا القرآنَ، فمن كتب عني غيرَ القرآنِ فلْيمحْه).

 

كتّاب الوحي

 

ذكرت كتب التاريخ العديد من الصحابة الذين كانوا يكتبون الوحي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكرت منهم: الخلفاء الراشدين الأربعة؛ أبو بكر الصّديق، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم، ومنهم أيضاً:

  • أبي بن كعب بن قيس عُبيد الخزرجيّ: أبي بن كعب -رضي الله عنه- صحابي من الأنصار، كان يُكنّى بأبي المنذر، وأبي الطفيل، وسيّد القرّاء، وهو أوّل من كتب الوحي بين يدي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وقد ورد ذكر أبي بن كعب في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال لأبيّ بنِ كعب رضي الله عنه: (إنَّ اللهَ أمرني أن أقرأَ عليكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوْا، قال: وسمَّاني لكَ؟ قال: نعم، قال فبكى).
  • أبان بن سعيد بن العاص: يرجع نسب أبان بن سعيد -رضي الله عنه- إلى بني أميّة، وهو أخ عمرو بن سعيد الأشدق، الذي قتله عبد الملك بن مروان، وقد أسلم بعد الحديبية، فهو الذي أجار عثمان بن عفان -رضي الله عنه- عندما بعثه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى مكّة المكرّمة يوم الحديبية، وقيل إنّه أسلم قبل ذلك، وبالتحديد أيّام فتح خيبر، ويرجع سبب إسلامه إلى أنّه التقى براهبٍ خلال رحلته إلى الشام، فذكر للراهب أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال الراهب: (ما اسمه)، فقال أبان: (محمد)، فقال الراهب: (أنا أوصفه لك إن شئت)، ثمّ وصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وصفاً دقيقاً، وقال لأبان: (إن عدت إلى أهلك فأقرنه السلام)، وأمّا وفاة أبان بن سعيد -رضي الله عنه- فقد اختُلف فيها، فقيل إنّه استشهد في جمادى الأولى، سنة اثنتي عشرة، في معركة أجنادين، وقيل استشهد سنة أربع عشرة، يوم مرج الصفر، وقال محمد بن إسحاق إنّ أبان قُتل مع أخيه عمرو، سنة خمس عشرة للهجرة، في معركة اليرموك.
  • أرقم بن أبي الأرقم: هو عبد مناف بن أسد بن جندب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان من أوائل الصحابة إسلاماً، وكان بيته مكاناً لاجتماع الصحابة -رضي الله عنهم- في مكّة المكرّمة، ثمّ هاجر إلى المدينة المنورة، وآخى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بينه وبين عبد الله بن أنيس رضي الله عنه، وشهد بدراً، وما بعدها، وتوفّي في السنة الخامسة والخمسين للهجرة، وقيل إنّه توفّي في السنة الثالثة والخمسين للهجرة.
  • ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي: هو صحابيّ من الأنصار، كان يُكنّى بأبي عبد الرحمن، ومن الجدير بالذكر أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أثنى عليه، حيث قال: (نعمَ الرجلُ أبو بكرٍ، نعمَ الرجلُ عمرُ، نعمَ الرجلُ أبو عُبَيدَةَ بنُ الجرَّاحِ، نعمَ الرجلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، نعمَ الرجلُ ثابِتُ ابنُ قيسِ بنِ شمَّاسٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ جبلٍ، نعمَ الرجلُ معاذُ بنُ عمرِو ابنِ الجَمُوحِ، نعمَ الرجلُ سهيلُ ابنُ بيضاءَ)، بالإضافة إلى أنّه كان خطيب الأنصار، وخطيب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد قُتل ثابت -رضي الله عنه- شهيداً في معركة اليمامة، في عهد أبي بكر الصّديق.
  • حنظلة بن الربيع: واسمه حنظلة بن الربيع بن صيفي بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، كان يكتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ بعثه رسول الله إلى الطائف في الصُلح، وجاهد في سبيل الله في حروب العراق مع خالد بن الوليد رضي الله عنه، وعاش إلى زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان حيّاً في زمن الفتن؛ لكنّه اعتزلها، فلم يشهد القتال في معركة الجمل.

 

زيد بن ثابت

 

هو أحد أشهر كتّاب الوحي رضي الله عنهم، وهو صحابيّ من الأنصار، كان يبلغ من العمر أحد عشرة عاماً عندما قدم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة، وعلى الرغم من صِغَر سنّه في ذلك الوقت؛ إلّا أنّه كان صاحب فضلٍ عظيمٍ، وكان شديد الذكاء، سريع البديهة، قوي الحفظ، إذ إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أمره بأن يتعلّم لغة اليهود في المدينة المنورة، فتعلّم اللغة العبريّة خلال خمسة عشر يوماً، وكان كاتباً للوحي في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ثمّ كلّفه أبو بكر الصّديق بجمع القرآن الكريم في خلافته، حيث قال له: (إنّك شابٌ عاقلٌ، لا نتّهمك)، فقام بذلك، وكان زيد -رضي الله عنه- يقول: (والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون عليّ ممّا أمروني به من جمع القرآن)، ثمّ استعان به عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في خلافته؛ لتوحيد المصحف، وتوفّي زيد في العام الخامس والأربعين للهجرة.

شارك المقالة:
87 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook