الحب أجمل شعور في الوجود، والفراق تلك النار التي تكوي القلب عند البعد عن المحب، فالحب يلون الحياة بألوان ربيع زاهية، والفراق يجعلها كئيبة رمادية اللون، الحب هو حياة القلب، والفراق هو موت للقلب وكل مشاعر الإنسان، فقد أحضرنا لكم باقة من أجمل العبارات عن الحب والفراق.
قصيدة فراق ومن فارقت غير مذمم للشاعر المتنبي، اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي أبو الطيب، وقد ولد بالكوفة في مكان يُسمّى كندة وإليها تمّ نسبته، وترعرع بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، ويعتبر المتنبي من أشعر شعراء العرب وأكثرهم حكمةً وفصاحةً، وله الكثير من الأمثال السائرة والحكم بالغة المعاني.
فِراقٌ وَمَنْ فَارَقْتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
وَمَا مَنزِلُ اللّذّاتِ عِندي بمَنْزِلٍ
سَجِيّةُ نَفْسٍ مَا تَزَالُ مُليحَةً
رَحَلْتُ فكَمْ باكٍ بأجْفانِ شَادِنٍ
وَمَا رَبّةُ القُرْطِ المَليحِ مَكانُهُ
فَلَوْ كانَ ما بي مِنْ حَبيبٍ مُقَنَّعٍ
رَمَى وَاتّقى رَميي وَمن دونِ ما اتّقى
إذا ساءَ فِعْلُ المرْءِ ساءَتْ ظُنُونُهُ
وَعَادَى مُحِبّيهِ بقَوْلِ عُداتِهِ
أُصَادِقُ نَفسَ المرْءِ من قبلِ جسمِهِ
وَأحْلُمُ عَنْ خِلّي وَأعْلَمُ أنّهُ
وَإنْ بَذَلَ الإنْسانُ لي جودَ عابِسٍ
وَأهْوَى مِنَ الفِتيانِ كلّ سَمَيذَعٍ
خطتْ تحتَهُ العيسُ الفلاةَ وَخالَطَتْ
وَلا عِفّةٌ في سَيْفِهِ وَسِنَانِهِ
وَمَا كُلّ هَاوٍ للجَميلِ بفاعِلٍ
فِدىً لأبي المِسْكِ الكِرامُ فإنّهَا
أغَرَّ بمَجْدٍ قَدْ شَخَصْنَ وَرَاءَهُ
إذا مَنَعَتْ منكَ السّياسةُ نَفْسَها
يَضِيقُ على مَن راءَهُ العُذْرُ أن يُرَى
وَمَن مثلُ كافورٍ إذا الخيلُ أحجَمَتْ
شَديدُ ثَباتِ الطِّرْفِ والنقعُ وَاصِلٌ
أبا المسكِ أرْجو منك نصراً على العِدى
وَيَوْماً يَغيظُ الحاسِدينَ
وَلم أرْجُ إلاّ أهْلَ ذاكَ وَمَنْ يُرِدْ
فَلَوْ لم تكنْ في مصرَ ما سرْتُ نحوَها
وَلا نَبَحَتْ خَيلي كِلابُ قَبَائِلٍ
وَلا اتّبَعَتْ آثَارَنَا عَينُ قَائِفٍ
وَسَمْنَا بها البَيْدَاءَ حتى تَغَمّرَتْ
قصيدة كلُّ قصيدة كلُّ حبّ للشاعر أنسي الحاج، هو شاعر لبناني معاصر، ولد عام 1937م، وقد تعلم في معهد الحكمة، وهو على مقاعد الدراسة الثانوية بدأ ينشر قصصاً قصيرة وأبحاثاً وقصائد، تولى الشاعر أنسي الحاج رئاسة تحرير العديد من المجلات إلى جانب عمله الدائم في جريدة النهار، وبينها الحسناء والنهار العربي والدولي، ومن دواوينه الشعرية: ديوان لن، وديوان الرأس المقطوع، وديوان ماضي الأيام الآتية وغيرها الكثير من الدواوين الشعرية.
كلُّ قصيدةٍ هي بدايةُ الشعر
كلُّ حبٍّ هو بدايةُ السماء.
تَجذري فيّ أنا الريح
اجعليني تراباً.
سأعذبكِ كما تُعذب الريحُ الشجَرَ
وتمتصّينني كما يمتصُّ الشجرُالتراب.
وأنتِ الصغيرة
كلُّ ما تريدينه
يُهدى إليكِ الى الأبد.
مربوطاً إليكِ بألم الفرق بيننا
أنتَزعُكِ من نفسكِ
وتنتزعينني،
نتخاطف الى سكرة الجوهريّ
نتجدّد حتى نضيع
نتكرّر حتى نتلاشى
نغيبُ في الجنوح
في الفَقْد السعيد
ونَلِجُ العَدَم الورديّ خالصَين من كلّ شائبة.
ليس أنتِ ما أُمسك
بل روح النشوة.
... وما إن توهّمتُ معرفةَ حدودي حتى حَمَلَتني أجنحةُ التأديب الى الضياع.
لمنْ يدّعي التُخمةَ، الجوعُ
ولمن يعلن السأمَ، لدغةُ الهُيام
ولمن يصيح » لا! لا!«، ظهورٌ موجع لا يُرَدّ
في صحراء اليقين المظفَّر.
ظهورٌ فجأةً كدُعابة
كمسيحةٍ عابثة
كدُرّاقةٍ مثلَّجة في صحراء اليقين،
ظهوركِ يَحني الرأسَ بوزن البديهة المتجاهَلَة
فأقول له » نعم! نعم! «،
والى الأمام من الشرفة الأعلى
كلّما ارتميتُ مسافة حبّ
حرقتُ مسافةً من عمر موتكَ
كائناً من كنتَ!...
ترتفعُ
ترتفع جذوركِ في العودة
تمضي
واصلةً الى الشجرةِ الأولى
أيّتها الأمُّ الأولى
أيتها الحبيبةُ الأخيرة
يا حَريقَ القلب
يا ذَهَبَ السطوح وشمسَ النوافذ
يا خيّالةَ البَرق المُبْصر وجهي
يا غزالتي وغابتي
يا غابةَ أشباح غَيرتي
يا غزالتي المتلفّتة وسط الفَرير لتقول لي: اقتربْ،
فأقترب
أجتاز غابَ الوَعْر كالنظرة
تتحوّل الصحراء مفاجرَ مياه
وتصبحين غزالةَ أعماري كلّها،
أفرّ منكِ فتنبتين في قلبي
وتفرّين منّي
فتعيدكِ إليّ مرآتكِ المخبأة تحت عتبة ذاكرتي.
يداكِ غصونُ الحرب
يداكِ يدا الثأر اللذيذ مني
يدا عينيكِ
يدا طفلةٍ تَرتكب
يداكِ ليلُ الرأس.
تُسكتينني كي لا يسمعونا
ويملأُ الخوفُ عينيكِ
مُدَلّهاً مختلجاً بالرعب
كطفلٍ وُلد الآن.
تنسحب الكلمات عن جسدكِ
كغطاءٍ ورديّ.
يَظهر عُريكِ في الغرفة
ظهورَ الكلمة الأوحد
بلا نهائيّةِ السراب في قبضة اليد.
مَن يحميني غابَ النهار
مَن يحميني ذَهَبَ الليل.
ليس أيَّ شوقٍ بل شوقُ العبور
ليس أيَّ أملٍ بل أملُ الهارب الى نعيم التلاشي.
فليبتعد شَبَحُ الخطأ
ولا يقتحْمنا باكراً
فيخطف ويطفىء
ويَقتل ما لا يموت
لكي يعيش بعد ذلك قتيلاً.
الحبّ هو خلاصي أيّها القمر
الحبّ هو شقائي
الحبّ هو موتي أيّها القمر.
لا أخرج من الظلمة إلاّ لأحتمي بعريكِ ولا من النور إلاّ لأسكر بظلمتك.
تربح عيناكِ في لعبة النهار وتربحان في لعبة الليل.
تربحان تحت كلّ الأبراج وتربحان ضدّ كل الأمواج.
تربحان كما يربح الدِين عندما يربح وعندما يَخْسر.
وآخذ معي وراءَ الجمر تذكارَ جمالكِ أبديّاً كالذاكرة المنسيّة،
يحتلّ كلَّ مكان وتستغربين
كيف يكبر الجميع ولا تكبرين.
ذَهَبُ عينيكِ يسري في عروقي.
لم يعد يعرفني إلاَّ العميان
لأنهم يرون الحبّ.
ما أملكه فيكِ ليس جسدكِ
بل روحُ الإرادة الأولى
ليس جسدك
بل نواةُ الجَسد الأول
ليس روحكِ
بل روحُ الحقيقة قبل أن يغمرها ضباب العالم.
الشمس تشرق في جسدكِ
وأنتِ بردانة
لأن الشمس تَحرق
وكلّ ما يَحرق هو بارد من فرط القوّة.
كلّ قصيدةٍ هي قَلْبُ الحبّ
كلّ حبٍّ هو قلبُ الموت يخفق بأقصى الحياة.
كلّ قصيدةٍ هي آخرُ قصيدة
كلّ حبٍّ هو آخرُ الصراخ
كلّ حبٍّ، يا خيّالةَ السقوط في الأعماق، كلّ حبٍّ هو الموت حتى آخره،
وما أُمسكه فيكِ ليس جسدكِ
بل قَلْبُ الله
أعصره وأعصره
ليُخدّر قليلاً صراخُ نشوتِهِ الخاطفة
آلامَ مذبحتي الأبديّة.
الخاطرة الأولى:
قرع الفراق بابي، وحين فتحت له أعطاني وردة الحب الآتي، وهذا العمر كله لا يكفيني لأقول كم أحبك، إنه أقصر من أن يتسع للرحلة معك وأطول من أن نقضيه في الفراق، وكنت أعرف منذ البداية أن كل حبٍّ كبيرٍ هو مشروع فراق كبيرٍ، وحتّى بعد أن نفترق سأظل لا أملك إلا أن أحبك، أنت ستكتشف ذلك فيما بعد بنفسك لأنّك ستظل تحبني.
الخاطرة الثانية:
إنّما الحبيب وجود حبيبه لأنّ فيه عواطفه، فعند الفراق تنتزع قطعة من وجودنا فنرجع باكين ونجلس في كل مكان محزونين كأن في قلوبنا معنى من المناحة على معنى من الموت، فترى العمرَ يتسلّلُ يومًا فيومًا ولا نشعُر به، ولكن متى فارقنا من نحبهم نبّه القلبُ فينا بغتةً معنى الزمن الراحل، فكان من الفراق على نفوسنا انفجارٌ كتطايرِ عدةِ سنينَ من الحياة.
الرسالة الأولى:
ماذا لو اخترعنا طريقةً مغايرةً في الحب؟
لمَ لا نبدأ من الخاتمة؟
نفترق، ثمّ نلتقي إلى الأبد.
الرسالة الثانية:
لا ترضى بنصف حبٍّ..
ولا بنصف فراقٍ..
إمّا كل شيءٍ أو لا شيء على الإطلاق..
الرسالة الثالثة:
الحب الحقيقي لا يطفئه حرمان..
ولا يقتله فراق..
ولا تقضي عليه أية محاولة للهرب منه..
لأنّ الطرف الآخر يظل شاخصًا في الوجدان..