في قوله تعالى: ? لِتَزُ?ولَ ? [إبراهيم: 46] قراءتان: الأكثر على: لِتزولَ.
وقرأ الكسائي: لَتزولُ.
والمعنى على قراءة الأكثر تهوينُ مكرهم، أي ما كان لتزول منه الجبال.
لكن قال ابنُ عطية في المحرر الوجيز:
(وتحتمل عندي هذه القراءة أنْ تكون بمعنى تعظيم مكرهم، أي: وإن كان شديدًا إنما يُفعل لتذهب به عظامُ الأمور).
ثم قال عن قراءة الكسائي:
(وهي قراءة ابن عباس، ومجاهد، وابن وثاب... ومعنى الآية: تعظيم مكرهم وشدته، أي أنه مما يُشقى به ويزيل الجبال من مستقراتها بقوته. ولكن الله تعالى أبطله، ونصر أولياء، وهذا أشدُّ في العبرة).
ويَظهر من هذا ميلُهُ إلى هذا المعنى على كلا القراءتين.
وبهذا المعنى فسّر الآية ابنُ الأنباري:
قال ابنُ الجوزي في زاد المسير عن قراءة الكسائي:
(أراد: قد كادت الجبال تزولُ من مكرهم، كذلك فسّرها ابنُ الأنباري).
وقال مكي في مشكل إعراب القرآن:
(وقد رُوي عن علي...وعمر ...أنهما قرءا: وإن كاد مكرهم لَتزولُ بفتح اللام الأولى وضم الثانية، وكاد في موضع كان).
وكذلك فُسِّرت في المعين على تدُّبر الكتاب المبين.
? ? ?
? رحيل عالم:
رحل هذه الليلة (قبل فجر الجمعة التاسع من ذي القعدة 1437هـ) في مدينة إربيل في شمال العراق: العالم الجليل، والصديق النبيل، الأديب الأريب، الصالح الفالح، المهاجر الصابر، الأستاذ الشيخ مكي بن حسين الكبيسي الفلوجي.
كان الشيخ من أهل الحديث، وله آثار قيمة، منها:
? الإمام شعبة بن الحجّاج ومكانته بين علماء الجرح والتعديل (وهي رسالة ماجستير).
? أساليب المبتدعة في الطعن بالسُّنة (وهي رسالة دكتوراه).
ولا أجدُ ما أقوله الآن فيه إلا أنْ أستعير أبياتًا مِنْ قصيدة له قالها عام 1973م في رثاء الشيخ الكبير عبدالعزيز بن سالم السَّامرائي:
يا أيها الشيخ إنَّ العين دامعةٌ والقلب منذ رحلتم جدُّ ملتاعِ إني أصبِّر نفسي حين أذكرُكم والصبرُ ليس بمنقادٍ وطواعِ لكن آثارك العظمى تعلِّلني بعضَ التعللِ في حُسْن وإبداعِ جزاك ربُّك بالحسنى فأنتَ لها أهلٌ، وما اللهُ للحُسنى بمنّاعِ
وقبل أيامٍ جاء شخصٌ إلى الشيخ -رحمه الله- فقال له: يا شيخ رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن مكانك. فأشرتُ إلى المستشفى، فأخذ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيدك وأخذك معه. وظن أهله أنها إشارة إلى الشفاء والخروج من المستشفى، ولكن الشيخ فهم منها قرب الرحيل، فما زال يردِّد بعدها: إلى الحبيب خذوني.
شُيع الراحل بعد صلاة الجمعة، ودُفن في مُغتربه، بعيداً عن مدينته، ومسجده، ومكتبته.
رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن دينه خير ما جزى عالمًا عاملًا مستقيمًا.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
? ? ?
? السِّير الشعبية:
من السير الشعبية الكبرى: سيرة (حمزة البهلوان)، و(فيروز شاه بن الملك ضاراب)...
أحبَّ حمزة البهلوان العربي فتاةً فارسيةً هي ابنة كسرى (مهردكار)...
وأحبَّ فيروز شاه الفارسي فتاةً عربيةً هي ابنة ملك اليمن.
وفي السِّيرتين -وكلّ واحدةٍ في أربعة مجلدات - أحداث متلاحقة حافلة بالحبِّ، والحرب...
وأظنُّ أن فينا حاجةً إلى دراسة دوافع هذا الحب، وتلك الحرب، ومغزاهما ونتائجهما...لنعلم ما كان يريدُ الضميرُ الشعبيُّ أنْ يقوله، وما يتمناه، وما يريده، وما يطمح إليه...
قرأت السيرتين في حدود عام (1976م)، وأرجو أن تُتاح فرصةٌ لإعادةِ النظر فيهما، واستكناهِ مراميهما.
وكذلك لاستذكارِ لحظاتٍ قارّةٍ مِنْ أيامٍ ساكنةٍ، وليالٍ التمعَ فيها قمرُ بالٍ خالٍ مِنْ همومِ الحياةِ، ومشاكِلها، ومُشكلاتها.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.