يُعرف كسل الغدة الدرقية أو قصور الغدّة الدرقية أو خمول الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism) بأنّه أحد اضطرابات الغدة الدرقية المُتمثلة بإنتاج الغدة الدرقية لكمياتٍ غير كافيةٍ من هرموناتها، وهو من أكثر اضطربات الغدة الدرقية شيوعاً بين الأطفال، ومن الجدير بالذكر أن الطفل المُصاب بقصور الغدّة الدرقية يُظهر أعراضاً تختلف عن تلك المُصاحبة لقصور الدرقية لدى البالغين، ومن المهم التنويه إلى ضرورة علاج الأطفال المصابين بهذه الحالة مبكرًا وخاصة حديثي الولادة؛ لأنّ العلاج المُبكّر يساهم في نمو وتطور الطفل على الوجه الصحيح،إذ يجدر التنويه أنّ هرمونات الغدّة الدرقية تؤثر في كلّ خليةٍ من خلايا الجسم تقريباً، وإنّ عدم إفراز الكمية اللازمة منه تؤدي إلى تباطؤ العديد من العمليات الحيوية في الجسم؛ كالنمو الجسدي والتطوّر العقلي، وكذلك فإنّ العظام والأعصاب لا تتطور على النحو الصحيح، وفي الحقيقة قد يُولد الطفل مصاباً بقصور الغدة الدرقية وقد يكتسبه لاحقاً خلال مرحلةٍ ما من طفولته، وحتى يتمكّن الطفل المُصاب بقصور الغدة الدرقية من النمو بشكلٍ طبيعي ومنعاً لمعاناته من أيّ صعوباتٍ في التعلّم فإنّه من الضروري إعطاؤه جرعاتٍ مناسبةٍ من هرمونات الدرقية البديلة (بالإنجليزية: Thyroid hormone replacement)، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ قصور الغدة الدرقية لدى الطفل قد يكون طفيفاً وموقتاً في بعض الأحيان، ولكن غالباً ما يلزم الاستمرار بتناول الأدوية مدى الحياة، وينبغي توضيح أنّ قصور الغدة الدرقية لدى الأطفال يرتبط غالباً إمّا بطريقة عمل الغدّة الدرقية، وإمّا بوجود خللٍ يمنعها من إفراز هرموناتها.
ولمعرفة المزيد عن الغدة الدرقية يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هي الغدة الدرقية).
كما ذكرنا سابقاً فإنّ قصور الغدة الدرقية قد يكون خلقياً وقد يكون مُكتسباً، ويُعزى كلُ نوعٍ منها إلى عدة أسباب يُمكن بيانها على النحو الآتي:
تشمل أسباب قصور الدرقية الخلقي ما يأتي:
يُعدّ التهاب الدرقية المناعي الذاتي (بالإنجليزية: Autoimmune Thyroiditis)، أو ما يُعرف التهاب الدرقية لهاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto's Thyroiditis)، السبب الأكثر شيوعاً لقصور الدرقية المُكتسب، والذي عادةً ما يظهر في أواخر مرحلة الطفولة والمراهقة، ويندرج التهاب الدرقية لهاشيموتو ضمن أمراض المناعة الذاتية (بالإنجليزية: Autoimmune Diseases) التي يُهاجم فيها الجهاز المناعي خلايا الجسم عن طريق الخطأ؛ حيث يُهاجم جهاز المناعة في هذه الحالة خلايا الغدة الدرقية مما يؤدي إلى التهابها، ومع مرور الوقت فإنّ الالتهاب يؤدي إلى تدمير الغدة بالكامل؛ وبالتالي تنخفض مستوى هرموناتها بشكلٍ تدريجي، وفي الحقيقة، يُمكن لالتهاب الدرقية لهاشيموتو أن ينتشر بين أفراد العائلة الواحدة، وأمّا بالنسبة للأسباب الأقل شيوعاً لكسل الدرقية المكتسب عند الأطفال فنذكر ما يأتي:
في الحقيقة، أنّ أعراض قصور الغدة الدرقية لا تظهر على الطفل المُصاب في الغالب، لذلك يجب فحص كافة حديثي الولادة للتأكد من عدم إصابتهم بقصور الغدة الدرقية، ولكن بشكلٍ عام إذا ظهرت الأعراض فقد تختلف من طفلٍ لآخر، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الأعراض الناجمة عن قصور الغدة الدرقية في الأطفال تختلف عنها في البالغين، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز أعراض قصور الغدة الدرقية لدى حديثي الولادة والأطفال:
إنّ جميع الأطفال حديثي الولادة يخضعون لفحوصاتٍ روتينية للغدة الدرقية عند ولادتهم، وبشكلٍ عام، فإنّه توجد العديد من الفحوصات المُستخدمة لتشخيص قصور الغدة الدرقية لدى الأطفال، نذكر منها ما يأتي:
تتطلب معظم حالات قصور الدرقية الخلقي تعويض هرمون الدرقية من خلال العلاج بالهرمون الدرقي الصناعي مدى الحياة، ولكن في حال كان مستوى الهرمون المحفّز للدرقية أقل من مستوى مُعين فقد تُعتبر حالة قصور الدرقية مؤقتة وفي هذه الحالة يصف الطبيب الهرمون الدرقي الصناعي المعروف بالليفوثايروكسين (بالإنجليزية: Levothyroxine) للطفل ويحاول إيقافه بعد عمر 3 سنوات، بحيث لا يؤثر إيقاف الدواء سلباً في نمو الجهاز العصبي المركزي، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ ارتفاع مستويات الهرمون المحفّز للدرقية وانخفاض مستويات هرمون الدرقية مُباشرةً بعد إيقاف الدواء يجعل من قصور الغدة الدرقية مرضاً خلقياً دائماً، وهنا يُعاود الطبيب وصف هرمون الثروكسين للطفل للبدء بتناوله مجدداً، وفي الحقيقة لا يختلف مبدأ علاج قصور الدرقية المُكتسب كثيراً عنه في الخلقي، ولكن يتم تحديد الجرعة المُناسبة من الدواء كما يُقررها الطبيب المُعالج حسب عمر الطفل ووزنه، ويُمكن القول إنّه سواء كان قصور الدرقية خلقيّاً أم مُكتسباً، فإنّه تجب مُعايرة جرعات الأدوية المأخوذة لضمان بقاء مستويات هرمون الدرقية والهرمون المحفّز للدرقية ضمن الحدود الطبيعية حسب عمر الطفل.
قد يصف الطبيب للطفل المُصاب بقصور الدرقية إما حبوب وإما محلول الليفوثايروكسين، وأمّا بالنسبة لحبوب الليفوثايروكسين فيُمكن تحويلها إلى الشكل السائل بطحنها وإضافة كمية مناسبةٍ من الماء أو الحليب الطبيعي أو الصناعي بحسب تعليمات الطبيب، وأمّا بالنسبة لمحلول الليفوثايروكسين فيتوفر بثلاثة تراكيز مُختلفة، لذلك من الضروري أن يتأكد الأهل من الجرعة المطلوبة مع الصيدلاني قبل شراء العلبة، ولأنّ المحلول لزجٌ نوعاً ما فقد ينصح الطبيب بمزجه مع كميةٍ مُحددةٍ من الحليب، ويُمكن أن يبدأ الطفل بتناول الحبوب كما هي مع كوبٍ من الماء بمجرد أن يُصبح قادراً على بلعها مع الماء، ولا بُدّ من التنويه إلى أنّ الليفوثايروكسين يُؤخذ صباحاً على معدةٍ فارغة قبل 30-60 دقيقةً من تناول وجبة الفطور؛ ويجدر التنويه إلى أنّ بعض الأدوية والأطعمة اليومية التي قد يتناولها الطفل تؤثر في امتصاص الجسم لليفوثايروكسين، ولذلك يجب طلب النصيحة من الطبيب حيال ذلك، ومن ضمنها: بروتين الصويا (بالإنجليزية: Soy Protein)، والكالسيوم المركّز، والحديد المُركّز، ومنحيات حامض الصفراء (بالإنجليزية: Bile acid sequestrant)، ومثبّطات مضخّة البروتون (بالإنجليزية: ،Proton Pump Inhibitor) كما تجدر الإشارة إلى ضرورة الحرص على المتابعة مع الطبيب بانتظام وإجراء فحوصاتٍ دوريّة؛ لضمان بقاء مستويات هرمونات الغدة الدرقية ضمن المعدلات الطبيعية، فزيادة مستوى هرمون الدرقية عن المعدلات الطبيعية قد تتسبب بظهور أعراض فرط نشاط الدرقية مثل:الإسهال، والشعور بالتعب، والتيهج، وعدم القدرة على اكتساب الوزن، وبينما نقص وعدم كفاية جرعة الليفوثايروكسين عن حاجة جسم الطفل قد تتسبّب بظهور بعض الأعراض، كالإمساك، وبردوة الأطراف، والشعور بالإعياء، واكتساب الوزن بسرعة تفوق الحد الطبيعيّ، وبطء النموّ.
يُقاس مستوى الهرمون المُحفّز للدرقية كل 4-8 أسابيع منذ بداية العلاج بالليفوثايروكسين، وبشكل عام تعتمد الفترة الزمنية اللازمة للمتابعة وإجراء الفحص على عمر الطفل؛ فالأطفال الأكبر سنّاً يُمكنهم إجراء الفحص كل 3-12 شهراً إلى حين اكتمال نموّهم ودخولهم مرحلة البلوغ، في حين أنّ البالغين يخضعوا للفحص مرّة واحدة سنويّاً.ويُمكن إيجاز فترات المُتابعة حسب المرحلة العمرية على النحو التالي:
تصل توقّعات سير قصور الدرقية الخلقي إلى الحد الممتاز إذا عُولج المرض بالطريقة المُناسبة خلال الأسابيع الستة الأولى من عمر الطفل حديث الولادة، أمّا الأطفال المُصابون بقصور الدرقية المُكتسب فإنّ علاجهم لمدّة خمس سنواتٍ على الأقل قبل بدء مرحلة البلوغ سيُساهم في وصوله للطول الطبيعي، وفي هذا السياق يجب التنبيه إلى أنّ زيادة جرعة الليفوثايروكسين لا يُساهم في الوصول للطول الطبيعي، بل قد يؤثر سلباً في عملية نمو العظام.