المحتوى

كل شيء توقَّف.. والسعودية حاضرة.. حصار وطوق نجاة.. 3 قصص سعودية من إيطاليا

الكاتب: يزن النابلسي -

كل شيء توقَّف.. والسعودية حاضرة.. حصار وطوق نجاة.. 3 قصص سعودية من إيطاليا

 

في الوقت الذي اشتدت فيه الأزمة في إيطاليا، واستشرى فيروس كورونا المستجد في جسد روما، وتوقفت رحلات الطيران، وتركت الكثير من الدول رعاياها في تخبُّط وتشتت، كانت السعودية حاضرة ممثلة في سفارة خادم الحرمين في روما، وبعثاتها الدبلوماسية؛ وذلك لمد يد العون إلى المواطنين العالقين في أرجاء إيطاليا.
 
3 قصص من مناطق مختلفة في إيطاليا يرويها لـ”سبق” مواطنون، علقوا، وعلقت أسرهم في إيطاليا، وتقطعت بهم السبل، وحوصروا بفيروس قاتل، لا يُرى بالعين المجردة، فكانت لهم سفارة خادم الحرمين طوق نجاة بعد توجيه خادم الحرمين بإجلاء المواطنين الراغبين في العودة إلى وطنهم، وتوفير الرعاية الكاملة لهم.
 
 
ثقة بالسعودية
 
 
يروي خالد الحارثي (طبيب جراحة العظام) قصته التي تبدأ منذ لحظة وصوله إلى إيطاليا في شهر يناير الماضي لاستكمال بعثته في مستشفى ريزولي الرائد في جراحة العظام في مدينة بولونيا، ويقول: “في بداية الأمر كنت منشغلاً تمامًا بتدريبي في المستشفى؛ فأنا لا أتابع أي قنوات إخبارية، وليس لي اهتمام كبير بمواقع التواصل الاجتماعي، وأعتمد على ما أسمع من الزملاء في المستشفى، الذين لم يُبدوا اكتراثًا بالفيروس معتبرين ذلك تضخيمًا إعلاميًّا”.
 
ويضيف: “كانت جميع المحال التجارية تعمل، والناس في حركة دائمة وطبيعية.. غير أنه في شهر فبراير أُغلقت المدارس لمدة أسبوعين، ثم مددوا إغلاق المدارس، بل أغلقوا المساجد والكنائس وجميع أماكن التجمعات”. وتابع: “ولكن أثناء جلوسي في أحد المقاهي في بداية شهر مارس شاهدت نشرة الأخبار مصادفة، ووجدت كل الأخبار تتحدث عن كورونا، وتزايُد حالات الإصابة في إيطاليا، وفي الوقت نفسه أخبرني البروفيسور دوناتي الذي أعمل معه بأن كثيرًا من غرف العمليات في مستشفيات إيطاليا تم تحويلها إلى أسرَّة للعناية المركزة، وقد تُلغى كثير من العمليات الجراحية، وحفاظًا على سلامة بعض الجراحين سوف يبقون في المنزل إلا عند الحاجة”.
 
وهنا بدأ القلق يتسلل إلى قلب “الحارثي”، خاصة بعد أن تواصلت معه السفارة لتسجيل اسمه على آخر رحلة متوجهة إلى السعودية، كما رأى الخوف والقلق في أعين زملائه في المستشفى بعد أن بدأت إيطاليا حالة إغلاق كاملة لبعض أقاليمها التي ضربتها الجائحة بقسوة. مكالمة أخرى تلقاها “الحارثي” من سفارة خادم الحرمين بضرورة مغادرة إقليم إيميليا رومينيا، الذي تقع فيه مدينة بولونيا؛ وذلك لاحتمالية إغلاقه وعزله بالكامل لتزايُد حالات كورونا. وعلى الفور حزم أمتعته، وتوجه برفقة أسرته إلى روما، والقلق يساوره من غلق الحكومة مداخل ومخارج المدينة التي تبعد عن روما 5 ساعات بالسيارة أثناء توجهه إلى العاصمة الإيطالية.
 
ويتابع “الحارثي” بقية التفاصيل قائلاً: “في اليوم التالي وصلني اتصال من محمد الطرير بالملحقية الثقافية، والأستاذ فيصل من السفارة، وأخبراني بأنه توجد رحلة من روما إلى الدمام في اليوم نفسه”. وأردف: “في المطار كان هناك تكدس كبير من المسافرين من جنسيات مختلفة، لم يتمكنوا من المغادرة، ولا يجدون مَن يساعدهم. كان المنظر مهيبًا، وكان السعوديون مجتمعين مع موظفين من السفارة السعودية؛ لينهوا لهم إجراءات المغادرة. عندها تعرف قيمة الإنسان السعودي عند قيادته، وفي أصعب الظروف”.
 
ويضيف: “كان الجو العام بين موظفي السفارة السعودية والمواطنين جوًّا أخويًّا، أعطى جميع السعوديين في المطار راحة واطمئنانًا، وإحساسًا بالأمان؛ فلم يتركنا الإخوان من السفارة حتى سُلَّم الطائرة، وسهلوا لنا جميع إجراءات السفر”. ويلفت الطبيب السعودي إلى ثقته الكبيرة بالقيادة السعودية، وسفارتها وملحقيتها في روما. وبالإشارة إلى ما دار بينه وبين بعض زملائه المتدربين من دول مختلفة من حوار حول صعوبة أن توفر له السعودية رحلة طيران لمغادرة إيطاليا، يقول: “أخبرتُ زملائي باحتمالية مغادرتي، فابتسموا قائلين (لا توجد خطوط طيران للخروج من إيطاليا، وبما أنك في إيطاليا ستبقى في إيطاليا)، فأجبتهم بابتسامة الواثق بالله ثم بقيادتنا بأن لدينا دولة عظيمة، لا تتخلى عن مواطنيها في أصعب الظروف، وسوف يوفرون لنا رحلات جوية في طائرات خاصة إذا لزم الأمر. وهو ما حدث بالفعل”.
 
قلق وخوف تبدَّلا إلى أمل
 
 
قصة أخرى من قلب إيطاليا، ترويها لنا أمل التويجري التي تدرس بإحدى جامعات مدينة بولونيا، وفوجئت بتدهور الأوضاع في البلاد بشكل سريع من جراء الجائحة، وعاشت فترات من القلق، فتقول: “ساءت الأوضاع بشكل متفاقم وسريع جدًّا في إيطاليا، وسرعان ما بدأ المرض الوصول إلى بولونيا، وتوافق ذلك فترة الاختبارات النصفية”. وتضيف: “وفي العاشر من مارس أعلنت الحكومة حالة الطوارئ، وحظر التجوُّل، وإغلاق الحدود بين المدن، وكنت قلقة بشدة من ألا أستطيع العودة إلى السعودية نظرًا لكل قيود الحركة المفروضة، ومن فكرة أنني عالقة لمدة لا أعلم نهايتها”.
 
الخوف والقلق كانا رفيقَيْن لـ”التويجري” بعد أن تفاقمت الأوضاع من حولها، وتعبِّر عن ذلك بقولها: “كانت مظاهر الحياة شبه منعدمة، والشوارع فارغة، ووسائل النقل متوقفة. كان كل شيء مغلقًا باستثناء المحال الغذائية والصيدليات، كما أُغلقت أيضًا الجامعات، وفُرض التعليم عن بُعد”. وبالرغم من أن الطالبة السعودية أخذت احتياطاتها جيدًا من ناحية توفير حاجاتها مبكرًا إلا أن الضغط النفسي كان هائلاً، فتقول: “كان التركيز على الدراسة في ظل الجو المتوتر من أصعب الأمور التي واجهتها؛ فالضغط النفسي كان كبيرًا في ظل عدم معرفة الكثير، وعدم القدرة على التنقل”. وتتابع: “كنت على تواصل مع السفارة قبل فرض حظر التجوُّل لمعرفة الإجراءات اللازمة، وبعد فرضه مباشرة تلقيت مكالمة من السفارة، وطُلب مني الخروج من مدينة بولونيا بأسرع وقت، والتوجه إلى روما”.
 
وتروي “التويجري” تفاصيل وصولها إلى روما قبيل صعودها للطائرة التي أقلتها إلى الوطن، وتقول: “حزمتُ أمتعتي على عجل، ووفرتْ لي السفارة وسيلة النقل في صباح اليوم التالي، وهو يوم تطبيق الحظر، وكانت رحلة موحشة؛ فالطريق خالٍ إلا من حافلات الجيش، وبعض السيارات. وبالرغم من تخوفي من أن تستوقفنا الشرطة إلا أن السفارة حرصت على تزويدي بتصاريح التنقل الرسمية”. مضيفة: “رغم انشغال السفارة بأعداد مهولة من المواطنين العالقين في شتى أنحاء إيطاليا إلا أن الإخوة هناك كانوا حريصين جدًّا، وبقوا على تواصل دائم إلى أن وصلتُ روما بسلام، ومنها إلى أرض الوطن بعد أن قامت السفارة بالتعاون مع شركة أرامكو السعودية بتنسيق عملية إجلاء المواطنين السعوديين من إيطاليا إلى السعودية”. وتختتم: “لا تسعني الكلمات للتعبير عن مشاعر الامتنان للجهود المبذولة كافة، وتناغُم الجهات الحكومية كافة، وتكاتف الجهود في ظل هذه الأزمة”.
 
 
حيرة وقلة حيلة
 
 
اختبر المواطن محمد موقفًا أكثر صعوبة، وأشد بأسًا؛ إذ كانت أسرته الصغيرة عالقة وسط الجائحة، وكان هو في الرياض، يعيش في قلق بالغ، وكلما استمع للأخبار القادمة من إيطاليا زادت حيرته، وقلة حيلته؛ فما كان منه إلا الاتصال بسفارة خادم الحرمين في روما؛ لعله يجد مخرجًا لأزمته.
 
وتبدأ تفاصيل قصته بقوله: “في العادة أنا كثير السفر لإيطاليا لظروف عملي وتجارتي، ودائمًا ما اصطحب أسرتي، خاصة أن ابني يدرس هناك في الصف الابتدائي، وقد تركت عائلتي في منتصف يناير في مدينة ميلان، وعدت للرياض، ولم نكن نعرف شيئًا وقتئذ عن كورونا إلا على استحياء”. ويضيف: “عندما اشتدت الجائحة، وبدأت إيطاليا في فرض حظر التجول والإغلاق، قمتُ بالاتصال فورًا بالسفارة، وتفاعلوا معي مباشرة، وخصوصًا الأخ تركي، الذي قام بالتواصل معي خلال 48 ساعة من مكالمتي، وأمَّنوا لهم سيارة لإجلائهم من ميلان إلى روما؛ إذ كانت الجائحة قد انتشرت في شمال إيطاليا، وتوقفت جميع وسائل المواصلات؛ ومُنعوا من الخروج من المنازل”.
 
وأردف: “بعد ذلك اتصلوا للحصول على موقع المنزل في ميلان، وصور جوازات السفر للأسرة، وتواصلوا مع زوجتي؛ ليمر عليها سائق إحدى شركات النقل الخاصة، وأجلوهم إلى روما التي تبعد مسافة نحو 700 كيلو”. وتابع: “تم إجلاؤهم من مطار روما على رحلة إلى الدمام، وهناك استقبلوهم، وأسكنوهم في أحد الفنادق (خمس نجوم) المخصصة للحجر الصحي في الخُبر لمدة 17 يومًا، كما أجروا لهم مرتين تحليل كورونا”. وأشار إلى عناية المسؤولين واهتمامهم بوصول أسرته بسلام إلى باب المنزل في الرياض بعد انتهاء فترة الحجر الصحي بحسب الترتيبات والتدابير المتخذة؛ إذ لم يُسمح له بالذهاب إلى مدينة الخُبر لاصطحاب الأسرة للوقاية والاحتراز في مثل تلك الحالات.
 
 
 
شارك المقالة:
40 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook