شاشة العظام (Osteoporosis) تعني: العظام المنخورة. تؤدي الإصابة بمرض هشاشة العظام إلى إضعاف العظام لتصبح هشة، إلى درجة أن مجرد القيام بأعمال بسيطة جداً تحتاج إلى أقل قدر من الضغط، كالانحناء إلى الأمام أو رفع مكنسة كهربائية أو حتى السعال، قد يسبب كسوراً في العظام. يعود سبب ضعف العظام هذا، في معظم الحالات، إلى النقص في مستوى الكالسيوم والفُسفور، أو النقص في معادن أخرى في العظام.
قد تؤدي الإصابة بمرض هشاشة العظام، في الغالب، إلى كسور في العظام، معظمها في عظام العمود الفقري، الحوض، الفخذين أو مفصل كف اليد. وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن هذا المرض يصيب في الغالب السيدات، إلا أن هشاشة العظام قد تصيب الرجال أيضاً. وبالإضافة إلى المصابين بمرض هشاشة العظام، هنالك الكثيرون أيضاً ممن يعانون من هبوط كثافة العظام.
ما من وقت متأخر جداً أو مبكر جداً ليقوم الإنسان ببعض الأمور لمنع ظهور هشاشة العظام. ويستطيع كل إنسان اتخاذ تدابير معينة للحفاظ على سلامة عظامه وتمتينها مدى الحياة.
تتّسم المراحل المبكرة من ضعف الكتلة العظمية (Bone mass)، بأنها تخلو عادةً من الآلام أو أية أعراض أخرى.
لكن، منذ لحظة ظهور ضعف أو ضمور في العظام من جراء الإصابة بمرض هشاشة العظام، قد تبدأ بعض أعراض هشاشة العظام بالظهور، من بينها:
عملية تجدّد الأنسجة العظمية:
لم يتوصل العلماء بعد لفهمٍ تامٍّ لمجمل الأسباب التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، لكن هذه العملية تتعلق بكيفية بناء العظام. فالعظم يتبدل باستمرار، إذ تنشأ أنسجة عظمية جديدة وتتحلل (تتفكك) أنسجةً قديمة. وتعرف هذه العملية بعملية تجدّد أو إعادة بناء النسيج العظمي، أو تبدّل النسيج العظمي.
تحدث الدورة الكاملة لتجدّد العظام في غضون فترة زمنية تقدر بثلاثة أشهر. يعمل الجسم - لدى صغار السن - على إنتاج النسيج العظمي الجديد بوتيرة أسرع مما يستغرقه تفكك أو تحلل الأنسجة العظمية القديمة. أي أن الكتلة العظمية تزداد باستمرار عند صغار السن. وتبلغ الكتلة العظمية أوجها في منتصف العقد الثالث من عمر الإنسان.
ثم تتواصل عمليات تجدد الأنسجة العظمية، لاحقاً، لكن الجسم يفقد أنسجة عظمية أكبر من تلك التي يستطيع أن ينتجها. فلدى السيّدات في مرحلة الإياس ("سن اليأس" - انقطاع الطمث)، تزداد وتيرة تضاؤل حجم الأنسجة العظمية باستمرار، جراء الهبوط الحاد الذي يطرأ في مستوى تركيز هرمون الأستروجين في الدم. وبالرغم من كثرة العوامل التي تؤثر على فقدان الأنسجة العظمية، إلا أن السبب الرئيسي للفقدان المتزايد للأنسجة العظمية لدى السيدات يعود إلى هبوط مستويات إنتاج الأستروجين خلال فترة انقطاع الطمث.
ترتبط درجة الخطورة لإصابة شخص ما بتخلخل العظام بكمية الأنسجة العظمية التي تكون قد تراكمت في جسمه خلال الفترة العمرية الممتدة بين سن 25 و 35 عاماً (أوج كمية الأنسجة العظمية)، كما ترتبط بالسرعة التي يفقد فيها الشخص الأنسجة العظمية فيما بعد. كلما كبر حجم الكتلة العظمية في أوجها كلما كان لدى الشخص مخزون أكبر من الكتلة العظمية، وبذلك يقل خطر الإصابة بهشاشة العظام في سن متقدمة، نسبياً.
في حال وجود نقص في استهلاك كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين (د) (Vitamin D) خلال العقود الثلاثة الأولى من حياة الإنسان، قد يؤدي ذلك إلى هبوط في الكتلة العظمية في جسم هذا الشخص عند بلوغه السن التي تبلغ فيها الكتلة العظمية أوجها، مما يؤدي إلى فقدان هذا الشخص كتلة عظمية بسرعة أكبر نسبياً فيما بعد.
العوامل التي تساهم في تحسين صحة العظام:
هنالك ثلاثة عوامل حيوية تساهم في تحسين صحة العظام على امتداد سني العمر:
هنالك عدة عوامل قد تزيد من خطر الإصابة بمرض هشاشة العظام، من بينها:
على الرغم من أن غالبية المصابين بمرض هشاشة العظام يشفون جيداً، بفضل الحلول الجراحية المتقدمة والحديثة، إلا أن الكسور التي قد تحدث في حوض الفخذين قد تتسبب في حصول عجز لدى المصاب، بل قد تؤدي للوفاة في بعض الأحيان، من جراء التعقيدات التي قد تنشأ في أعقاب العمليات الجراحية، وخاصة ً لدى المتقدمين في السن. كذلك، فإن الكسور في أكفّ اليدين هي من الكسور الواسعة الانتشار بين مصابي مرض هشاشة العظام، والتي تنجم في الغالب عن حوادث السقوط.
قد تحدث كسور في العمود الفقري، في بعض الحالات، دون التعرض لضربات أو لحوادث سقوط، لمجرد وجود ضعف في عظام الظهر (الفقرات)، إلى درجة أنها تبدأ بالانضغاط (الانطباق) فقرة فوق أخرى. ويسبب انضغاط الفقرات آلاماً حادة في الظهر تستدعي فترة استشفاء طويلة.
قد يؤدي ظهور عدد كبير من الكسور إلى فقدان بعض السنتيمترات من الطول، وتحول الوضعية إلى الانحناء.
فحص كثافة العظام (Dual energy X - ray absorptiometry - DEXA):
تعد طريقة تصوير كثافة العظام بتقنية DEXA (قياس امتصاص العظم بواسطة الأشعة السينية المزدوجة) طريقة التصوير الأفضل. هذا الإجراء سهل وسريع ويعطي نتائج عالية الدقة. يتم في هذا الفحص قياس كثافة العظام في العمود الفقري وعظمة الحوض ومفصل كف اليد، والتي هي أكثر المناطق اعرضة في الجسم للإصابة بمرض هشاشة العظام. كما يستخدم هذا الفحص لرصد ومتابعة التغيرات التي تحصل في هذه العظام مع مرور الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، ثمة فحوص أخرى يمكن بواسطتها قياس كثافة العظام، بدقة متناهية ومنها:
متى ينبغي الخضوع للفحص؟
تنصح المنظمة الأمريكية القومية لهشاشة العظام السيدات اللواتي لا تتلقين أياً من العلاجات التي تحتوي على هرمون الأستروجين، بالتوجه لإجراء فحص لكثافة العظام، في حال:
أما لدى الرجال، فلا ينصح الأطباء عادةً بإجراء فحص للكشف المبكر عن هشاشة العظام، نظراَ لأن هشاشة العظام أقل شيوعاً بين الرجال.
كان العلاج الهرموني (Hormonal therapy - HT) يشكل، في الماضي، علاج هشاشة العظام الأساسي. لكن وبسبب ظهور بعض الإشكاليات المتعلقة بسلامة ومأمونية استعماله، وبسبب توفر أنواع أخرى من العلاجات اليوم، بدأت وظيفة العلاج الهرموني في علاج هشاشة العظام تختلف وتتبدل.
فقد تم ردّ معظم المشكلات إلى العلاجات الهرمونية التي تؤخذ عن طريق الفم بشكل خاص، سواء كانت هذه العلاجات تشمل البروجستين (Progestin – وهو بروجستيرون تخليقيّ - Synthetic Progesterone) أم لا. وإذا ما أوصى الطبيب بتلقي علاج هرموني، فبالإمكان الحصول على العلاج الهرموني، اليوم، بعدة طرق، منها مثلاً: اللاصقات، المراهم أو الحلقات المهبلية (Vaginal rings).
في كل الأحوال، يتوجب على المريض التمعن في الإمكانيات العلاجية المتاحة أمامه، مع استشارة الطبيب لضمان الحصول على علاج هشاشة العظام الأنسب والأنجع.
وصفة دواء طبية:
إذا كان علاج هشاشة العظام الهرموني غير مناسب لمريضٍ ما، وإذا لم يساعد تغيير النظام الحياتي للمريض في السيطرة على هشاشة العظام، فهنالك أنواع من العقاقير الدوائية التي تعطى بوصفة طبية وتعد ناجعةً في إبطاء فقدان الكتلة العظمية، بل وقد تساعد كذلك في زيادة الكتلة العظمية مع مرور الوقت.
علاجات الطوارئ:
لقد ثبت أن نوعاً معيناً من العلاجات الطبيعية (Physiotherapy) تساعد في تخفيف حدة الألم بشكل ملحوظ، كما تساعد أيضاً في تحسين ثبات قوام الجسم وتقليل خطر الإصابات جراء السقوط، لدى النساء اللواتي تعانين من هشاشة العظام، في موازاة الانحناء في العمود الفقري. ترتكز طريقة العلاج الطبيعي في علاج هشاشة العظام على الدمج بين جهاز يدعى Spinal weighted Kypho - orthosis) WKO)- وهو عبارة عن جهاز خاص يتم تركيبه على الظهر يقوم بدعم الظهر بواسطة تركيز ثقل الجسم في الجزء السلفي من العمود الفقري - وبين التمارين الجسدية الرامية إلى شدّ الظهر.
يتم ربط الجهاز على الظهر مرتين يومياً: لمدة 30 دقيقة في الفترة الصباحية و30 دقيقة أخرى في فترة ما بعد الظهر، مع القيام بتمارين خاصة لشد الظهر، إذ يقوم المصاب بأداء التمارين عشر مرات في كلٍّ من الفترتين.
يشكل استهلاك كميات كافية من الكالسيوم ومن فيتامين (د) عنصراً هاماً وحاسماً في تقليل أخطار الإصابة بمرض هشاشة العظام، بشكل ملحوظ. وعند ظهور علامات مرض هشاشة العظام، من الضروري الحرص على استهلاك كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين (د)، بالإضافة إلى الوسائل والتدابير الإضافية، لأن من شأن ذلك أن يساعد كثيراً في الحد من، بل منع، استمرار ضعف العظام. ويمكن، في بعض الحالات، حتى تعويض الكتلة العظمية التي تم فقدانها بكتلة عظمية جديدة.
تختلف كميات الكالسيوم التي يتوجب استهلاكها للحفاظ على سلامة العظام، باختلاف المراحل العمرية. ففي مرحلتي الطفولة والبلوغ، يحتاج الجسم إلى كميات كبيرة جداً من الكالسيوم، إذ يكبر الهيكل العظمي خلالهما بسرعة. وكذلك الأمر، أيضاً، في فترتيّ الحمل والإرضاع. كما تحتاج السيدات اللواتي يبلغن سن انقطاع الطمث، وكذلك الرجال في سن متقدمة، إلى كمياتٍ كبيرة أيضاً من الكالسيوم. فكلما تقدم الإنسان في العمر، تقل قدرة جسمه على امتصاص الكالسيوم، فضلاً عن أنه من المرجح أن يحتاج إلى علاجات معينة من شأنها أن تعيق قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم.
قد تساهم بعض النصائح المدرجة هنا في تحسين الوقاية من فقدان الكتلة العظمية: